"العمارة الخضراء والتكيف مع التغيرات المناخية" ندوة بجامعة كفر الشيخ    البابا تواضروس الثاني يهنئ شيخ الأزهر بقرب حلول عيد الأضحى المبارك    «التنسيقية».. علامة مضيئة في المشهد السياسي.. وحركت الحياة الحزبية    إنشاء محطتيْ دحرجة «رورو» وسفن سياحية بميناء السخنة    احتفالا بالعيد القومي.. افتتاح 3 شوارع جدد في كفر البطيخ بدمياط    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح المسوّق بالكامل لشركة «أرامكو»    وزير الخارجية الأمريكي: لن نسمح لحماس بتقرير مصير المنطقة وشعوبها    بكين: فرض ضرائب على السيارات الكهربائية الصينية "سيكون ضارا" بالاتحاد الأوروبي    مستشار الرئيس الفلسطيني: نشك في موقف أمريكا من وقف الحرب    نقيب الصحفيين المصريين يكشف بنود الاتفاقية مع الصحفيين الفلسطينيين    معسكر مغلق لسموحة استعدادا لبيراميدز وسامي يحذر لاعبيه    نجم برشلونة على رادار نيوكاسل يونايتد    أخبار الأهلي : أفشة يبحث عن عرض سعودي للرحيل عن الأهلي    حدث في اليورو.. كتيبة "قصار القامة" تبدأ رحلة المجد بلقب 2008    تأجيل محاكمة سفاح التجمع إلى 16 يوليو المقبل لفض الأحراز وطلبات الدفاع    عامل يتسبب فى حرق زوجته خلال مشاجرة بكرداسة    6 عروض بالقومي والكوميدي والعرائس والطفل والشباب والإسكندرية خلال عيد الأضحى    ثقافة المنيا: عروض فنية وأنشطة ترفيهية متنوعة خلال عيد الأضحى المبارك    بلينكن: نعمل مع شركائنا فى مصر وقطر للتوصل لاتفاق بشأن الصفقة الجديدة    الداخلية تكشف حقيقة وفاة طفل أثناء أداء مناسك الحج    فضل يوم عرفة والأدعية المستحبة فيه    أُعيد البناء 12 مرة.. كيف تغير شكل الكعبة عبر التاريخ؟    برنامج تدريبي توعوي لقيادات وزارة قطاع الأعمال العام والشركات التابعة لها    فحص 1349 مواطناً في قافلة طبية مجانية بقرية بساتين بركات بالشرقية    الرئيس السيسى يهنئ الملك تشارلز الثالث بذكرى العيد القومى    مصرع طالب تمريض صدمه قطار عند مزلقان كفر المنصورة القديم بالمنيا    ل برج الأسد والحمل والقوس.. ماذا يخبئ شهر يونيو 2024 لمواليد الأبراج الترابية؟    الأرصاد تحذر من طقس الغد، موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد    بدون زيادة.. «التعليم» تحدد المصروفات الدراسية بالمدارس الحكومية للعام الدراسي الجديد    البورصة تستقبل أوراق قيد شركة بالسوق الرئيسى تعمل بقطاع الاستثمار الزراعى    رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية ووفد كوري يتفقدان مشروعات تخرج طلاب الكلية المصرية- الكورية    رئيس الأركان يشهد مشروع مراكز القيادة الاستراتيجى التعبوي بالمنطقة الشمالية    ما هي أسعار أضاحي الجمال في عيد الأضحى ومواصفات اختيارها؟ (فيديو)    المفوضية الأوروبية تهدد بفرض رسوم على السيارات الكهربائية الصينية    مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف ART خلال إجازة عيد الأضحى 2024    جهود لضبط المتهمين بقتل سيدة مسنة بشبرا الخيمة    أبرزهم راقصي السامبا.. مواعيد مباريات اليوم الأربعاء    «الصحة» تنظم ورشة عمل لتعزيز قدرات الإتصال المعنية باللوائح الصحية الدولية    احتفالًا بعيد الأضحى.. السيسي يقرر العفو عن باقي العقوبة لهؤلاء -تفاصيل القرار    عزيز الشافعي: أغاني الهضبة سبب من أسباب نجاحي و"الطعامة" تحد جديد    رئيس إنبي: سنحصل على حقنا في صفقة حمدي فتحي "بالدولار"    "لا أفوت أي مباراة".. تريزيجية يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي    بيان الأولوية بين شعيرة الأضحية والعقيقة    الاستخبارات الداخلية الألمانية ترصد تزايدا في عدد المنتمين لليمين المتطرف    بتوجيهات رئاسية.. القوات المسلحة توزع عددا كبيرا من الحصص الغذائية بنصف الثمن    5 نصائح من «الصحة» لتقوية مناعة الطلاب خلال فترة امتحانات الثانوية العامة    «متحدث الصحة» يكشف تفاصيل نجاح العمليات الجراحية الأخيرة ضمن «قوائم الانتظار»    شبانة: حسام حسن عليه تقديم خطة عمله إلى اتحاد الكرة    «أوقاف شمال سيناء» تقيم نموذج محاكاه لتعليم الأطفال مناسك الحج    الجنائية الدولية تطلق حملة لتقديم معلومات حول جرائم الحرب فى دارفور    "مواجهة الأفكار الهدامة الدخيلة على المجتمع" ندوة بأكاديمية الشرطة    اليونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة يواجهون خطر الموت أمام أعين عائلاتهم    بطل ولاد رزق 3.. ماذا قال أحمد عز عن الأفلام المتنافسة معه في موسم عيد الأضحى؟    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    تفاصيل مشاجرة شقيق كهربا مع رضا البحراوي    نصائح لمرضى الكوليسترول المرتفع عند تناول اللحوم خلال عيد الأضحى    مسئول أمريكي: رد حماس على مقترح وقف إطلاق النار يحمل استفسارات    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيكل والإسلام والإسلاميون
نشر في المصريون يوم 20 - 02 - 2016

لا أنسى أبدًا ذلك الصباح من شتاء عام 2005م حين أتصل بى د.عبد الوهاب المسيرى ليخبرنى بأن أ.هيكل قرأ لى مقالاً كنت قد نشرته فى جريدة العربى الناصرى بعنوان (أ.هيكل.. وعاتب من رجوت عتباه) وكان ا.عبد الله السناوى رئيس تحرير الجريدة وقتها يطلب منى متكرمًا الكتابة لديه.. وأضاف د.عبد الوهاب أن أ.هيكل قرأه مرتين!.. ثم تطرق بنا الحديث إلى موقف ا.هيكل من الإسلام والتيار السياسى الإسلامى.. واقترح على د .عبد الوهاب أن نرشح له عدة كتب يقرأها لعلها تساعده فى تغيير وجهات نظره غير الإيجابية عن هذا التيار.. من جانبى رشحت كتاب د.عبد المنعم أبو الفتوح (مجددون لا مبددون) وكتاب ا.راشد الغنوشى (حركة الاتجاه الاتجاه الإسلامى).. ورشح هو كتاب العلامة على عزت بيجوفيتش (الإسلام بين الشرق والغرب).. وهو الكتاب الذى أثر كثيرًا وبعمق عمق فى الدكتور عبد الوهاب شخصيًا .. حرارة وجدية حديث د.عبد الوهاب أدهشتنى .. وما أدهشنى أكثر أنه _أخذ الموضوع بجد_ لكن دهشتى زالت حين اقتربت أكثر من د.عبد الوهاب وعرفت قدر الحب والاحترام بين الرجلين.. وعز على د.عبد الوهاب أن يكون موقف أ.