«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقد جدل التعليم الديني
نشر في المصريون يوم 17 - 11 - 2015

شهد التعليم الديني موجة كبيرة من الهجوم الغربي بعد أحداث سبتمبر 2001 – تتابعت بدعوات وتقارير رسمية وغير رسمية بضرورة توجيه آلة التخطيط الاستراتيجي الغربي للعالم العربي نحو مناهج التعليم الديني ومقرراته[1].. وظهرت محاولات وإجراءات متباينة من المغرب العربي إلى المشرق ..ومن حذف بعض الموضوعات المقررة تارة، وتقليص المادة المقدمة تارة أخرى إلى الدعوات باستبدال مادة التربية الإسلامية في مقررات التعليم العام في الوطن العربي بمادة الأخلاق أو الثقافة أو مقرر حقوق الإنسان. هذا مع ملاحظة عدم وجود أية مقررات إسلامية في التعليم العام الجامعي.
ونطالع في هذه المقالة أحد الجهود (العلمية) التى اهتمت بدرس حالة التعليم الديني في العالم الإسلامي وهو الكتاب الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث – بالإمارات المتحدة رقم 103 – يوليو 2015، ويحمل عنوان : جدل التعليم الديني .. التاريخ – النماذج – الإصلاح.
وسوف نقوم بتحليل مضمون عام نحاول فيه الكشف عن الاتجاهات الفكرية الكامنة وراء المادة العلمية المقروءة التى يقدمها الكتاب، من خلال الاعتماد على مقولاته ونصوصه والتى سوف نترك فيها مساحة كبيرة للقارئ ليشترك معنا في قراءة النص ومعرفة توجهاته الفكرية التى يسعى إلى تحقيقها من هذا العمل (العلمي).
جدل التعليم الديني
الشكل دراسية
[1] تشير بعض التقارير أن الولايات المتحدة الأمريكية رصدت ما يقرب من 65 مليون دولار لتغيير المناهج الإسلامية في الوطن العربي وكانت دولة الإمارات من الدول السباقة فى الاستجابة إذ ألغت اقسام الدراسات الإسلامية من كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية بدءا من العام الجامعي 2004-2005-حنان يوسف الحرب الأمريكية على الإسلام-الإسلام اليوم)

يتضمن الكتاب خمسة عشر بحثاً تتعلق جميعاً بالتعليم الديني، ومناهج التربية الإسلامية في التعليم العام باستثناء دراسة واحدة لا تتعلق بموضوع الكتاب أصلاً لا من قريب ولا من بعيد وهي دراسة "العلوم الاجتماعية في الجامعات الخليجية البحرين نموذجاً "..

فلم يتطرق في مضمونه لموضوع الكتاب الذى يهتم أصلاً – كما ذكرناً – بمسألة التعليم الديني ومناهجه ومقرراته.
وتتوزع خارطة باقي الدراسات ال14 على دول العالم العربي والإسلامي كالتالي:
الدولة عدد الدراسات
- التعليم الديني في مصر 3
- التعليم الديني في تونس 2
- التعليم الديني في الجزائر 1
- التعليم الديني في باكستان 1
- التعليم الديني في السعودية 2
- التعليم الديني في إيران 1
- التعليم الديني في تركيا 1
- التعليم الديني في العراق 1
ودراستين تناولتا فلسفة التعليم الديني وعلاقته بالعنف وتأسيس ثقافة الكراهية، والدراسة الثالثة جاءت تحت عنوان "محنة تدريس الفلسفة وتفاقم المد الأصولي" وتنعي أحول الفلسفة في الجامعات العربية وتراجعها لصالح الرؤية الأصولية التى تحرم تدرس الفلسفة.
ومن حيث التصنيف المذهبي جاء الدراسات المختلفة لرصد وتحليل ونقد حالة التعليم السنى والشيعي في العالم الإسلامي بينما غاب التعليم الديني المسيحي رغم وجوده المكثف في كثير من بلدان العالم العربي لاسيما لبنان ومصر والجزائر. ويقع الكتاب في حوالي 400 صفحة.
تحديد المفاهيم أولاً
يقصد بالتعليم الديني في هذا الكتاب : تعاليم الدين الإسلامي، سواء الموجودة في مناهج ومقررات مدارس ومعاهد وجامعات التعليم الديني، أو تلك المناهج والمقررات الموجودة في مدارس التعليم العام والمعروفة بمقرر "التربية الإسلامية".
وهذا مما لم يوضح في عنوان الكتاب (جدل التعليم الديني – التاريخ – النماذج – الإصلاح) وكان من الممكن أن يتضمن أيضاً التعليم الديني المسيحي الذى لا تخلو منه تقريباً دولة عربية أو إسلامية، والذى يمثل إحدى أطراف ازدواجية التعليم الديني في العالم العربي والإسلامي، لاسيما في لبنان ومصر ودول المغرب العربي.
والدين في هذا الكتاب أو بالأحرى تعاليم الدين الإسلامي (المتغير المستقل) تتقاطع مع مجموعة من المتغيرات التابعة كما أشارت الدراسات الرئيسية التى تخدم الفكرة الجوهرية والمستهدف الخفي لفكرة الكتاب كما يوضع المخطط التالي:
التعليم الدينى الإسلامي
¬ العنف
¬ الكراهية
¬ الفلسفة (التحريم)
¬ التعصب
¬ الإرهاب
¬ الجمود
¬ التشدد



