توجد قناة متواضعة فى الجولان ، تستخدم حاليًا في الري المحلي. لكن حتى وقت ليس ببعيدٍ، كان هذا الهيكل البسيط جزءًا من مشروعٍ أكبر من ذلك بكثير، يُعرَف باسم "تابلاين"؛ وهو خط أنابيب، يبلغ طوله 754 ميلا، لنقل النفط مباشرة من الخليج إلى البحر المتوسط. عندما أُنشئ ال"تابلاين" في عام 1947، كانت فكرة إيجاد طريق أرضي مختصر لنقل النفط مُجدِيَةً اقتصاديًا. وظل الأمر هكذا بعد عشرين عاما، حينما تعاونت إسرائيل والدول العربية- برغم العداء المرير- لاستمرار عمل خط الأنابيب بعد استيلاء إسرائيل على جزء من الجولان خلال حرب عام 1967. لكن مع وصول ناقلات النفط العملاقة، أصبحت الوسيلة الأكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية هي تحميل النفط عبر الخليج والإبحار به مباشرة إلى الأسواق الغربية بدلا من استخدام خط ال"تابلاين". ورغم أن المشروع قد يكون دُفِن، إلا أن فكرة إنشاء خط أنابيب عبر الشرق الأوسط لا تزال قائمة. ومع تجدُّد الاهتمام بالغاز الطبيعي- صديق البيئة نسبيًا- وُضِعَت خطط مختلفة لإنشاء خطوط أنابيب تربط بين الدول الغنية بالنفط- مثل: قطروإيران- والأسواق الغربية. ومقارنة بالنفط، يتضح أن نقل الغاز عبر البحر أكثر صعوبة. حيث تتطلب الرحلة تحويله أولًا إلى غاز مسال، وهو ما يستغرق وقتا طويلا وتكاليف باهظة. بينما خط الأنابيب، على الجانب الآخر، قد يسمح بنقل الغاز مباشرة من الخليج إلى الغرب. في وقت مبكر من عام 2009، كانت هناك خطط لبناء خط أنابيب من قطر إلى تركيا. لكنها لم تؤتي ثمارها إلى حد كبير بسبب عرقلة الرئيس السوري بشار الأسد، الذي تلَقَّى عرضا قطريا بتمويل إنشاء خط الأنابيب عبر سوريا. حيث كان "بشار" ظاهريا يأمل في حماية الاحتكار الفعلي الذي تتمتع به حليفته روسيا في سوق الغاز الأوروبي. كما كانت إيران أيضًا تمتلك خططا لنقل احتياطات هائلة من الغاز الطبيعي عبر العراقوسوريا. لكن هذه المرة، لم يكن الرئيس السوري هو الذي عرقل الاتفاق. في الواقع، اتفق العراقوسورياوإيران خلال شهر يوليو 2011 على المضي قُدُمًا في تنفيذ اتفاقٍ ب 10 مليارات دولار. لكن العقوبات الاقتصادية والمالية ضد إيران حرمتها من الحصول على اللازمة لتمويل المشروع. وبطبيعة الحال تسبب الصراع السوري، الذي اشتعل في وقت لاحق، في إعاقة تنفيذ الخطة. لكن الأمر غير المفهوم، هو كيف ألهم خط مشروع الأنابيب الإيراني، على الأقل جزئيًا، التدخل الروسي في الصراع. وعلى عكس إيران، لم تتورط روسيا عسكريا في الصراع السوري حتى وقتٍ قريب. والسؤال الذي يداعب عقول كثيرين، هو: لماذا الآن؟ أحد الأسباب غير المكتشفة قد تكون المصالح الروسية المتعلقة بالغاز، بعد الاتفاق النووي الإيراني. من منظور جيوسياسي، كانت النتيجة الأسوأ بالنسبة ل فلاديمير بوتين فى الصراع السوري- قبل اتفاق إيران- هي الفوز المحتمل للمتمردين. فبالإضافة إلى القضاء على أحد حلفاء روسيا في المنطقة، يحتمل أن تمنح هذه النتيجة دول الخليج وسيلة لضخ احتياطياتها من الغاز إلى الأسواق الغربية. ورغم استبعاد أن تمنع الحكومة السورية الجديدة إيران من نقل الغاز عبر البلاد، لكن إذا انتصر الأسد يمكن أن يطمئن بوتين إلى أن أيا من دول الخليج أو الإيرانيين لن يكون قادرا على بيع الغاز إلى الغرب، على افتراض استمرار فرض العقوبات على إيران. لكن بعد الاتفاق النووي، تغيرت الأمور بفعل التقارب المتزايد بين إيران والغرب. والآن، أصبح انتصار أيًا من النظام أو الثوار يمثل تهديدًا لمصالح روسيا في مجال الطاقة. والطريقة الوحيدة التي يمكن لروسيا أن تضمن بها مواصلة احتكار الغاز في أوروبا الغربية هي دعم نظام الأسد، وأن تصبح لاعبًا مهما ومؤثرا في أي مفاوضات تُجرى بعدما تضع الحرب أوزارها. وببقاء الأسد في السلطة، والاعتراف بأن روسيا وليس إيران هي الحليف الوحيد الذي بإمكانه الحفاظ على بقائه؛ ربما تستطيع روسيا ضمان دور حاسم في الشؤون السورية، بما في ذلك حق الاعتراض على أي مشاريع لمد خطوط أنابيب يمكن أن تهدد مصالح موسكو. صحيحٌ أن هناك أسباب أخرى إضافية تقف وراء إرسال بوتين قواته إلى سوريا، لكن يُرَجَّح أن الغاز الطبيعي كان في عقله عندما قرر فجأة اتخاذ هذه الخطوة