عصام السباعي يكتب: مفاتيح المستقبل    محاضر الغش «بعبع المعلمين» في امتحانات الثانوية!    الإيجار القديم.. المستشار محمود فوزي: سنوفر وحدات بديلة للمستأجرين.. ولا نبحث عن ربح    قوات الدفاع الجوى السعودي تدشن أول سرية من نظام "الثاد" الصاروخي    واشنطن تنفي تعليق تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا    فرنسا: وفاة طفل وإصابة 29 بسبب إسهال نجم عن تناول لحوم ملوثة    رابطةُ العالم الإسلامي تُدين تصريحات حكومة الاحتلال بشأن فرض السيادة على الضفة الغربية    الصحف المصرية.. مجلس النواب يوافق نهائيا على تعديلات قانون الإيجار القديم    أجمل 10 أهداف فى مباريات دور ال 16 من كأس العالم للأندية (فيديو)    "الصحة العالمية" تطلق مبادرة لزيادة ضرائب التبغ والكحول والمشروبات السكرية    إعلام فلسطيني: شهداء وإصابات بين الأطفال ب مخيم النصيرات إثر غارات إسرائيلية    المصري يكثف مفاوضاته للحصول على خدمات توفيق محمد من بتروجيت    اجتياز 40 حكمتا لاختبارات الانضمام لمعسكر تقنية الفيديو    إسماعيل يوسف: الزمالك ليس حكرا على أحد.. ويجب دعم جون إدوارد    القبض على «قاتل زوجته وشقيقتها» في بني مزار المنيا    حادث تصادم «تريلا» مع 5 سيارات ملاكي على الطريق الدائري ب القطامية (صور)    تعرَّف علي قيمة بدل المعلم والاعتماد ب مشروع تعديل قانون التعليم (الفئات المستحقة)    يكفر ذنوب عام كامل.. موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية المستحبة    زيادة كبيرة في عيار 21 الآن.. مفاجأة بأسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة (محليًا وعالميًا)    الأعداد المقرر قبولها ب الجامعات الحكومية من حملة شهادات الدبلومات الفنية 2025    التشكيل الكامل لجهاز الإسماعيلي بقيادة «ميلود»    أمين عام كبار العلماء بالأزهر: علم الحديث من أعظم مفاخر الأمة الإسلامية    نظام التعليم الألماني.. شراكة حكومية وبرامج حديثة تحفز على الابتكار    وزير التعليم يستعرض مشروع تعديل قانون التعليم وشهادة البكالوريا بمجلس النواب    محافظ سوهاج: تخصيص 2.15 مليون فدان لدعم الاستثمار وتحول جذري في الصناعة    أتلتيكو مدريد يستفسر عن موقف لاعب برشلونة    فوز تاريخي للنرويج على سويسرا في بطولة أمم أوروبا للسيدات    ثنائي الهلال جاهز لمواجهة فلومينينسي في ربع نهائي مونديال الأندية    مدحت شلبي ردا على «المتحذلقين»: «المفروض نقلد المشروع السعودي مش نقلل منه»    المغرب والتشيك يوقعان اتفاقية تجريب تقنية استخلاص الماء من رطوبة الهواء    وزير خارجية فرنسا: الهجمات الإسرائيلية والغارات الأمريكية على إيران تنتهك القانون الدولي    وزيرا خارجيتي الإمارات وغانا يبحثان هاتفيا العلاقات الثنائية    «تيارات حِمل حراري».. تحذير من حالة الطقس اليوم في القاهرة والمحافظات    "القيادة الآمنة".. حملة قومية لتوعية السائقين بمخاطر المخدرات بالتعاون بين صندوق مكافحة الإدمان والهلال الأحمر    إعدام المواد الغذائية الغير صالحة بمطروح    جاسم الحجي: قوة صناعة المحتوى وأهمية في عصر الإعلام الرقمي    نيابة البحر الأحمر تصرح بدفن ضحايا الحفار الغارق وتواصل التحقيقات في أسباب الحادث    الأردن وفلسطين يؤكدان ضرورة وقف العدوان على غزة وضمان إدخال المساعدات الإنسانية    طارق الشيخ عن وصية أحمد عامر بحذف أغانيه: "يا بخته أنه فكر في كده"    علي الحجار يحتفل ب ذكرى زواجه: 23 سنة سعادة مع هدى    مملكة الحرير" يحقق رقمًا قياسيًا على يانغو بلاي ويتصدر الترند لليوم الثالث على التوالي    