الافتتاحية والأهداف الأساسية
تفصح الافتتاحية عن الأهداف الأساسية لإصدار مثل هذا الكتاب متضمناً هذا العدد الكبير نسبياً من الدراسات المركزة حول التعليم الديني الإسلامية وتمظهراته الثقافية تحديداً- كما يُنسب إليه-، والتى تراوحت بين دراسات فلسفية وأخرى تطبيقية أو الجمع بينهما في دراسة واحدة.
ويمكن إدراج أهم الملاحظات التحليلية حول الأهداف الأساسية للكتاب – من خلال افتتاحية الكتاب والتى حررها رئيس التحرير، وهي كما يلي:
1- الدافع الفكري للكتاب: هو غياب للمنهاجية الغربية عن درس "دراسة الأديان" في عالمنا الإسلامي أو كما يقول "تزايدت الفجوة بين التعليم الديني في المجتمعات الإسلامية" – لاسيما الطابع التقليدي منه – والشروط الجديدة التى تفرضها "دراسة الأديان ... خصوصاً تلك المستفادة من أوروبا .. ص9".... وهذه في الحقيقة مغالطة معرفية وتناقض بين رؤية رئيس التحرير في السطور الأولى من الافتتاحية وما ذكره بعد ذلك... إذ أن الدرس الخاص ب"دراسة الأديان" درس علمي بالأساس ومنهجي .. أما عنوان الكتاب ودراساته الموجهة وما جاء تالياً لهذا الكلام الذى تصدر الافتتاحية ليتصل بالجانب التربوي والتعليمي الإيماني والتنشئة الإيمانية لأن مناهج ومقررات التعليم في المدارس والمعاهد تهدف بالأساس إلى صوغ العقل والوجدان والهدف العلمي يأتي في مستويات أعلى مثل برامج الماجستير والدكتوراه.
ويستشهد "رئيس التحرير" بتقرير "ريجيس دوبريه" الذى قدمه للحكومة الفرنسية مؤكداً ضرورة "تعليم الأديان في المدارس العمومية ومنها التعريف بالإسلام لدى التلاميذ الفرنسيين بمختلف أديانهم ص9". وهو ما يشير إلى أن فرنسا – أيضاً. لا تتبع الدرس الأوروبي "!!؟ في "دراسة الأديان" في المدارس وتتبع النمط التقليدي العربي – الإسلامي.؟؟
2- تساؤلات الكتاب (الرسالة الحقيقية):.. تثير الافتتاحية عدة تساؤلات من المفروض أن الدراسات المتضمنة بين دفتى الكتاب أجابت عليها، أو وجهت للإجابة عليه لاسيما وأن ورقة الاستكتاب الموجهة للباحثين لم تكن واحدة .. ولم تتضمن تساؤلات الافتتاحية .. لذلك جاءت عدة دراسات بعيدة عن أسئلة الافتتاحية التى تمثل الرسالة الحقيقية للكتاب[2]، أما أبرز هذه التساؤلات فهي:
- أين دور إصلاح التعليم الديني في تجفيف منابع التطرف؟
- هل يسمح هذا الإصلاح بتكريس ثقافة العيش مع الآخر من خلال تنقية الدروس الدينية من اللغة المعادية لأبناء المذاهب والأديان الأخرى؟
- كيف تلقفت الجهات التعليمية المطالب التى رفعها بعض المثقفين حول الحاجة لتنقية مناهج التربية الإسلامية من الأفكار التى تحرض على العنف واستبدالها بمقررات حول حقوق الإنسان؟
- هل يتم تدريس مادة التربية الإسلامية بأسلوب استعلائي تفاضلي، أم بأسلوب موضوعي تكاملي؟
[1] افتتاحية الكتاب ص 9:12.
- هل يكرس منهاج التربية الإسلامية وجهة نظر ماضوية، أم أنه يوائم بين الأبعاد الزمانية؟
- على أي أساس يسند الدرس الإسلامي دوره التربوي: على التخويف والترهيب أم على التقارب والتعارف؟
- كيف تحضر صورة المرأة في منهاج التربية الإسلامية؟
- كيف تبرز صورة الأخر – المختلف دينياً – في منهاج التربية الإسلامية؟
- لماذا تتجه السياسات التربوية المعتمدة إلى تديين مناهج التعليم؟
- ما الرابط بين تنامي التطرف وتراجع تدريس الفلسفة؟
­ وفيما يتعلق بمجال الإصلاح الديني : تحدد الافتتاحية مجال الإصلاح الديني الإسلامي المنشود فتذكر أنه "... لا ينبغي أن ينحصر إصلاح مناهج التعليم الديني في المدارس والمعاهد الدينية المنتشرة في العالمين العربي والإسلامي فحسب، فمن المهم أن يطال المنهاج التربوي المعتمد داخل المنظومة التعليمية مادة "التربية الإسلامية" في مختلف المراحل الدراسية"[3].

