على مدى أسابيع -ولا يزال العرض مستمرًا- وأخبار قبيلة الجن التي تحرق البيوت في محافظة الشرقية، تتدفق على الفضائيات والمواقع الإلكترونية.. وتدخل المشايخ في حل اللغز.. بعضهم يمثل رسميًا المؤسسة الرسمية، وانقسموا بين من يبرئ الجن وبين من يتهمهم بحرق البيوت.. المسألة بلغت من الكاريكاتورية حد أن الأهالي قدموا بلاغات إلى أقسام الشرطة ضد الجن.. ومن المفترض طبعًا -وفق إجراءات التقاضي- أن تحقق الشرطة، وتقبض على الجن، وتحيله إلى النيابة، للتأكد ما إذا كان بريئًا أم متهمًا! اللافت.. هذه المرة.. أن الرأي العام لم تشغله "جرائم الجن"، رغم أنها مادة مغرية لإثارة الفضول، والانشغال بها وربما تفضي إلى إثارة الخوف من الجن أكثر من الخوف من زوار الفجر الذين عادوا بعد انكسار ثورة يناير أكثر وحشية من ذي قبل.. وظل "الجن" الإرهابي واعتداءاته على البيوت، محصورًا على فضائيات السواريه الأمنية طوال الليل وحسب.. ولم يسأل أحد: لم تحرق الجن بيوت الفقراء والغلابة من الفلاحين.. فيما تترك قصور وفلل الحرامية الذين نهبوا البلد وخربوها وحلبوها، ويتمتعون بكل خيراتها ويرفلون فى كل أنواع أوراق البنكنوت الحرام؟! الرأى العام.. كما قلت.. لم ينشغل بالجن وترك مليارديرات الفضائيات يخوضون وحدهم فيها.. غير أن حادثًا آخر، دفع به إلى أتون حرائق الجن.. لعل وعسى يحرز هذا "الفرود" هدفًا فى مرمى الرأي العام غير العابئ بالجن وقلة أدبه! حيث ظهر فجأة "نبي - مدعى النبوة".. والأكثر دهشة أن هذا النبي المدعى والكذاب، لا يزال حرًا طليقًا.. وينعم -فيما يبدو- لي بحماية جهات معينة، ويتمتع بحصانة أكبر من حصانة الوزراء وأعضاء البرلمان.. فالنبي الكذاب، لا ينشر "دينه" فقط بين أتباعه سرًا في الحارات والأزقة وفى العشوائيات ومدن الصفيح سرًا بعيدًا عن عيون الحكومة.. وإنما تستضيفه الفضائيات "الأمنية" ليظل مطلاً على الناس بالساعات، وهو يضع رجلاً على رجل في وجه المذيع.. ويدخن سيجارته وينفث دخانه في وجوه المشاهدين.. وبل ويسمح له بالاعتداء بالضرب على ضيوف حضروا لمناقشته من قبيل "التسخين" ووضع المزيد من البهارات والشطة ل"شعللة" الرأى العام، وحمله على الانتقال من عالم الوعى إلى على عالم الغيبوبة والخرافات والتزييف وتغيب الوعي!! من اللافت أيضا.. أن الرأى العام، لم ينشغل بالنبى المزيف.. وظل الأخير فى حضرة أصحاب الياقات البيضاء على الفضائيات.. ولم يثمر ظهوره تغييب الوعى عما يحدث فى مصر من مشاكل ومآسى الناس اليومية وبمستقبل بلد مهدد بالعطش والاختفاء. وفى تقديري.. أنه مع اقتراب موعد إحياء الذكرى الخامسة لثورة يناير.. فلن تكون مفاجأة لأحد، حال ظهر ما يشبه الجن والعفاريت ومدعى النبوة.. وأنا على يقين بأنها ستكون أدوات إلهاء "فشنك".. لأنها تستحضر خبرات حيل الأجهزة، فى سنوات الغيبوبة قبل العصر الرقمى والسموات المفتحة ومواقع التواصل الاجتماعي: الناس تغيرت.. وأبونا الذى فى الأجهزة لم يتغير. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.