شاهد.. بهذه الطريقة احتفلت مادلين طبر بثورة 30 يونيو    أحمد زاهر ل زوجته: لولاكِ مكنتش هعرف أعيش أنتِ عمود البيت    3 أبراج لديها دائمًا حل لكل مشكلة    ضياء رشوان: الاحتلال الإسرائيلي اعتقل مليون فلسطيني منذ عام 1967    سعر البطيخ والخوخ والفاكهة ب الأسواق اليوم الخميس 3 يوليو 2025    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    وفقًا للكود المصري لمعايير تنسيق عناصر الطرق.. استمرار أعمال التخطيط بإدارة مرور الإسكندرية    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى اليوم الخميس 3 يوليو 2025    مستشفى الأطفال بجامعة أسيوط تنظم يوم علمي حول أمراض الكلى لدى الأطفال    فريق طبي ينجح في إنقاذ طفلة مولودة في عمر رحمي بمستشفى في الإسكندرية    ما هي الأنماط الغذائية الصحية لمصابين بالأمراض الجلدية؟.. "الصحة" تجيب    البابا تواضروس الثاني يشهد فعاليات منتدى شباب الإسكندرية.. صور    هل تنظيم الأسرة يتعارض مع دعوة الشرع بالتكاثر؟ أمين الفتوى يٌجيب    من يتحمل تكلفة قيمة الشحن فى حال إرجاع السلعة؟.. أمين الفتوى يجيب    الفجر بالإسكندرية 4.13.. مواعيد الصلوات الخمس في مصر غدا الخميس 3 يوليو 2025    «الإفتاء» توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا    محافظ الفيوم يعتمد درجات تنسيق القبول بالمدارس الثانوية والدبلومات للعام الدراسي 2026/2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذئاب الدولة ونعاجها
نشر في البديل يوم 29 - 11 - 2015

في الحقبة الاستعمارية قيل لجمال الدين الأفغاني: إن المستعمرين ذئابٌ، فقال: "لو لم يجدوكم نعاجًا لما كانوا ذئابًا".
(1)
ضابط بشرطة الأقصر في صحبة قوة من القسم يقتحم مقهى، ويفتش الجالسين عليها، ليعثر على "شريط برشام" بجيب أحدهم، يدعى طلعت شبيب. بعد ساعات من القبض على شبيب علم أهله بمقتله إثر تعذيبه بقسم الشرطة حتى الموت. الضابط القاتل أحمد خليفة سبق أن ارتكب جرمًا مشابهًا في بورسعيد، ليُنقل إلى سوهاج ويكرر الجريمة نفسها، بعد تعذيبه مواطنا آخر، فتنقله الوزارة إلى الأقصر، ليكرر فعله للمرة الثالثة، لا أعلم هل سيُنقل الباشا هذه المرة أم يتخذ ضده إجراء آخر؟! وصدقًا لا أجد داعيًا لأن تغير وزارة الداخلية نهجها في معاقبة الضابط بإجراء مغاير، بعد أن فض زملاؤه تجمعات الأهالي الغاضبة بالرصاص الحي والغاز المسيل للدموع ليصيبوا مواطنًا ثانيًا، يرقد بين الحياة والموت في مستشفى الأقصر، ويلقوا القبض على العشرات.
ما دام أهالي الضحايا يمررون الأمر في كل مرة، فلا داعي لاتخاذ إجراء آخر حتى إن ذاعت القصة بالإعلام. أهالي الضحيتين السابقتين للرشيدي مسئولان بشكل أو بآخر عن دم الأخير، وأهالي الرشيدي يتحملون المسئولية عن دم الضحية المقبلة للباشا، إن تركوه ينجو بفعلته، فمن قتل يُقتل، لا يُنقل!
(2)
المشهد الثاني من الإسماعيلية، نيابة المدينة الساحلية تفرج عن الضابط محمد ابراهيم، المتهم بتعذيب وقتل الطبيب البيطري عفيفي حسني، نفس النيابة تصر على احتجاز الطالب محمود حسين مدة تزيد عن 650 يومًا لارتدائه "تيشيرت" مكتوبًا عليه "وطن بلا تعذيب! الأسياد لا يحاسبون كما يحاسب العبيد. في دولة الزند لكل لا مؤاخذة قانونه، لكن، وحتى نكون منصفين، الداخلية فور انتشار خبر الحادثة بمواقع التواصل ووسائل الإعلام، اتخذت إجراءً صارمًا تجاه ضابطها فأوقفته عن العمل، وليُضطر مدير أمن الإسماعيلية إلى الإدلاء بتصريح عن الحادثة، "لن يسمح بالتهاون في حق أي مواطن من المواطنين وسيتم محاسبة أي مخطئ بالقانون" بعد أن أكد كون الحادثة فردية!
