شهد شهر نوفمبر العديد من حالات التعذيب والانتهاكات الشرطية لمواطنين إلى أن وصل الأمر لحالات وفاة، الأمر الذي أربك المشهد الأمني في مصر وجعل البعض يتحايل على الوضع باعتباره حوادث فردية إلا أن الأمر خرج عن نطاق الحوادث الفردية إلى تكرار لهذه الحالات في أقسام شرطة مختلفة كما وصف البعض. وترصد "المصريون" حالات التعذيب في هذا الشهر: وكان آخر هذه الحوادث وفاة طبيب بيطري يُدعى عفيفي حسني، داخل قسم أول الإسماعيلية في ظروف ما زالت غامضة، واتهمت زوجة الطبيب أحد الضابط بالتسبب في إصابة زوجها بأزمة قلبية، بعد أن اقتحم صيدليتها أثناء تواجد زوجها بداخلها واصطحابه إلى ديوان القسم وإهانته. ولم تكن حادثة الإسماعيلية الوحيدة حيث شهدت الأقصر حادث وفاة مواطن داخل ديوان قسم العوامية منذ أيام قليلة يُدعى "طلعت شبيب"، 47 سنة، واتهم أهليته الشرطة بتعذيبه حتى الموت، بينما قالت الشرطة إنها ضبطت بحوزته مواد مخدرة وجرى نقله لديوان القسم. ولم تقتصر حالات التعذيب على المواطنين الأصحاء فقط إنما وصلت الانتهاكات إلى تعذيب ذوى الاحتياجات الخاصة حيث تم تعذيب محمد عبده معوض، 20 عامًا، يعانى من إعاقة ذهنية، تدهورت حالته الصحية داخل حجز قسم شرطة المطرية، جعلته يتقيأ دمًا من فمه ويفقد وعيه على فترات متقطعة، حتى أجريت له عملية استئصال جزء من معدته وتركيب أنبوبة صدرية. وفى الإسكندرية تعرض نادر صابر فتوح، وهو متهم فى قضايا تظاهر، إلى التعذيب الشديد على أيدى ضباط جهاز الأمن الوطني، وضرب مبرح لإجباره على محضر ملفق له، ما أدى لكسر بالحوض وفقدان القدرة على السير، إضافة إلى وجود دم كثيف بالبول. كما لقي أحد المحتجزين مصرعه ويدعى عمرو أبو شنب داخل محكمة شبين القناطر وذلك بعد اتهام أهله لضابط شرطة بتعذيبه لمدة يومين داخل مركز الشرطة بعد إلقاء القبض عليه اشتباه فى سرقة أحد محلات المحمول. وفى المحلة الكبرى قام أحد الضباط بصفع رجلا مسنا على وجهه قبل أن يطلق النيران على اثنين آخرين معه، فى كمين العلو بمدخل المحلة، ما أدى إلى تعرضهم لإصابات خطيرة، ونقلهم إلى مستشفى المحلة العام. إلى أن شهدت محافظة الأقصر جمعه ساخنة حيث خرج متظاهرون فى مسيرة سلمية، دعا إليها رواد صفحة «كلنا طلعت شبيب» بمواقع التواصل الاجتماعي، رغم رفض أسرة «سجين الأقصر» الذى لقى مصرعه داخل قسم شرطة الأقصر للتظاهر خوفا من حدوث اشتباكات. كما قام عدد من المتظاهرين بمدينة الأقصر برسم "جرافيتى" على عدد من أكشاك الكهرباء والجدران فى شارع صلاح الدين، وحمل الجرافيتى عنوان "هى فوضى..مفيش حاكم بيتحاكم"، وذلك احتجاجًا على وفاة مواطن عقب إلقاء القبض عليه بقسم شرطة بندر الأقصر.
حقوقى: "إذا لم تحرك النيابة العامة قضايا التعذيب يضيع الحق الجنائى للضحية" فى هذا السياق قال محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائى إن حالات التعذيب الموجودة تم الإعلان عنها والموضوع الآن فى يد النيابة العامة، مشيرًا إلى أنها الجهة التى تستطيع تحريك دعوى جنائية ضد المتهمين بالتعذيب. وتابع زارع فى تصريحات ل"المصريون" أن ضرورة قيام الجهة الإدارية بوزارة الداخلية من اتخاذ إجراءات إدارية بإيقافهم عن العمل ومحاسبتهم، مؤكدًا أن الأمر تجاوز المحامى أو المجالس القومية خاصة أن الجانى معلوم. وأشار زارع إلى أن تدخل المجالس الحقوقية يكون حال الحوادث غير المعلومة فيقوموا باقتياد الحالة إلى النيابة العامة للتحقيق فى الموضوع، مشيرًا إلى أنه حال عدم اتخاذ النيابة الإجراءات اللازمة نتجه للنائب العام ومن ثم اللجوء إلى المحاكم بدعوى تعويض وليست دعوى جنائية لأن النيابة لم تحرك الأمر. وأضاف زارع إلى أن الأمر يقف عند هذا الحد ومن الممكن تقديم بلاغ للمجالس الحقوقية لكنه يقف عند كونه مجرد بلاغ، فضلاً على أن القانون الدولي بطيء لأن الدولة لا تدين نفسها وستنفى الأمر وتقدم تبريرات. قانونى: "التعذيب فى الأقسام جريمة دولية لا تنقضى بمضى المدة" من جانبه قال نبيل مصطفى خليل، الخبير القانونى، إن ما يحدث من انتهاكات شرطية فى حق المواطنين جريمة دولية لا تسقط بمضى المدة ويعاقب مرتكبوها حتى بعد مرور سنين حالة قيام الضحية بإقامة دعوى قضائية ليقتص من الجانى. وأشار خليل فى تصريحات ل"المصريون" إلى قيام مصر بالتوقيع على اتفاقية دولية لمناهضة التعذيب فى 1984 وتم بدء العمل بها فى 1987 ولا يجوز التهاون فى حق الضحية لمجرد أن الجانى من ضباط الشرطة، مشيرًا إلى ضرورة التوجه للنائب العام الذى يكون مسئولا مسئولية شخصية عن التحقيق فى القضية. وتابع خليل أنه من الممكن اللجوء إلى مجالس حقوق الإنسان ومن ثم التوجه إلى اللجنة المعنية لحقوق الإنسان فى الأممالمتحدة وتكون وقتها وزارة الداخلية عليها المسئولية الكاملة أمام الجهة الدولية والمجتمع الدولى.