هيكل على ما كان عليه.. وكان يرجو صادقًا من قلبه أن يتغير هذه الموقف.. وأذكر أنه حكى لى أنه دعى عددًا من الإسلاميين إلى عشاء فى بيته حضره أ.هيكل ولم أكن شرفت بعد بمعرفة د.عبد الوهاب.. ولم يخرج أ.هيكل بانطباعات جيدة عن هذا اللقاء.. الطريف أن أغلب من حضر هذا اللقاء من الإسلاميين تطورت مواقفهم بعدها نوعيًا من فكرة ومشروع(الإسلام الحضارى) واتخذوا مواقف شديدة الذاتية.. فيما يهيأ لك أنهم كانوا يعملون لحساب أنفسهم أكثر من عملهم لحساب هذا المشروع وهذه الفكرة وأتصور أيضًا أن هذا البعد لم يغب عن عقل وفهم شخص بمثل ذكاء أ.هيكل.. ستطلب دار النشر(هاربر كولينز) من الأستاذ هيكل تأليف كتاب عن الإسلاميين والحركة الإسلامية وسيتباطأ فى كتابته إلى أن يلغى اتفاقه معها . د.المسيرى خص أ.هيكل بفصل كامل فى مذكراته (البذور والجذور والثمار) وذكر فيه حجم وطبيعة العلاقة التى بينهما وأنا لا أنكر أننى تأثرت وجدانيًا بما ذكره د. المسيرى فى مذكراته وتأثرت أكثر بما قاله لى ولم ينشره.. ود عبد الوهاب كان رحمه الله من أهل الفضل والوفاء.. وظلت علاقته بالأستاذ هيكل على قوتها وحميميتها حتى وفاته وكان حريصًا على اللقاء الدائم بينهما يوم الأربعاء من كل أسبوع.. وأذكر أن أ.عبد الله السناوى قال لى ذات مرة إن د.المسيرى(مدلل)أ.هيكل.. له مكانة خاصة جدًا عنده.. يتصل به فى أى وقت.. ويذهب إليه فى أى وقت.. والمعروف عن أ.هيكل أن ذلك لم يكن مسموحًا به لأحد من المقربين إليه من تلاميذه وأصدقائه.. وقال لى أيضا أ.السناوى إن ا.هيكل كان حريصًا على أن يؤكد أن الإسلام هو العمق للحضارة والتراث الذى جاء منه وخرج إلى العالم.. وكان يرى أن أعظم ما أنتجته الحضارة الإسلامية أخذ منا وأضيف إلى التراث العالمى.. وأذكر أنى قرأت له حوارات كثيرة كان يؤكد فيها نشأته الإسلامية فى أحضان الحسين وعن حرص جده على تعليمه القرآن فى طفولته المبكرة بل تحدث مرة عن الحجاب قائلاً إن المرأة التى تحمى نفسها من الآخرين بملابسها جديرة بكل احترام.. كان أ. هيكل مستقيمًا فى أخلاقياته الاجتماعية فلم نسمع عنه شربه للخمر ولم نسمع عن علاقات خارج الزواج بل كان شديد الصرامة فى هذه الجوانب.. وقد أثر فى نفسى كثيرًا الأسلوب الذى كانت تتحدث به الدكتورة عائشة عبد الرحمن(بنت الشاطئ) عنه وعن حرصه على استضافتها كاتبة دائمة فى الأهرام ضمن مجموعة الحكماء الذى كان الدور السادس يمتلئ بهم فى الأهرام مكرمين معززين ماديًا وأدبيًا.. لم نسمع من ا.هيكل أقوالا متطرفة كتلك التى كان يرددها فرج فودة أو فؤاد زكريا أو سعيد العشماوى وتلك المجموعات من الذين يجهلون ما يتوهمون عرفانه. ولعل أجمل ما كان يستدعى انتباهك هى تلك الصداقة الودودة مع أ.فهمى هويدى (يصفه دائمًا بأستاذى وأستاذ كل الأجيال) والحكيم طارق البشرى.. وأذكر أن الدكتور العوا حكى لنا مرة عن اتصال من أ.هيكل يطلب مقابلته قائلاً له (تجينى ولا أجيلك؟) وبالطبع ذهب إلى زيارته د.العوا الخلوق المهذب وكان أ.هيكل وقتها شديد الضيق من محاكمات 1995م التى طالت عددًا من أعضاء مكتب الإرشاد فى جماعة الإخوان آنذاك ..
