الدكتور عبدالنبى عبدالمطلب "رئيس الإدارة المركزية للبحوث الاقتصادية بوزارة التجارة الخارجية" ل"المصريون": المستثمرون الأجانب هربوا إلى إسرائيل بثمانية مليارات دولار كانت ستخدم الاقتصاد المصري.. ولدينا 4000 مصنع مغلق لجان استرداد الأموال كلفتنا 300 مليون جنيه.. ومصر لن تسترد دولارًا واحدًا لأنها تدخلت بشكل سياسى وتجاهلت النواحى القانونية الحكومة تستدين لسد عجز الموازنة.. والدين الخارجى وصل إلى 48.2 مليار دولار مصر فى حاجة إلى حزمة من الإصلاحات الاقتصادية لتخفيض عجز الميزانية.. والمواطن سيعانى كثيرًا من ارتفاع الأسعار نتيجة دخول الاقتصاد مصيدة الدولار دخول الاقتصاد العالمى لدائرة الركود لن يؤثر على مصر.. والعائد الاستثمارى المصرى هو الأفضل بعد البرازيل المساعدات الخليجية لمصر ستتقلص بعد انخفاض أسعار البترول.. وتلقينا منحًا بقيمة 30 مليار دولار قرض البنك الدولى سيحل مشاكلنا الاقتصادية.. إذا تمكنت الدولة من استغلاله بشكل سليم
أكد الدكتور عبد النبى عبد المطلب رئيس الإدارة المركزية للبحوث الاقتصادية بوزارة التجارة الخارجية، أن مبارك هرّب 18 مليار دولار لبنوك سويسرا، والبنوك الأوروبية ستلغى قرار تجميد أمواله بعد الحكم ببراءته، مشيرًا إلى أن لجان استرداد الأموال كلفت الدولة 300 مليون جنيه، ورغم هذا فإن مصر لن تسترد دولارًا واحدًا، لأنها تدخلت بشكل سياسى وتجاهلت النواحى القانونية. وقال عبد المطلب فى حواره مع "المصريون" إن المستثمرين الأجانب هربوا إلى إسرائيل بثمانية مليارات دولار كانت ستخدم الاقتصاد المصري، وإنه يوجد لدينا 4000 مصنع مغلق، مضيفًا أن الحكومة تستدين لسد عجز الموازنة، وأن الدين الخارجى وصل إلى 48.2 مليار دولار، لذلك مصر تحتاج إلى حزمة من الإصلاحات الاقتصادية لتخفيض عجز الميزانية، لأن المواطن يعانى كثيرا من ارتفاع الأسعار نتيجة دخول الاقتصاد مصيدة الدولار. وإلى نص الحوار.. **فى البداية.. ونحن على أعتاب الذكرى الرابعة لثورة يناير.. هل تعتقد أن مشهد ما قبل الثورة يتكرر مرة أخرى؟ يجب أن تعلمي.. أن المشهد هذه المرة مختلف كل الاختلاف، فالواقع الاقتصادى اتسم قبل عام 2011 بزيادة فى معدلات النمو، وتحقيق معدلات عالية للتصدير، وارتفاع قيمة الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية، فالبيانات كانت تشير إلى ارتفاع معدل النمو السنوى ليصل إلى نحو 7.3 %، وانخفض معدل التضخم إلى 5 %، وتراجع العجز الكلى للموازنة من 9.2 % إلى 7.5% من الناتج المحلى الإجمالي، وارتفع حجم الاحتياطى النقدى إلى نحو 35.2 مليار دولار، وارتفع حجم الاستثمار الأجنبى المباشر ليصل إلى نحو 13.3 مليار دولار طبقا لبيانات عام 2010. **ومع ذلك لم يستطع المواطن المصرى أن يتحمل وقامت ثورة يناير.. فى اعتقادك هل يستطيع الاقتصاد المصرى الحالى تحمل انتفاضة أخرى بعد إطلاق دعوات للتظاهر فى 25 يناير المقبل؟ بالطبع لا.. لأنه من المتوقع خلال الفترات القادمة إذا حدثت ثورة أخرى ستكون ثورة جياع، وهذا النوع من الثورات يتسم بالعنف والتخريب والدمار، سوف تدمر جزءًا كبيرًا من البنية الأساسية للاقتصاد المصري، بل وسوف تؤدى إلى هروب كل رؤوس الأموال الموجودة فى مصر، بل وقد تهدد المرور فى قناة السويس، إن لم تغلقها كليًا أمام الملاحة العالمية، على عكس ما حدث فى يناير 2011، فقد كانت مصر فى طريقها لاستعادة الأرض التى نهبها الفساد، واسترجاع الأموال المهربة، وكانت سببًا فى تغيير صندوق النقد لقواعده فى الإقراض، فلأول مرة فى تاريخه يذهب الصندوق إلى أحد أعضائه لعرض المساندة بعد تنحى مبارك عن السلطة.