(3)
الحادثة الفردية الثالثة خلال الأسبوع الماضي كانت بالقليوبية، أحد ضباط مركز شبين القناطر يقتحم منزل مواطنًا يُدعى عمرو أبو شنب، ويهدد أمه وزوجة أخيه بالقبض عليهما إن لم ترشده الأم عن مكان ابنها عمرو. بدافع الخوف من تهديدات الضابط ترشده الأم عن مكان ابنها، وبعد مرور عدة ساعات من القبض عليه يصلها الخبر المشئوم بمقتله في قسم الشرطة بعد تعذيبه على يد النقيب معتز الشوربجي.
(4)
الواقعة الفردية الرابعة التي رصدتها وسائل الأعلام خلال الأسبوع الماضي تخص ضابطًا بهيئة الطرق والمنافذ بالجيزة، لم يأخذ فرصته كزملائه في تعذيب البائس الذي وقع تحت يديه. سائق ميكروباص قطع علي سيارته الطريق غير متعمد، فهاج الباشا وماج واعتدى على السائق، ثم سحبه إلى قسم الشرطة عازمًا على تلفيق قضية هيروين له، لولا أن وثق أهالي التلاميذ الذي يوصلهم السائق بسيارته واقعة الاعتداء عليه بكاميرات تليفوناتهم المحمولة، ويسارعوا بعدها إلى تقديم فيديوهاتهم للنيابة، لينقذوه إلى حين.
(5)
صديق مطراوي أخبرني أن أهالي بحيهم قرروا أن يبعثوا بهدية لقسم الشرطة عرفانًا، بعد مرور الأسبوع الماضي دون سقوط أحدهم قتيلًا بالتعذيب داخل قسم الشرطة. الهدية، كما أخبرني، تهدف لاستمالة قلوب ضباط القسم وترقيقها عليهم، فكان ردي أني لا أتصور هديتهم تجدي؛ لأن الباشوات أناس عمليون، فلن يستجيبوا لابتزازهم العاطفي. الأصوب في رأيي، كما نصحته: قدموا لهم قربانًا بشريًّا، استغرب الصديق، فأكدت: "أيوه يا سيدي قربان، عيل بلطجي، مسجل خطر مثلًا من عندكم بالمطرية، تقبضوا عليه كل كام شهر كده، وتسلموه في القسم، الباشوات يمارسوا هوايتهم معاه، وربنا يرحمه برحمته، ويعفي عنكم بقى.. وعدني الصديق بنقل مقترحي إلى أهالي المطرية، وستكشف الفترة المقبلة نجاح المقترح من عدمه.
(6)
في تقريره لشهر أكتوبر وثق مركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب 9 حالات وفاة في أماكن الاحتجاز، و27 حالة تصفية، و58 حالة تعذيب، و4 حالات تعذيب جماعي في سجون وادي النطرون، والأبعادية، وأسيوط، ومنيا القمح، أما تقرير شهر سبتمبر فقد رصد 6 حالات وفاة داخل أماكن الاحتجاز، تنوعت ما بين 20 حالة تصفية جسدية، و8 حالات طلق ناري، و4 حالات وفاة نتيجة إهمال طبي، وحالتي وفاة نتيجة التعذيب، وحالة شنق في سيارة ترحيلات، وحالة وفاة نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية. وفي تقريره السنوي ل2014 وثق المركز الحقوقي 272 حالة وفاة نتيجة لتعذيب داخل السجون وأقسام الشرطة ومقرات أمن الدولة، إضافة إلى 289 حالة تعذيب و189 حالة اختفاء قسري!
(7)
الأرقام الواردة بتقارير مركز النديم، كما نماذج حوادث التعذيب السابقة، تبرهن على أن "حاميها مجرميها"، وأن رجل القانون هو أول خارج عليه، وأن القانون بذلك ليس وسيلة لتحقيق العدالة، بل أداة في يد خارجين عليه، يستعملونه لتأكيد سطوتهم على الناس. رجال القانون إذا ما داسوه تحت أقدامهم تحولوا إلى بلطجية يحل للناس مقاومتهم، ورد صاع ظلمهم صاعين وثلاثة، وبخلاف ما قد يتصور البعض فإن هذا النهج يدفع فوضى يؤسس لها بلطجية النظام بضربهم صفحًا عن القانون، الذي ليس أكثر من وسيلة لغاية هي العدالة، فإن أرسيت به كان وبها، وإن تعذر ذلك ففي غيره متسع.
في دولة الاستبداد، كما في دولة الاستعمار، ليس أمامك خيار ثالث، إما أن تكون ذئبًا تهابك الذئاب أو تصبح فريسة لها، ولك الخيار.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.