ليس من حقى ولا من حق أحد أن يذهب أبعد ويتطرق ملاحقًا ومحاكمًا للجوانب السلوكية من آداب وعبادة .. فهذا ليس من شأن البشر.. وكان موقفًا لافتًا وموفقًا أن تنشر (المصرى اليوم) حوارين للأستاذ هيكل أحدهما مع الأستاذ حسن البنا عام 1946م فى مجلة ( آخر ساعة) وأخذ يفيض ويستفيض فى مدح الرجل ودعوته والثانى مع الأستاذ حسن الهضيبى عام 1954م فى محبسه ونشر فى جريدة (أخبار اليوم).. وسأله السؤال الأصعب فى تاريخ الحركة الإسلامية :هل ترى أن الإسلام يبيح إنشاء تنظيمات سرية مسلحة للإرهاب وهل السياسة فى هذا البلد والحريات التى نتطلع إليها يمكن أن تسمح بقيام منظمات سرية مسلحة.. فأجاب الرجل: لست أنا من أنشأ التنظيم السرى أنشأه الأستاذ حسن البنا سنة 1946م لمحاربة الاحتلال والعصابات الصهيونية فى فلسطين لكن هذا التنظيم انحرف عن هدفه الأصيل واتجه إلى العنف و الاغتيال فلما جئت أنا من 3 سنوات أخرجت من الجماعة كل من يؤمن بالإرهاب المسلح وأقمت مكان النظام القديم نظامًا جديدًا حددت له أهدافه وهى أن يقوم أفراده بنشاط رياضى وكشفى.. ومشهور عن الأستاذ حسن الهضيبى قولته الشهيرة للإخوان وقتها وفى كل وقت (أقيموا دولة الإسلام فى قلوبكم تقم على أرضكم) وواضح من قصده اختيار طريق (بناء الإنسان) واستثمار كل جهد وجهاد فى هذا الجانب الأصعب والأخطر فى طريق الإصلاح والبناء الكاملين.. لكن للآسفات الشديدة كثير من الإسلاميين لا يقبلونه لأنه طريق طويل عابر للأجيال وهم يريدون ثمرات سريعة تمنح حياتهم جاهًا ونفوذًا وحشدًا واستعراضًا.. سامحهم الله وغفر لهم .. كان لافتا كما قلت أن تنشر (المصرى اليوم ) هذان الحواران تحديدًا.. بل وجهدًا وطنيًا مشكورًا من صاحب فكرته وتنفيذه داخل الجريدة وخارجها.. نعم وخارجها.. لأننى أكاد أفهم وأرى أن هناك جهات كثيرة داخل الدولة المصرية تريد لهذا السعار المشتعل أن ينطفئ ويختفى.. ويبدو أنهم فى حيرة ولا يعرفون ماذا يفعلون وكيف يفعلون!!
ولو كان المقصود الاحتفاء بذكرى أ. هيكل فما أكثر الأحاديث التى أجراها الرجل مع قامات كبيرة أخرى.. ثم إن الأوصاف التى ذكرها عن الأستاذ حسن البنا والكلام الذى ذكره على لسان الأستاذ حسن الهضيبى.. يشير إلى أن هناك كما قلت عقلاء كثيرين ينظرون إلى الأمور بمنظار الحقيقة والعدل والمصلحة الوطنية العليا.. خاصة وتحديدا ما قاله الأستاذ حسن الهضيبى لأن الجميع يعلم بعدها الخط الجديد الذى سار وامتد محملا بكل الأخطاء التى أنتجتها تلك الفترة العصيبة.. وأعتقد أن جزءًا كبيرًا مما حدث فى 1954 كان بسبب هذا الجهاز السرى المسلح والذى كان البكباشى ج.ح.عبد الناصر أحد أهم أعضاؤه.. وكانت علاقته مميزة بمؤسسة (عبد الرحمن السندى ) وكانت كراهية السندى للأستاذ حسن الهضيبى معروفة وكان تطاوله على الأستاذ حسن البنا فى حياته أيضًا معروف وذكره كثير من الإخوان فى مذكراتهم.. بالطبع هناك أسباب أخرى للصدام الذى حدث تتصل بالخارج والداخل ولكن كان من الممكن جدًا أن يكون هناك سيناريو مختلفًا عن ذاك الذى حدث.