**ماذا عن الأموال المهربة إلى الخارج والتى كان من الممكن أن تحقق طفرة اقتصادية إذا...؟ مقاطعًا.. المسار كان خاطئًا. ** الرئيس عبد الفتاح السيسى أصدر قرارًا جمهوريًا منذ عدة أيام بتشكيل لجنة قومية لاسترداد الأموال من الخارج برئاسة النائب العام.. فهل يمكن أن يكون ذلك بداية لتصحيح المسار؟ للأسف غير صحيح.. فلا يوجد سند قانونى مقبول حاليًا لإعادة تشكيل هذه اللجنة، ولا أعتقد أنها ستتمكن من إقناع أى دولة فى العالم بفك السرية عن الحسابات المصرفية فى بلادها وسيكون مصيرها مثل اللجان السابقة لم تتمكن مصر من استرداد الأموال المهربة للخارج، بل وتحمل الاقتصاد المصرى مصروفات لبدل الجلسات، وبدل السفريات وبدل الانتقالات، وترجمة مستندات وطلب استشارات، وتراوحت تكاليفها بين 100 إلى 300 مليون جنيه منذ نشأتها وحتى الآن.
**لماذا فشلت اللجان السابقة فى استرداد الأموال؟ بسبب حصول مبارك وكبار رجال رموزه على أحكام نهائية بالبراءة، وهذا أعطى انطباعًا لدى الدول التى سبق وجمدت بعض الأصول المملوكة لمبارك بأن الحكومة المصرية لا تمتلك دليلاً مقنعًا على أن هذه الأموال تم التحصل عليها من فساد، أو استغلال المنصب، أو بأى طرق أخرى غير مشروعة، بالإضافة إلى عدم استجابة الحكومة المصرية منذ عام 2011 لطلب الاتحاد الأوربى بتسليمه أكواد التحويلات الكبرى التى تمت فى مصر أثناء ثورة 25 يناير وما بعدها، حيث أنكر البنك المركزى مرور هذه التحويلات من خلاله. **معنى هذا أن الوضع الآن أصبح أكثر تعقيدًا؟ هذا صحيح.. فنحن نحتاج إلى وجود أحكام قضائية نهائية وباتة، ومن قضاء موثوق به، ومشهود له بالنزاهة الكاملة، ومع كامل احترامى للقضاء المصري، إلا أن ما تناقله الإعلام المصرى والعالمى من وجود بعض الأحكام المسيّسة، أو الأحكام الجائرة، والتى قام القضاء نفسه بإلغائها فى الاستئناف، جعلت الأحكام الصادرة من القضاء المصرى غير كافية، وغير مقنعة ليتعاون العالم مع مصر فى ملف الأموال المهربة. **وبهذا لن تساهم اللجنة الجديدة فى استرجاع جزء من الأموال المهربة؟ البنوك الأوروبية سوف تلغى تجميد أموال مبارك بعد الحكم الذى صدر ببراءته، فالقانون السويسرى لا يسمح إلا بتجميد الودائع فى البنوك فقط حال وجود أى منازعات بشأنها، لكنه يمنع مصادرتها أو إعادتها للدول التى هربت منها إلا بعد صدور حكم نهائى بات غير قابل للطعن بأى صورة وشرط صدوره من محكمة مدنية موثوق فيها، وبهذا الحكم سيجعل لجنة استرداد الأموال فى موقف حرج للغاية إذا حاولت استكمال عملها، بل قد لا تهتم البنوك الأوروبية بالرد عليها أو التعامل معها باعتبار أنها لجنة لا تقدم الحقائق، حيث الحكم فى القانون الأوروبى هو عنوان الحقيقة إن لم يكن الحقيقة نفسها، وبالتالى هذه الأموال أصبحت مستحيلة العودة إلى مصر، بل وأصبح من حقه طلب إلغاء تجميد أرصدتهم فى البنوك الأوروبية بل وسحبها ووضعها فى بنوك وأماكن أخرى.
