عشنا مع النظام البائد عهدًا ورديًا من التصريحات التى كانت لا تتحقق على أرض الواقع ، تصريحات كانت ترفعنا لحظة إطلاقها إلى عنان السماء أملا فى صدقها ، ثم لا نلبث أن نهبط معها إلى سابع أرض ، لأنها لم تخرج عن نطاق الكلمات ، ولم تعد تستحق حتى قيمة الهواء الذى استهلكته من شهيق وزفير بصدور المسئولين حين أطلقوها ، فكانت هذه التصريحات للاستهلاك المحلى ، ولتسويد صفحات الجرائد أو مساحات البث ، وأذكر أنى قرأت دراسة نقدية قرب نهاية العهد البائد رصدت عدد التصريحات التى أدلى رئيس الحكومة السابق عاطف عبيد على مدى خمسة أعوام ، ووجد أنه أطلق 7220 تصريحًا ، تناولت فى مجملها تحسين الأوضاع الداخلية ، والعناية بمحدودى الدخل ، وتوفير الرعاية الصحية للبسطاء ، توفير آلاف الوحدات السكنية لمن ليس لهم مأوى أو لسكان العشوائيات ، وهكذا ضرب عبيد الرقم القياسى المصرى بل العالمى فى الوعود وخطط الإصلاح والتحسين الوهمية ، بينما كان الشعب يتضور جوعًا يومًا بعد يوم ، ويرتجف بردًا ، ويتمزق مرضًا ويزداد عريًا . وبعد الثورة ، اعتقدت كغيرى أن زمن التصريحات الوردية الوهمية قد مضى وإذا بنا نعود فجأة إلى عهد التصريحات الوردية من الحكومة الجديدة ووزرائها أذكرمنها على سبيل المثال لا الحصر تصريح الجنزورى برصد 175 مليون جنيه لحل مشكلة العشوائيات فى 383 منطقة ، ولا يعرف أى من الشعب من أين سيأتى الجنزورى بهذه الملايين ومتى سيتم التنفيذ ، لكنه تصريح بدا مشابها إن لم يكن مطابقًا لتصريحات سابقة فى عهد مبارك ولم يتحقق منها شىء . ولعل أعجب ما طالعت ما أدلى به الدكتور فؤاد النواوى وزير الصحة والإسكان ، والذى أعلن أن نظام التأمين الصحى الاجتماعى الشامل ، سيدمج فيه أطفال الشوارع ، ولو كنا لا نعلم حجم مشكلة أولاد الشوارع وتعدادهم الذى يربو عن 2 مليون طفل ، لصدقنا الوعد ، واعتبرناه نقلة نوعية هائلة لشمول هؤلاء الأطفال بالرعاية الصحية لأول مرة فى حياتهم المشردة الضائعة ، ولكن لأننا نعلم علم اليقين التعداد ، وكم المشكلات الهائلة والمتراكمة التى تحاصرهم وتجعلنا نسعى أولا إلى حمايتهم من الجريمة والانحراف قبل حماية صحتهم البائسة من المرض ، لو لم نعلم كل هذا لصدقنا التصريح الوردى ، وأسأل الدكتور النواوى ، كيف ستصل إلى أولاد الشوارع ، وكيف ستتعامل معهم وزارتك ، وكيف سيتم عمل ملفات صحية لهم ، ومنحهم البطاقات الصحية التى سيعالجون بموجبها مجانًا أو بتكلفة منخفضة ، كيف سيتم ذلك ، ومعظم هؤلاء بلا إقامة واضحة وبلا عنوان وحتى بلا شهادة ميلاد . أرجوكم يا سادة احترموا عقولنا كفانا تصريحات لأن زمن سباق التصريحات قد ولى وسيحاسب شعب الثورة كل مسئول عن كل كلمة يتفوه بها " مش كده ولا أيه " .ؤ Fekria Ahmed fekria63@ وأوضح خلال ندوة "سبل حماية الأطفال المشاركين فى الثورة" التى أقيمت صباح اليوم أن الوزارة تعمل على مساعدة أطفال الشوارع، أو ما يطلق عليهم الأطفال بلا مأوى، لإيجاد أماكن إيواء خاصة بهم، خاصة الأطفال المشاركين فى الأحداث الأخيرة، حيث جارٍ إنشاء مأوى مدينة السلام على أن تديره منظمات المجتمع المدنى لكسب ثقة المجتمع. [email protected]