جمال سلطان على طريقة المرحوم عبد الفتاح القصري ، الممثل الكوميدي الشهير ، وعبارته الأكثر شهرة " أنا كلمتي ما تنزلش الأرض أبدا " ، فلما شخطت فيه امرأته وقالت بلهجة منذرة : حنفي ؟! ، طأطأ رأسه وقال بانكسار " خلاص ، ها تنزل المرة دي " ، على طريقة القصري الكاريكاتيرية هذه تصرفت الحكومة المصرية مع حالة السفينة الفرنسية كليمنصو المحملة بمواد سامة وخطيرة وتريد عبور قناة السويس، حيث شربت الحكومة المصرية حليب السباع كما يقول إخواننا الشوام ، وركبت رأسها أن لا تسمح بمرور السفينة ، لأنها تحمل مواد سامة وخطيرة ، وأنها تعرض مصر للخطر وتعرض المجرى الملاحي لكارثة لو حدث أي مشكلة ، واتصل مسؤولون بالملاحة الفرنسية بالحكومة المصرية على أساس أن تسمح للسفينة بالعبور ، إلا أن الحكومة أصرت على قرارها طوال ثلاثة أيام مؤكدة على أن " كلمتها لا تنزل الأرض أبدا " ، وصفقت لها منظمات دولية مهتمة بسلامة البيئة ، وتضامن معها كثيرون داخل مصر وخارجها ، إلا أنني كنت على يقين من أن الحكومة في النهاية ستكون " عبد الفتاح القصري " مع أول شخطة فرنسية حاسمة تقول لها : حنفي ؟! ، والمشكلة أن الإدارة المصرية الحالية كررت مثل هذه المواقف مرارا حتى أصبحت القوى الدولية تعرف مبتدأ القرار المصري ومنتهاه ، وتتعامل في أحيان كثيرة على أن الموقف المتشدد مجرد علو صوت لإثبات الحضور ( جاعورة )، لكنه لا يمثل أي موقف صلب أو جاد ، مصر التي فقدت في ظل العهد المجيد قدرتها على التأثير حتى على بعض العصابات المسلحة في غرب السودان ، هل يتصور أحد أن تملك القدرة على استفزاز الموقف الفرنسي وإرغامه ، هذا كلام مضى وانتهى ، ومن يهن يسهل الهوان عليه كما يقول الشاعر الحكيم ، وهذا الهوان المصري في السياسة الخارجية يكلف مصالح بلادنا الكثير ، ويجعل مصر مجرد هامش حتى في الملفات التي تعني أمنها القومي بشكل مباشر ، مثل الملف الفلسطيني أو السوري أو السوداني ، لأنك حرقت كل إمكانية لكي يكون لك ورق تلعب به ، واقعة السفينة كليمنصو هوان جديد ، ليتهم ما امتنعوا من البداية ، وليتهم ما شربوا حليب السباع . هامش : الأخ الكريم م.أ ، أحترم رغبتك في الاحتفاظ بالاسم والبيانات ، وأنا واثق من أمانتك وشهادتك على ما جرى في واقعة جسر الجمرات ، ولكن مثل هذه الأمور يصعب أن يبنى فيها رأي على شهادة شاهد وحيد ، فلربما كانت هناك ملابسات أخرى ، وعلى كل حال ، الواقعة كلها مؤلمة بغض النظر عن الإدانة لهذا أو ذاك ، ويحتاج الأمر إلى لجنة جامعة من خبراء وعلماء أهل الإسلام لمناقشة بعض الجوانب الشرعية والهندسية وغيرها ، رحم الله ضحايا الحادث المؤلم ، وتقبلهم في الشهداء . [email protected]