** اللجنة أعلنت أنها ستستفيد من الخبرات المصرية الكثيرة المتواجدة فى الخارج؟ الجميع يعلم أن عمل هذه اللجنة سيكلف الموازنة العامة للدول بالكثير من المصروفات وبدلات الجلسات، وبدلات السفر والإقامة، وبدلات الاستشارات، وغيرها من البدلات، دون أن يتمخض عنها استرداد أى أموال، وبذلك ستكون لجنة لصرف البدلات، وليس لاستعادة الأموال.
**ما الحجم الحقيقى للأموال المهربة فى الخارج؟ رغم اختلاف التقديرات حول حجم الأموال التى هربها مبارك ونظامه خلال الثلاثين عاماً الماضية، فإن الثابت فعلاً طبقاً لتصريحات البنوك السويسرية والبريطانية، وكذلك تصريحات اللجنة المصرية المكلفة باستعادة الأموال المهربة بأن مصر نجحت فعلاً فى تجميد نحو 1.8 مليار دولار مؤكدة بما يعادل (14 مليار جنيه) من الأموال التى هربها مبارك فى كل من بنوك سويسرا وبريطانيا لمدة عام اعتبارًا من ابريل 2011، وتم تجديد قرار التجميد عامًا بعد عام، ثم انتهى هذا التجميد فى هذه الدول لعدم وجود مطالبات مصرية فى هذا الشأن من جهة، وعدم وجود أحكام قضائية نهائية بإدانة رموز نظام مبارك من جهة أخرى، وطبقاً لتقييم منظمة الشفافية العالمية التى تقول إنه لا يمكن تتبع أكثر من 20٪ من الأموال المهربة، واستنادًا إلى الأرقام الفعلية الصادرة عن البنوك الأوروبية بتجميد 1.8 مليار دولار لمبارك وأسرته، تصبح الأموال المهربة لمبارك فى الخارج 18 مليار دولار، أى حوالى (140 مليار جنيه) . ** هذا بالإضافة إلى أمواله فى مصر؟ نعم.. فطبقا لما هو معلوم وثابت فالرئيس الأسبق مبارك كان له حساب فى البنك المركزى المصرى باسمه، (رغم عدم قانونية هذا الإجراء) وكان به نحو 4.5 مليار دولار، (وهى المسماة بوديعة حرب الخليج) وقد وصل إلى نحو 9 مليارات دولار نتيجة إضافة الفوائد إليه، وقدر المبلغ وقتها بنحو 63 مليار جنيه، ورغم سيطرة الإخوان على مجلس الشعب ووجود محمد مرسى رئيساً للجمهورية لمدة عام فإن هذا المبلغ لم تتم مصادرته إلا بموجب قرار الرئيس عدلى منصور رقم 105 لسنة 2013.
** وماذا عن الأموال التى تم تهريبها من مصر أثناء ثورة 25 يناير وما بعدها؟ رغم عدم وجود أرقام ولا معلومات مؤكدة فى هذا الأمر، فإن تقرير الاستثمار العالمى لعام 2013 أشار بوضوح لا لبث فيه، إلى خروج نحو 8 مليارات دولار من مصر خلال عام 2011، وفى نفس الفترة ارتفعت حجم الأموال التى دخلت إسرائيل بنحو 7,4 مليار دولار، وفى تقرير عام 2014 عادت أرقام الأموال الداخلة إلى إسرائيل لمستواها الطبيعي، وهذه البيانات قد تعنى تهريب نحو 8 مليارات دولار من مصر إلى إسرائيل، إما عبر قنوات غير شرعية، أو عبر الحدود، ثم تم توجيه هذه الأموال من إسرائيل إلى باقى دول العالم، وبذلك فإن الأموال المهربة خارج مصر حتى نهاية عام 2011 يمكن تقديرها بنحو 26 مليار دولار، أى نحو 180 مليار جنيه.
