قال الكاتب الأمريكي نيكولاس بلانفورد إن تنظيم الدولة "داعش" في كل من سورياوالعراق، يواجه الآن حملة عسكرية غربية وروسية هي الأقوى من نوعها, إلا أنها لا تحقق الكثير على أرض الواقع. وأضاف الكاتب في مقال نشرته له صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية في 20 نوفمبر أن "داعش" لم يتلق مثل هذه الضربات الجوية منذ أعلن عن دولة "الخلافة" منتصف العام الماضي، لكنها لا تزال عاجزة عن القضاء عليه. وتابع أن قيام تنظيم الدولة بتغيير استراتيجيته, عبر شن هجمات على المستوى العالمي، وليس التركيز فقط على السيطرة على الأراضي في سورياوالعراق, يحمل في طياتها مخاطر كبيرة على دول الغرب, وعلى التنظيم نفسه. واستطرد " تنظيم الدولة عندما يشن هجمات في أنحاء متفرقة من العالم، فإنه يستعدي المزيد من القوى الكبرى ضده، مثلما حدث في أعقاب إسقاطه طائرة الركاب الروسية في سيناء, وشنه سلسلة هجمات دامية بفرنسا". وكان الكاتب الأمريكي سيمون كوتي شكك هو الآخر في نجاح الحملات الجوية, التي يشنها الغرب وروسيا ضد تنظيم الدولة " داعش" في كل من العراقوسوريا, محذرا من أن "المارد قد خرج من القمقم", على حد قوله. وأضاف كوتي في مقال نشرته له مجلة "ذي أتلانتك" الأمريكية في 20 نوفمبر أن التحرك الدولي لمواجهة تنظيم الدولة، في أعقاب صعوده وتنامي قوته, وشنه هجمات على المستوى الدولي، لن ينجح على الأرجح. وتابع أن هناك أمرا واضحا الآن, وهو أن تنظيم الدولة يربح في "حرب الأفكار"، وذلك في ظل استغلاله شبكة الإنترنت بشكل متزايد, ونجاحه في استقطاب المزيد من الجهاديين بالعالم. وحذر كوتي من أن التحرك الدولي للقضاء على "داعش" في سورياوالعراق, يعني انتقال مقاتليه لمنطقة أخرى تحت قيادة جديدة، وذلك لأن "المارد قد خرج من القمقم". وكان الكاتب والنائب الألماني السابق يورغن تودنهوفر حذر أيضا من أن الغارات التي يشنها التحالف الدولي وروسيا على تنظيم الدولة "داعش", ستأتي بنتائج عكسية, عكس ما يرغب الجميع. وقال تودنهوفر في مقابلة مع "الجزيرة" من مدينة ميونخ الألمانية في 17 نوفمبر إن عدد "الإرهابيين" كان في العام 2001 يقدر بالمئات، بينما ازداد اليوم ليصبح بمئات الآلاف، وذلك بسبب الاستراتيجية الخاطئة، التي يتبعها الغرب. وأضاف " الحرب على الإرهاب والغارات في أفغانستان وليبيا سببت حالة من الفوضى, وزادت من نفوذ الإرهابيين، إذن فهي استراتيجية خاطئة وتعود بالشر على الغرب وعلى روسيا". واستطرد " تنظيم الدولة ليس جيشا نظاميا, بل يتكون من محاربين كالعصابات, تقسم إلى مجموعات، فلا يمكن مواجهته بالقصف الجوي". وتحدث تودنهوفر عن مفاجأة مفادها أنه عندما كان موجودا في مناطق سيطرة تنظيم الدولة، تمت مهاجمة التنظيم, بطائرة من دون طيار أمريكية، وأنه في ثوان, ابتعدت سيارات عناصر التنظيم, في اتجاهات مختلفة, واختفى جميع المقاتلين. وكان تودنهوفر قام في 2014 بجولة في أراضي تنظيم الدولة من الرقة السورية, حتى الموصل العراقية بترخيص من زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي. وتودنهوفر هو مؤلف كتاب "عشرة أيام داخل الدولة الإسلامية"، وقد اشتغل قاضيا ونائبا برلمانيا, واشتهر بلقاءاته مع رئيس تشيلي الأسبق أوجستو بينوشيه والمقاتلين الأفغان والرئيس السوري بشار الأسد. وفي 16 نوفمبر, وجه تودنهوفر رسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي للشعب الألماني, قال فيها إن الحروب التي يخوضها الغرب ضد المسلمين هي سبب انتشار الإرهاب المتمثل ب"داعش" في أوروبا, وإن لا علاقة للإسلام بهذا الأمر. وأضاف تودنهوفر "ندين الفعل الإرهابي في فرنسا, ونتعاطف مع القتلى، فالإرهاب هو الإرهاب, أينما كان"، ولكنه استطرد :" الغرب قتل ملايين المسلمين ولم نر أي تعاطف من ساسة الغرب معهم, حروبنا التي قتلنا بها المسلمين هي سبب انتشار الإرهاب, ولا شأن للإسلام في ذلك". واعتبر تودينهوفر أن ألمانيا لا يجب أن تقلق من انتقال الأعمال الإرهابية لديها، فألمانيا ليست فرنسا، قائلا: "فرنسا لها تحركات عسكرية في إفريقيا والشرق الأوسط، كما أن ماضيها الاستعماري معروف، إلا أن ألمانيا سلكت طريقا مختلفا, ولا مبرر للقلق، كما أن الغالبية المطلقة من المسلمين في ألمانيا ينبذون الإرهاب والحركات الإرهابية مثل داعش". ومعروف أن تودنهوفر سبق أن هاجم حركة "بغيدا" العنصرية، والتي ظهرت في ألمانيا مؤخرا، وتنادي بطرد المهاجرين الأجانب، خاصة المسلمين، واتهمها بأنها تلعب اللعبة نفسها, التي يقوم بها "داعش".