كان الأستاذ هيكل بخبرته النافذة الثاقبة يرى أن الحركة الإسلامية الآن فى أضعف مراحلها قياسًا إلى الأربعينيات والخمسينيات كما قال فى أحد حواراته والرجل حاور وناقش أستاذين كبيرين من قادتها كما ذكرنا.. وهى بالفعل كذلك ولازالت.. فلم يكن الأمر فى حقيقته أكثر من (تحالف خبيث) بين تلاميذ السندى الخصم اللدود للبنا والهضيبى وبين جيل السبعينيات من شباب الجماعات الإسلامية الذى خرج من رحم الفوضى العارمة (فكريًا وأخلاقيًا واستراتيجيًا ) والتى كان يعج بها المجتمع بعد هزيمة 1967 وبعد حالة الخواء العام الذى قرره السادات على الجميع وما كان لهذا التحالف الخبيث الذى أجراه الطرفان وهم على وعى تام بمقتضياته.. أن ينتج شيئًا.. (وليس أفظع من جهل فاعل). تلاميذ السندى أنشأوا جماعة كبيرة من لا شىء تجعل لهم مكانًا ومكانة بعد سجون الخمسينيات والستينيات وتجعلهم يقطعون الطريق على تلاميذ البنا النجباء مثل فريد عبد الخالق وصالح أبورقيق وحلمى عبد المجيد وقد كانوا رجالاً كبارًا ذوى قيمة وحيثية تتضائل إلى جانبها كثيرًا قيمة تلاميذ السندى الذين اضطروا اضطرارًا للاستعانة بالأستاذ عمر التلمسانى ليمنحهم شرعية وللأسف لم ينتبه أ.عمر لذلك إلا متأخرًا.. وشباب الجماعات من جانبه أخذ عمقا تاريخيًا واسما كبيرًا يمنح قادته وزعماؤه مساحات واسعة للانتشار السريع فى المجتمع حاصدين من ذلك كله قوة وجاها ومالا وهيمنة.. وتجربة الثمانينيات والتسعينيات وحتى ثورة يناير وما بعدها مليئة بالمواقف المؤسفة.. وبين الطرفين غابت (الحقيقة المجردة الخالصة) ووصلت الأمور إلى ما يحياه الوطن الآن.. وصدق الله العظيم القائل سبحانه (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ)..( وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِى مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِى مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّى مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا) فى هذا المجال لا مكان لمزاحمة طموحات الدنيا ومطالبها ب(الحقيقة المجردة الصادقة الخالصة).. أطلب الدنيا ما تشاء ولك كل الحق فى نطاق حلالها وحرامها.. لكن هذه المزاوجة غير ممكنة.. ولعل هذا هو درس الدروس فيما جرى وكان.. ولعل هذا الضعف الذى رأه أ.هيكل لم يغره بكتابة كتاب عن كل هذه الحشود الهشة والاستعراضات الخادعة وقد تبين للجميع حقيقة كل ذلك دونما أى مزايدة بثرثرات فارغة.. فأول تصويبك للخطأ أنت تعرف أنك كنت مخطئا وعمومًا (الإخلاص بعيد المنال ولا يدرك إلا بطول الطلب).. وضع ألف خط وخط تحت طول الطلب (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
سيبقى موقف أ.هيكل من 3/7 وما بعده.. ومع إحساس أ.هيكل الذى عبر عنه فى آخر حواراته التليفزيونية بأن الأمور صارت على غير ما يتوقع ويتمنى .. إلا أنه وفى الحقيقة موقفه كان متفقًا مع طبيعته وتاريخه فقد كان هو (العراب)الأول لجمهورية الجيش.. وهو كان يرى كما كثيرين غيره أهمية احتفاظ الجيش بالسلطة.. لكن ذلك للأسف كان خصمًا من أشياء كثيرة وكبيرة طال انتظار المصريون لها..
خالص العزاء لأسرة الأستاذ هيكل وتلاميذه ومحبيه..
وذكر الفتى عمره الثانى وحاجاته** ما فاته وفضول العيش أشغال .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.