** ألا ترى أن رفع البنك المركزى الأمريكى سعر الفائدة على الدولار.. يؤثر على خروج رؤوس الأموال من مصر.. خاصة أن الأموال المهربة تمثل نحو 46.7% من إجمالى رؤوس أموال رجال الأعمال؟ رفع الاحتياطى الفيدرالى (البنك المركزي) الأمريكى أسعار الفائدة 0.25 نقطة مئوية، وذلك فى أول زيادة من نوعها منذ عام 2006، وأعتقد أن رفع مستوى «سعر الفائدة المصرفية» من قبل «البنك المركزى الأمريكي» قد يدفع أعدادًا كبيرة من المستثمرين، لإيداع أموالهم بالمصارف والبنوك الأمريكية، خاصة إذا استمر الاحتياطى الفيدرالى فى رفع أسعار الفائدة، وهذا سيكون على حساب الاستثمار فى المجالات والأنشطة الاقتصادية المختلفة، وإن كنت أعتقد أن هذا لن يحدث بهذه السهولة، ولا أتوقع أن تتأثر مصر بهذا الأمر كثيرًا، حيث إن العائد على الاستثمار فى مصر أكثر كثيرًا من سعر الفائدة المعلن. ** ماذا عن الوضع الاقتصادى المصرى الراهن؟ المؤشرات الاقتصادية للاقتصاد المصرى غير جيدة فى مجملها، فعلى سبيل المثال كشفت بيانات البنك المركزى المصرى فى الفترة الأخيرة عن مجموعة من المؤشرات غير الجيدة للاقتصاد المصري، منها ارتفاع صافى الدين الخارجى بنسبة 4.3% خلال عام 2015 ليصل إلى نحو 48.2 مليار دولار، مقابل نحو46.1 مليار دولار خلال عام 2014، أى ارتفع الدين الخارجى بمقدار 2 مليار دولار، خلال السنة المالية 2014-2015، وهذا مؤشر خطير جدا، حيث يشير إلى استسهال الحكومات المتعاقبة للاقتراض الخارجي، وتحمل أعباء سداد الأقساط والعوائد، والاستمرار فى الاستدانة يوضح أن هذه القروض تذهب لسداد العجز فى الموازنة العامة، ولا تذهب للاستثمار أو زيادة الإنتاج، بالإضافة إلى ارتفاع خدمة أعباء خدمة الدين الخارجى متوسطة وطويلة الأجل لتصل إلى نحو 5.6 سنويا، وهذا رقم يقترب من خمس قيمة الصادرات المصرية، كما نجد تراجع قيمة الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى بنحو 9.7% ليصل إلى نحو 16.5 مليار دولار خلال الشهر الماضي، وهو بذلك يقترب من مرحلة الخطر، حيث بالكاد يغطى واردات 3 أشهر، وهى النسبة المعتمدة عالميًا ثبات قيم الصادرات، عند نحو 26 مليار دولار خلال العام الحالي، فى مقابل ارتفاع قيم الواردات بنحو 25% لتصل إلى نحو 72 مليار دولار. ** رغم المساعدات المالية الخليجية الكبيرة والتى بلغت أكثر من 21 مليار دولار ؟ لاشك أن تحطم الطائرة الروسية فوق شرم الشيخ خلال الأيام الماضية قد وجه ضربة قاسية لقطاع السياحة بعدما بدأ فى الانتعاش خلال العامين الماضيين. ** لماذا لم تتمكن مصر حتى الآن من تحويل التعهدات والتفاهمات التى حققتها فى مؤتمر شرم الشيخ لتنمية الاقتصاد المصرى إلى تعاقدات أو أعمال تنفيذية على الأرض؟ السبب فى عدم ثقة القطاع الخاص المصرى فى مناخ الاستثمار الحالي، وعدم بناء جسور الثقة بينهم وبين الحكم، خاصة بعد رفضهم الاستجابة لدعوة الرئيس للتبرع لصندوق تحيا مصر. ** ألا ترى أن مصر تحتاج إلى استراتيجيات جديدة للتعامل مع ملف الاستثمار خاصة أن القاهرة عقدت عدة مؤتمرات متتالية دون حدوث تقدم ملحوظ فى ملف الاستثمار؟ ملف الاستثمار يحتاج أساسًا إلى إنهاء حالة عدم اليقين المسيطر على الاقتصاد المصري، فرجال الأعمال حتى الآن ليس لديهم الثقة فى السلطة الحاكمة، خاصة بعد صراعات التبرع لصندوق تحيا مصر، وقد أدى هذا التنافر بين الرئيس ورجال الأعمال من جهة، وعدم ثقة رجال الأعمال فى مناخ الاستثمار فى مصر إلى عزوفهم عن المشاركة بفاعلية فى الاستثمار، وإقامة المشروعات، وأصبح إنفاقهم فى الحد الأدنى الذى يسمح ببقاء مشروعاتهم قيد التشغيل، بل وصل الأمر ببعض هؤلاء بالتهديد بفك مصانعه من مصر ونقلها إلى دبي، ورغم إعلان الحكومة عن خطط ومشروعات للاستثمار فى مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة، وإقامة المنطقة اللوجيستية، وبورصة الحبوب العالمية فى دمياط، فإنه حتى الآن لم يتقدم أى شخص أو تحالف للمساهمة فى تنفيذ هذه المشروعات رغم ربحيتها، ومع الإعلان عن الانتهاء من مخطط تنمية محور قناة السويس، فحتى الآن لم يتم الإعلان عن إقامة أى مشروعات فى هذه المنطقة، وأعتقد أن ذلك كله يشير بوضوح إلى وجود فجوة بين ما يريده الرئيس والحكومة، وما يريده رجال الأعمال. **وماذا عن دخول الاقتصاد العالمى فى دائرة الركود.. ألا يؤثر ذلك على تدفق الاستثمار الأجنبى المباشر لمصر؟ التخوف من دخول الاقتصاد العالمى لدائرة الركود ضمن الدورة الاقتصادية الحالية لن يؤثر على الأداء الاقتصادى المصري، بل على العكس قد يكون دافعًا لمصر لإعداد خطة جاذبة للاستثمار العالمى للخروج من منطقة الركود والقدوم إلى مصر، فالبيانات والتقارير العالمية تؤكد أن عائد الاستثمار فى مصر يعد الأفضل على مستوى العالم بعد البرازيل، فإذا تمكنت مصر من تسويق مشروعات تنمية محور القناة، والمثلث التعدينى الذهبى فى الصعيد، فسوف تستفيد كثيرًا من حالة الاقتصاد العالمى بدلاً من أن يصيبها الضرر.
** وماذا عن انخفاض أسعار البترول.. ألن يؤثر ذلك على التدفقات المالية إلى مصر من دول الخليج العربي؟ أتفق معك.. أن تدنى أسعار البترول سيؤثر سلبًا على التدفقات المالية من دول الخليج إلى مصر، سواء كانت هذه التدفقات فى شكل مساعدات أو استثمارات، أو حتى تحويلات لعاملين مصريين هناك، فالبيانات تشير إلى أن قيمة المساعدات المقدمة من الدول السعودية والإمارات والكويت بلغت نحو 17.6 مليار دولار، وفقًا لبيانات وزارة المالية عام 2014، وتعهدت أيضًا دول الخليج بتقديم نحو 12 مليار دولار فى صورة منح واستثمارات للاقتصاد المصرى أثناء المؤتمر الاقتصادى الذى عقد بشرم الشيخ فى منتصف مارس 2015، إلا أن تراجع أسعار النفط منذ منتصف 2014، كان له آثار سلبية على موازنات دول الخليج، ولتغطية هذا العجز لجأت السعودية، على سبيل المثال، لسحب أكثر من 80 مليار دولار من الاحتياطات الخارجية للمملكة، ولكن يجب ألا ننسى الجانب الإيجابى فى هذا الأمر. **ما الجانب الإيجابي؟ تدنى أسعار البترول سوف يساهم فى خفض الإنفاق المصرى المخطط للحصول على واردات الوقود، فقد بلغت قيمة المدفوعات المصرية للحصول على السولار والغاز والمشتقات البترولية نحو 12 مليار دولار عام 2013، انخفضت إلى 7 مليارات هذا العام، وأعتقد أيضا أن مصر تستطيع استغلال الفرصة لاستيراد البترول الخام من بعض دول الخليج، ثم إعادة تكريره وتصديره والاستفادة من فروق الأسعار، كما أن ذلك سيمنح مصر الفرصة للحصول على إنتاجها من السولار والبنزين والبوتاجاز بأقل التكاليف، بل وقد يعود عليها بالنفع نتيجة التصدير، وتشغيل معامل التكرير المصرية. **الحكومة لم تطرح رؤية واضحة لإحياء ودعم الصناعات الوطنية رغم أنه خلال 73 كانت الصناعات الوطنية هى القوة الأساسية الداعمة لاجتياز الحرب من خلال المصانع الحربية ومصانع الإنتاج الوطنية؟ فى اعتقادى أن الحكومات المتعاقبة منذ 30 يونيو هى حكومات تسيير أعمال، وليست حكومات برامج، ولذلك انصب عملها على دراسة المشاكل، واقتراح بعض الحلول لهذه المشاكل، دون اتخاذ خطوات حقيقية لوضع هذه الحلول موضع التنفيذ، صحيح أن المصانع المتعطلة بلغت أكثر من 4000 مصنع، وأن نصيب الصناعة فى تحقيق الناتج تراجع من 24% فى تسعينيات القرن الماضى إلى نحو 17%، لكن هذا لا يمنع وجود برامج لإنشاء مناطق صناعية لصناعة السيارات، أو صناعة الأجزاء المغذية لها، كما تخطط الحكومة لإقامة مناطق صناعية على مدى نحو مليون متر مربع لصناعات النسيج والملابس وغيرها، إلا أن هذا كله مرهون بوجود حكومة مكلفة ومسئولة.
