الإعلام في بر مصر هو مرآة عاكسة للمجتمع كله.. بخيره وشره، غير أن تعاظم الدور الذى لعبه منذ ما قبل 25 يناير 2011 وحتى اليوم جعل الأنظار تتركز عليه، كما لو كان الصانع الحقيقى للأحداث وليس مجرد ناقل لها، بينما ألقى البعض على كاهله مسؤوليات «لا منطقية».. بدءاً بإصلاح التعليم وليس انتهاء بإنجاح مفاوضات سد النهضة! ومع تصاعد أهمية دور الإعلام، سواء في حروب الجيل الرابع أو فى دعم الأنظمة أو تدميرها، ازدادت أهمية الرقابة على «سلوك» موجهى الإعلام.. و«مصالح» مالكى أجهزة الإعلام.. و«ضمائر» الإعلاميين. .. قبل عصر «إكتساح» الفضائيات للعقول، وسيطرة برامج التوك شو على اتجاهات الرأى العام، كان أقسى اتهام يوجه للصحفى أنه «يفبرك» قصة خبرية، أو «يخلط» الإعلام بالإعلان،.. أو «يمرر» معلومة مغلوطة، أو يقبض ثمن دفاعه عن نظام عربى فاسد، أو يمزج الخبر بالرأى. .. ومع «طوفان» الفضائيات، واكتشاف رجال الأعمال لضرورة أن يكون «لأعمالهم» أذرع إعلامية تدافع عن مصالحهم، وتخيف أعداءهم وترهب أى سلطة تفكر فى سؤالهم، ظهرت أنواع مستحدثة من «الفساد المركب»، وتعقدت أشكال العمالة لتصبح أكثر خطورة.. وأعمق تأثيراً. ووسط كل ذلك تراجع الأداء المهنى، واضمحل السلوك القويم، وتقزم تأثير الإعلام المصرى فى ملعبه الممتد من الخليج إلى المحيط، فكان لزاماً على «العقلاء» أن يسعوا إلى تطوير ميثاق الشرف - الذي تراجع العمل به أصلاً - وبعد مفاوضات ومجادلات اجتمع قبل أيام بمقر الهيئة العامة للاستعلامات رؤساء وممثلو نقابة الصحفيين واتحاد الإذاعة والتلفزيون وغرفة صناعة الإعلام المرئى والمسموع، ونقابة الإعلاميين (تحت التأسيس) والجهة المضيفة. وتم «التوافق» على إعلان مشروع مدونة سلوك مهنى للأداء الصحفى والإعلامي، كوثيقة تضاف إلى ميثاق الشرف الصحفى وتلتزم بمبادئها الجهات الموقعة عليها. .. فعل الإصلاح أصبح ضرورة لا شك فى هذا.. وما وصل إليه حال إعلامنا يستدعى جراحة عاجلة على طريقة «عملنا اللى علينا.. والأمر بيد ربنا»، وجميع نقاط «المدونة» لا غبار عليها، و«إذا»... (وآه ه ه من «إذا» هذه).. فإذا التزمنا بها سنحصل على إعلام محترم، ومع كل الاحترام للمجهود المبذول فى الصياغة والإعداد والإخراج ومحاولة تغطية كل سلبيات العمل الإعلامى والتصدى لها فى «المدونة»، فإن ذلك لن ينجح دون «عقوبات مالية»، وغرامات رادعة بحق تجعل من يتجاوز يفكر مرتين قبل ارتكاب جريمته، وقبل ذلك عليكم بإقناع رجال الأعمال أصحاب الصحف والفضائيات بالتخلى عن توجيه الوسائل التي أنشأوها للدفاع عن مصالحهم الخاصة.. لتحقيق الهدف الذي أوجدوها من أجله! فهل أنتم مستطيعون؟
وحفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
حسام فتحي
Twitter: @hossamfathy66 Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.