قال موقع "المونيتور" الأمريكي إن أمام مصر خيارات محدودة جدا فيما يتعلق بأزمة "سد النهضة", بسبب ما سماها تراجع الهيمنة المصرية في المحيط الإقليمي, وافتقاد التنسيق مع السودان، الذي كان دائماً حليف لمصر في ملف مياه النيل منذ التوقيع على اتفاقية 1959, حسب تعبيره. وأضاف الموقع في تقرير له في 6 ديسمبر أن مأزق مصر يتصاعد أمام تطلعات واسعة تتبناها إثيوبيا وجاراتها من دول حوض النيل لاستغلال مياه النيل من أجل التنمية. وتابع " مصر تكافح للحفاظ على حصتها السنوية من مياه النيل, التي تقدر ب55.5 مليار متر مكعب، والتي لا تكاد تكفي الاحتياجات المائية الداخلية، إلا أن خياراتها محدودة للغاية". وأشار الموقع إلى أن الاستمرار في المفاوضات حول المسائل الفنية المتعلقة بمواصفات أو تأثيرات السد هو استهلاك للوقت, وكل يوم يمر ليس في مصلحة مصر، ويخدم إثيوبيا بالأساس. ولم تفض المباحثات الأخيرة بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة إلى حل للأزمة، وانتهت المباحثات -التي عقدت في نوفمبر الماضي بالقاهرة- بإعلان مدّ التباحث إلى جولة عاشرة تعقد لاحقا في الخرطوم. ورغم وصف وزير الري المصري حسام مغازي -خلال الجلسة الأولى للاجتماع- المباحثات بالمفصلية والحاسمة، فإن الاجتماع لم يسفر عن أي تطور جديد، بل وصل الأمر لعدم عقد مؤتمر صحفي لإعلان ما توصلت إليه المباحثات. وتتخوف مصر من تأثير السد على حصتها السنوية من مياه النهر (55.5 مليار متر مكعب)، ومن المخاطر البيئية والاقتصادية له، بينما تؤكد إثيوبيا أنه سيمثل نفعا لها خاصة في مجال الطاقة دون إيقاع ضرر بالقاهرةوالخرطوم. والتباطؤ في تحركات القاهرة يقابله تحرك سريع في البناء، فقد أعلن علاء ياسين مستشار وزير الري المصري في نوفمبر الماضي أن معدلات تنفيذ سد النهضة بلغت 45% من حجم الإنشاء الكلي. ومن جانبه، قال السفير السابق والخبير في الشأن الإفريقي بلال المصري إن ملف سد النهضة شهد إهمالا جسيما من الجانب المصري منذ عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، واصفا الوضع الراهن "بالكارثي"، لأن المشروع سيضيع ربع الحصة المائية السنوية للبلاد. وأكد المصري ل"الجزيرة" أن مصر ستعاني من نقص حصتها المائية مع زيادة الكثافة السكانية، وتصاعد الاحتياجات المائية في السنوات القادمة، موضحا خطأ المسؤولين المصريين بالتوقيع على وثيقة إعلان المبادئ لسد النهضة في مارس الماضي، التي أدخلت بناء السد في طور الشرعية القانونية. وأشار المصري إلى تعامل إثيوبيا مع قضية السد بوصفه أمنا قوميا، موضحا أنها استغلت عدم الاستقرار السياسي الذي تشهده مصر منذ سنوات وبدأت في بناء السد. والمفاوضات الحالية لن تفضي إلى شيء "فالمريض مات"، حسب الخبير في الشأن الإفريقي الذي تابع "الإثيوبيون يضيعون الوقت بالمباحثات وقد أنجزوا بناء أكثر من نصف السد". وأضاف المصري " الحل الوحيد هو التقدم بشكوى لمجلس الأمن الدولي" ، مضيفا أن التلويح بالحل العسكري متاح كوسيلة ضغط.