** ما تعليقك على تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 4.6% لتصل إلى أقل من 5 مليارات دولار فى نهاية نوفمبر 2015 بعد حفر التفريعة الجديدة؟ أعتقد أن تأثير هذا التراجع قد يسبب بعض المشاكل لهيئة قناة السويس بشكل خاص، حيث إن شهادات استثمار القناة قد صدرت باسمها، وهى تستحق الدفع بعد أربع سنوات تقريبًا من الآن، وبذلك سوف تضطر الهيئة لدفع مبلغ 68 مليار جنيه مع الفوائد، أى تقريبًا ستضطر الهيئة لدفع كامل إيراداتها عن نحو 15 شهرًا لسداد قيمة شهادات الاستثمار. **ما رأيك فى أداء حكومة شريف إسماعيل.. خاصة أن المواطن المصرى هو الخاسر بسبب انخفاض سعر الجنيه؟ حكومة المهندس شريف إسماعيل تسلمت إدارة البلاد منذ عدة أشهر ومن الصعب الحكم على عملها خلال هذه الفترة الوجيزة، لكن هذا لا يمنع أنها نجحت فى رفع قيمة الجنيه، وقضت على السوق السوداء ومنعت انهيار سعر الصرف، إلا أنها لم تقدم شيئًا يذكر فى مجال خلق الوظائف أو تحسين مستوى المعيشة أو جذب الاستثمار، أو تبديد مخاوف رجال الأعمال. **ما مقترحاتك لصانع السياسة الاقتصادية المصرية لامتصاص وتقليل حدة الآثار السلبية لهذه التداعيات؟ مصر تتمتع بمناخ استثمارى جيد، وبها الكثير من الفرص الاستثمارية التى يمكن أن تجذب الكثير من رؤوس الأموال العالمية للاستثمار فى مصر، ونجاح الحكومة فى الترويج للفرص والمشروعات الاستثمارية المتنوعة، قد يؤدى إلى زيادة تدفقات الاستثمار إلى مصر وهذا بدوره سيساهم فى إقامة مشروعات جديدة فى مجالات الطاقة، والتنمية الصناعية والزراعية، وغيرها، ونجاح مصر فى ذلك سوف يقلل كثيرًا من الآثار السلبية للركود العالمى وتراجع عوائد القناة، لكن هذا يستلزم اتخاذ مجموعة من الخطوات الجاذبة للاستثمار لعل من أهمها: إقرار البرلمان لقانون الاستثمار رقم 17 لسنة 2015 بسرعة ودون تأخير، والإعلان عن خطة الحكومة واستراتيجيتها للعمل خلال السنوات الخمس القادمة وإقرارها من البرلمان، وتشجيع رجال الأعمال المصريين للمساهمة بشكل أكثر فى عملية التنمية التى تقودها الدولة حاليا. **وفى رأيك هل ترى أن قرض البنك الدولى سيحل مشاكلنا الاقتصادية؟ لا شك أن حزمة مساندة بنحو 8 مليارات دولار، بشروط لا تذكر، ومنها 2 مليار دولار دون فوائد، وتسدد على 20 سنة، هى فرصة جيدة للاقتصاد المصري، فإذا تمكنت الدولة من استغلالها بشكل سليم فسوف تمهد البنية الأساسية لجذب وتشجيع الاستثمار، وتوجيه جزء من الإنفاق على البنية الأساسية للاستثمار، وبذلك قد نكسر حلقة ضعف الموارد التى تعرقل زيادة الإنتاج، أو إعادة المصانع المتعثرة للعمل.