قضيت فى اليابان أكثر من 8 سنوات لدراسة الماجستير والدكتوراة، ثم العمل فى إحدى الجامعات اليابانية، وقد كنت حريصًا على تدوين الكثير من ثقافتهم ومؤسساتهم فربما أستطيع نقل ولو جزء منها إلى مصرنا الحبيبة فى المستقبل القريب بإذن الله. فى هذه المقالة أود أن أطرح بعض الحلول لمشكلة المرور فى مصر. فأكبر مشكلة تواجهنا فى مصر هى اعتماد قطاع كبير من نقل الركاب خاصة النقل الداخلى على أفراد وليس مؤسسات. فتجد سائقى الميكروباص والتاكسى لا يوجد عليهم رقيب بمعنى أنه يستطيع أن يبدأ العمل وقتما يشاء ويعود لبيته وقتما يشاء ويمتنع عن النزول وقتما يشاء. ففى أحد الأيام وأنا فى مصر كنت أريد السفر من مدينتى طنطا إلى القاهرة وقد نصحنى أحد الأصدقاء بركوب ميكروباص من الطريق الزراعى وذهبت بالفعل صباحًا وانتظرت أكثر من ساعتين ولم تأتِ سيارة وكان الناس يتحدثون بجانبى ويقولون إن هذه الأيام هى أيام المصايف فكل سائقى الميكروباص يفضلون الذهاب إلى المصايف. يتكرر ذلك فى أيام توصيل الحجاج وغيرها من المواسم التى يجد فيها سائقو الميكروباص مكسبًا أفضل من ذهابهم إلى مسارهم المعروف. كما يقوم سائقو التاكسى بتوصيل أطفال المدارس أثناء فترة الصباح والظهيرة. فأرى أنه لابد من عمل مؤسسة حكومية تضم كل من يعمل فى هذا المجال ويتم وضع قواعد صارمة تجعله يلتزم بمواعيد عمل وتقوم هذه المؤسسة بعمل جداول لعمل هذه السيارات فيها لتكون هناك مواعيد معلومة ومحطات محددة يتم التوقف فيها ومنع الوقوف المتكرر الذى يسبب الكثير من الحوادث المرورية. كما يتم إتاحة الحجز من خلال الإنترنت لكل المحطات وليس فقط المحطات الرئيسية الموجودة فى المدن. هذا بالنسبة للميكروباص فمن باب أولى أن يتم إعادة النظر فى وسائل النقل الحكومية كالأتوبيسات والقطارات بحيث يتم عمل مواعيد صارمة لقيام ووصول القطارات والأتوبيسات ومحاسبة من يتسبب فى مخالفة هذا النظام. هذا سيجعل الناس تتجه إلى ركوب المواصلات العامة وترك سياراتهم الخاصة لضمانهم أنهم سيصلون إلى عملهم فى مواعيد محددة وهذا سيخفف العبء على الطرق ويقلل من تلوث الهواء. أما بالنسبة للسيارات الخاصة ففى اليابان على سبيل المثال لا يحق لك أن تمتلك سيارة إلا إذا قدمت أوراق تثبت وجود جراج لهذه السيارة فمن الممكن تطبيق هذا النظام فى مصر بشرط أن تقوم الدولة والمستثمرون قبل تطبيقه بعمل جراجات كثيرة خاصة فى المناطق المزدحمة ومن الممكن الاستفادة من تجربة الجراجات الذكية الموجودة فى اليابان، حيث إنه من الممكن عمل جراجات متعددة الطوابق وتعمل آليًا أو عمل جراجات تحت الأرض خاصة تحت الميادين الكبيرة. وسوف يكون لذلك أثر كبير فى الحد من عدد السيارات الخاصة والحصول على عائد مادى كبير بالنسبة للدولة نتيجة عمل الجراجات ونتيجة المخالفات المرورية التى ستفرض على من يقف بسياراته فى مكان مخالف. نأتى إلى قائدى الدراجات, فمن المعلوم أن هناك الكثير من العاملين يسكنون على مسافات قريبة جدًا من منازلهم ويستطيعون قطع هذه المسافة باستخدام الدراجة أو سيرًا على الأقدام ولكن هيهات أن يستطيع أحد فعل ذلك فى ظل عدم وجود أرصفة. فينبغى على الفور الأهتمام بالأرصفة ليسير عليها المشاة وقائدو الدراجات ومن المعلوم أن الكثير من الشوارع بها أرصفة كبيرة، ولكن يشغلها أصحاب المحلات ويقوم كل صاحب محل بغلق الرصيف من أمامه إما بوضع أشياء أو وقوف سيارته، كما يقوم كل شخص برفع مستوى الرصيف من أمامه أو خفضة أو لصق سيراميك وكأن الرصيف ملك له وهذا يعوق سير المشاة، ويجعل الناس تلجأ إلى المواصلات حتى لو كانت المسافة إلى عمله لا تتعدى 1 كيلومتر. كل ذلك من الممكن أن نفعله بسهولة فهناك المئات من الباحثين ورسائل الماجستير والدكتوراة عن نظم المرور متاحة فى كل جامعات مصر وقد تعجبت عندما قابلت بعض الباحثين المصريين فى اليابان جاء ليحصل على الدكتوراة فى نظام المرور الذكى الذى لم يطبق بعد فى بعض الدول المتقدمة وكنا نقول له طيب أعمل لنا رصيف وأشارات مرور الأول وبعد كده نفكر فى نظام المرور الذكى. أكتفى بهذا القدر ولحديثى بقية إن كان فى العمر بقية ولسيادتكم جزيل الشكر دكتور مهندس/صلاح عبدالغنى سالمان مدرس بكلية الهندسة جامعة الأزهر وأستاذ مساعد بكلية الهندسة جامعة ناجويا باليابان * دكتور مهندس/صلاح عبدالغنى سالمان مدرس بكلية الهندسة جامعة الأزهر