ضرب التوتر بين تركياوروسيا قطاعي السياحة والزراعة في مدينة أنطاليا جنوب البلاد. إذ يتفاقم حجم المشكلة سواء في الإنتاج أو في العمالة. إلا أن مسؤولي القطاع الذين التزموا الصمت بسبب تحذيرات أنقرة لهم بعدم الحديث في هذا الموضوع وخوفهم من قطع الحوافز التي تقدمها الحكومة ومعاقبة شركاتهم تنتظرهم أيام عصيبة. وتمثل روسيا حصة مهمّة في إيرادات السياحة التركية البالغة نحو 32 مليار دولار. وزار أنطاليا العام الماضي أكثر من 11 مليون سائح بلغت نسبة الروس منهم 30 في المئة. إذن حصة روسيا كبيرة في معدل خسائر السياح البالغ 5 في المئة الذي شهده القطاع في موسم 2015. وأظهرت معطيات اتحاد الغرف السياحية بمنطقة البحر المتوسط أن عدد السياح القادمين من روسيا تراجع من 3.4 مليون سائح إلى 2.8 مليون سائح بمعدل انخفاض بلغ ما يقرب من 20 في المئة خلال فترة 10 أشهر بسبب الأزمات السياسية في أوكرانيا والقرم والعقوبات الاقتصادية وتراجع أسعار النفط التي بدأت من نهايات 2014 وفترات تخفيض العملة التي تشهدها روسيا منذ عام 2014 حتى الآن. وأوضح الخبراء أنه إذا ما تعمقت الأزمة أكثر من ذلك مع روسيا قد لا تقل الخسائر في قطاع السياحة عن 5 ملايين دولار بالنسبة لموسم 2016. وتجدر الإشارة إلى أن الخسائر في قطاع السياحة لن تنحصر في أماكن الإقامة والفنادق والمنتجعات السياحية فحسب، بل سيتضرر من ذلك أيضًا قطاعات أخرى مثل خدمات الأكل والشرب والرياضة والترفيه والشركات السياحية ومنظمو الرحلات السياحية والنقل الجوي التابعة بشكل مباشر للسياحة. بدأ من الآن إلغاء الحجوزات. ودخلت السياحة الرياضية في مشكلات بعدما كانت تعوض الخسائر التي يشهدها القطاع في موسم الصيف، في فصول الشتاء. وبعد موقف روسيا قررت فرق كرة القدم في الصين وإيران وبولندا عدم المجيئ إلى تركيا. خوف البطالة يراود 1.5 مليون شخص ومع كل هذه العوامل إلا أن الضربة التي ستتعرض لها العمالة تبعث على القلق. وبحسب بيانات السياحة فإن قطاع السياحة يلبي 16 في المئة من العمالة في تركيا. بمعنى أن هناك 1.5 مليون شخص يعملون في السياحة. ويتم إغلاق 70 في المئة من المنشآت في موسم الشتاء ويبقى ثلثا العاملين بدون عمل. وفي حال خسارة السوق الروسي ستزداد البطالة أكثر من ذلك.
يشار إلى أن أكبر جزء من صادرات الفاكهة والخضراوات البالغة 741 مليون دولار سنويًا في مدينة أنطاليا يتم إرسال 319 مليون دولار منها إلى روسيا. وبالتالي خسرت أنطاليا أكبر سوق للفاكهة والخضراوات بسبب الأزمة الروسية. ودخلت بذلك نحو 500 شركة تصدر الفاكهة والخضراوات من أنطاليا إلى روسيا في مشكلات بسبب العقوبات التي فرضتها روسيا على المنتجات التركية. وينتاب الفلاحون المدينون لبنوك الدولة قلقا من عدم تأجيل الديون وحدوث مشكلات إذا ما تحدثوا عن المشكلات التي يواجهونها. أما العاملون في قطاع السياحة فقالوا إن وزير الثقافة والسياحة ماهر أونال وعدهم في الاجتماع المنعقد قبل أيام قليلة في غياب الصحفيين بأنه سيتم تعويض هذه الأضرار. ويبدو أنه هو السبب الذي لم يجعل أحد في مجال السياحة يفتح فمه أو يتحدث حول هذا الموضوع. تخويف المُصدّرين والعاملين بقطاع السياحة المنتجات بدأت من الآن في البقاء في الحقول بسبب عدم تصديرها. وبات الجميع من المزارعين إلى السماسرة ومن الباعة الجائلين إلى المصدرين يضربون أخماسًا في أسداس. واللافت أن بعض منظمات المجتمع المدني ومديري الشركات الذين أعربوا عن آرائهم في الأيام الأولى التي بدأت فيها الأزمة أصبحوا الآن لا يتكلمون ولا ينبسون ببنت شفه. ويُقال إنه تُمارس ضدهم ضغوط من أنقرة مفادها "حذار أن تتكلموا حول الأزمة لأنكم كلما تكلمتم تزيد روسيا من ضغطها على تركيا". ويمكن القول إن ممثلي قطاع السياحة الذين يخشون الحديث عن هذه المشكلات مخافة أن "تقطع الحكومة الحوافز وعدم انتفاعهم من التسهيلات الممنوحة ومعاقبة شركاتهم" تنتظرهم أيام عصيبة.