آه .. من العدالة العرجاء المكسّحة خاصة بعدما تختفى عنها الأدله وتدمّر كل آلياتها فيتسرب المجرمون من بين جدرانها الواحد تِلو الآخر كأنهم لم يقترفوا إثماً ولم يعيثوْا فى الأرض الفساد، يتسربون وهم يخرجون لنا ألسنتهم مع أول حكم بالبراءة للضباط المتهمين بقتل المتظاهرين فى ثورة 25 يناير الصادر من محكمة جنايات القاهرة التى حكمت ببراءة 4 ضباط وأمين شرطة من قسم السيدة زينب، المتهمين بقتل 5 والشروع فى قتل 6 آخرين من المتظاهرين أمام قسم الشرطة يومى 28 و29 يناير الماضى. كان متوقعًا أن يصدر مثل هذا الحكم لأن القانون الجنائى يستوجب وجود دليل، والقضية خلت من هذا وأن السيديهات التى شاهدتها المحكمة أكدت على اقتحام الأهالى للقسم وإشعال النيران فيه مما حول الضباط من قتلة متظاهرين سلميين إلى حالة دفاع شرعى عن النفس ووفقا للمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية، قضت المحكمة بالبراءة لتوافر ركن الدفاع الشرعى عن النفس وأعتقد أن هذا ما سيحدث فى كل قضايا قتل المتظاهرين القادمة بما فيها قضية رأس النظام ووزير داخليته ومساعدوه لم نكن مخطئين عندما طالبنا منذ شهور وبعد خطاب التنحى بضرورة تشكيل محاكم ثورية عاجلة تطبق قانون الغدر .. تقوم بمحاكمة رأس النظام السابق وعائلته وأركان نظامه .. طوال فترة حكمه الممتدة .. بتهم الفساد السياسى أولاً ، والخيانة العظمى ، والحنث بالقسم والقتل والترويع ، وإحداث عاهات بالمتظاهرين ، وتعذيب الثوار ، والسلب والنهب والإضرار باقتصاد البلاد ، وإشاعة الفوضى وتعريض الأمن القومى للبلاد للخطر وتهريب الأموال والآثار للخارج ، والاستيلاء على مقتنيات القصور الملكية التاريخية ذلك لأن الأنظمة الجديدة لا تنجح إلا بنظام عدالة يحميها ويؤمن بقاءها، ففى مصر مثلا عندما نجح ضباط الجيش فى حركتهم عام 1952 قاموا باتخاذ مجموعة من الإجراءات لحماية حركتهم وتطبيق المفهوم الخاص لعدالتهم، ثم تشكيل لجان لتطهير الإدارات الحكومية بموجب المرسوم رقم 130 لسنة 1952 ، و من ثم صدر المرسوم بقانون رقم 277 لسنة 1952 الخاص بالتدابير المتخذة لحماية حركة 23 يوليو سنة 1952 والنظام القائم عليها، ثم صدر المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952 فى شأن جريمة الغدر، و كان الهدف من هذه المراسيم هو إحداث قطيعة مع النظام الملكى الذى انقلب ضده ضباط الجيش وحماية حركتهم. وبشكل ما ساعدت تلك الإجراءات ضباط الجيش من إحكام سيطرتهم على الأوضاع فى ذلك الوقت فضباط الجيش وجدوا أنفسهم على رأس دولة ومؤسسات وأفراد غير مؤيدين للضباط ولحركتهم، وكان عليهم حتى يؤسسوا لشرعية دولتهم بتطهير المؤسسات والأشخاص التى شكلت النظام السابق أولاً، ولإحداث قطيعة مع النظام الذى انقلبوا عليه ليؤسسوا نظامهم وشرعيتهم الجديدة. إن ثورة 25 يناير كانت تحتاج إلى عدد كبير من الخطوات والإجراءات القانونية التى تحميها وتضمن لها النجاح وتضمن لها إحداث قطيعة مع النظام السابق بكل أشكاله بعد تطهير كل مؤسسات الدولة منهم لتأسيس شرعية النظام الجديد، وهى الخطوات والإجراءات التى كانت تشكل فى مجملها العدالة الثورية التى تؤسس لشرعية نظام 25 يناير وتحميه و ترسى قواعد لنظام دولة القانون . إن المجلس العسكرى مطالب الآن وفورًا .. قبل أن تحترق البلاد بنار هذه الأحكام التى ستتوالى من كافة المحافظات تباعًا بإصدار مرسوم بقانون لإنشاء محاكم خاصة لمحاكمة قتلة المتظاهرين خلال أحداث الثورة، تختص تلك المحاكم بنظر جميع قضايا القتل والفساد بداية من تولى الرئيس المخلوع الحكم فى سنة 1981 حتى أحداث مجلس الوزراء الأخيرة، وتجنب مصر غضب الشارع ومليونيات ميدان التحرير لضياع حقوق شهداء الثورة، واشتعال النيران بثورة غضب ثانية وبذلك نرفع الحرج عن القضاء الذى يقدم إليه أدلة مهمشة جمعتها له أجهزة الشرطة لمجاملة زملائهم المدنيين تجلعه يحكم بالبراءة لعدم توافر أدلة قوية .. وقبل أن نسمع عبارة "حكمت المحكمة ببراءة محمد حسنى السيد مبارك ونجليه وأركان نظامة مما هو منسوب إليهم" ساعتها سنجلس لنقول "ياشماتة أبلة ظاظا فيا" [email protected]