كشف الدكتور الراحل بطرس غالي، أمين عام الأممالمتحدة الأسبق، عن موقف الرئيس المخلوع حسني مبارك منه بعد أن تم رفض التجديد له بالأممالمتحدة، وكيف شمت "مبارك" فيه. وروى "غالي" في كتابه «بانتظار بدر البدور» جانباً من ذكرياته ويومياته في الفترة من (1997 - 2000) بعد خروجه من الأممالمتحدة مباشرة، وعمله في الفرانكفونية. وعلى خلاف المتوقع، وعلى غير عادة السياسيين، بدا غالي واضحاً، وانتقد شخصيات سياسية مصرية وأجنبية، بل أنه يقول أنه ألزم نفسه طوال حياته السياسية بالتحفظ «لكن ان قمت بافشاء أسرار في كتابي، أود الاعتذار للأشخاص الذين ذكرتهم، والأشخاص الذين أغفلت ذكرهم»، وهكذا يبدو رأي غالي في بعض الأحيان سياسياً، وأحياناً شخصياً، فهو عندما يذكر الرئيس المصري حسني مبارك يقول أنه تشفى في جروحه «كان مبارك يبدو في غاية الارتياح، ولمحت في نظرته بعض التشفي، وهو يقول: لقد نصحتك بألا تتحدى الأميركيين، لو كنت أكثر لطفاً مع مادلين أولبرايت لأعيد انتخابك». ويرى غالي في كمال الجنزوري رئيس الوزراء المصري الأسبق، شخصاً معقداً وعابساً، ويقول عنه أنه «يكن العداء لابن شقيقي يوسف» وهو مايوضح أن موقف غالي منه هو موقف شخصي، أما السفير الأميركي الذي التقاه في حفله فهو بارد كالرخام، ويقول أن الرئيس السادات كانوا يصفونه في الحفلات المخملية بالحمار الأسود. هذه الجرأة التي تغطي معظم صفحات مذكرات غالي الستمائة وأربعة عشر، يبدأها في يوم يفصل بين عامين يوم 31 ديسمبر 1996، حين كان يودع عاماً، ويودع مكتبه في الطابق الثامن والثلاثين من مبنى الأممالمتحدة. طوال صفحات الكتاب يطلق غالي أحكاماً على الناس وعلى الدول، وان اكتسى بعضها بموقف شخصي، وأحياناً بمرارة خاصة بعد تركه مبنى الأممالمتحدة، ماعدا جاك شيراك الذي كان «طوق الخلاص الوحيد ولو كان ذلك مخالفاً لرأي معاونيه، كان في الواقع تعبيراً عن صداقة نادرة جداً في الأوساط السياسية، فكل الدول، وباجماع ظاهر ومضمر، فضلت أن تتخلى عني في وجه الاعصار الأميركي». وعن « تشفي» الرئيس مبارك به، ، يصف غالي تلك الأمسية التي نظمت للإحتفاء به في أحد أندية القاهرة: «كان الرئيس لايقاوم متعة الممازحة حول موضوعه المفضل: افتقادي للجرأة تجاه السيدة التي أبعدتني عن الأممالمتحدة، فيضحك الجميع من القلب ما عدا سفير أميركا الذي يبقى «بارداً كالرخام». في نقاش حاد حول وضع الأقباط في مصر أثناء عشاء مقام على شرف الرئيس مبارك وزوجته في السفارة المصرية في باريس لا يلبث الرئيس أن يبدي امتعاضه، فبالنسبة إليه هم مصريون، غير أن وزير الخارجية عمرو موسى يلفت إلى أنه في بعض المدن الصغرى في صعيد مصر توجد حالات تمييز بين الطائفتين، ويعلق غالي في ذكرياته في لهجة أشبه للسخرية «يعارضه الرئيس بشدة، بالنسبة إليه لا يوجد تمييز». ثم يتحدث عن اسامة الباز المستشار السياسي للرئيس مبارك، ويسجل قوله له: «انكم تهملون ملف السودان ومشكلة مياه النيل، لقد تخليتم عن أي حضور فاعل في منظمة الاشتراكيين الدوليين». ويقول غالي «خلال مقابلاتنا يدون اسامة الباز بصورة شبه دائمة بعض الملاحظات «التي لا يلبث أن يضيعها على أية حال»، ولكنه اليوم لا يقوم حتى بهذا المجهود، ويكتفي كعادته بهز رأسه ويقول عبارة من هنا وعبارة من هناك يتلفظ بها بصوته الأخن».