يمكن أن نصل – في ضوء هذه القراءة للافتتاحية المعبرة إلى نتيجة ضرورية ولازمة وهي : أن مناهج التعليم - التعليم الديني – حسب ما يهدف إليه الكتاب في جوهره – يتحمل عبء العنف والأرهاب والتطرف فى المنطقة العربية والعالم وذلك لما يحتويه من قيم وتصورات ومفاهيم تدعو إلى التعصب والإرهاب (!!!) وهو ما أكدته الافتتاحية – أيضاً – التى ردت انتشار "العنف الديني في منطقة الشرق الأوسط منذ عقود إلى مناهج التعليم الديني "[4].
ونرى أن هذه وجهة نظر متحيزة وغير موضوعية لأن العنف والتطرف في منطقة الشرق الأوسط – بحسب تعبيرهم – نشأ في ظلال ثلاثة عوامل أساسية :
1- الاستعمار.
2- وجود الكيان الصهيونى.
3- وجود الأنظمة الاستبدادية الموالية للغرب وتجاهلت (الافتتاحية) الأسباب الموضوعية للعنف والتطرف وهو ما يظهر تحيزاً ضد قواعد المنهج العلمي والقراءة العلمية للظاهرة الاجتماعية ويظهر – أيضاً – أن المسلمات التى طُرحت تحتاج إلى مناقشة واختبار قبل أن يتم التسليم بها وطرحها بهذه البداهة. ومن ثم فأن تدور الفكرة الرئيسية حول هذه "المسلمة" التى لم تختبر بشكل موضوعي أمر يدعو إلى الدهشة العلمية، والمطالبة بالمراجعة لكثير من الأفكار والدراسات الواردة في الكتاب.
[1] ص 11
[1] ص 10

المقولات الأساسية والمنهجية
نقصد بالمقولات الأساسية – المنهجية(*)، تلك الأفكار التى توافقت مع قصد الكتاب الأساسي والمنهجي كما جاء في الافتتاحية الكاشفة لغاية الكتاب ومقصده الأساس.
ففي دراسة "التعليم الديني وعلاقته بثقافة الكراهية والعنف ورفض الآخر "[5] يذكر المؤلف خصائص المحتويات التعليمية للمناهج الدينية وأهمها:[6]
- أنها – جميعاً – بعيدة من علوم ومعارف وثقافة العصر، معزولة عن احتياجات وأهداف مجتمعاتنا.
- أنها جميعاً تلقن طلابها – رأياً فقهياً أحادياً يدرس كحقيقة مسلمة لا تقبل نقاشاً أو خلافاً أو رأياً آخر.
- أنها تدرس (المفاهيم) الدينية، مثل :الجهاد، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الولاء والبراء، الحاكمية تطبيق الشريعة، والخلافة.
- أن بعض هذه المحتويات تختار من الآراء الفقهية أكثرها غلواً وتشدداً وتخلفاً.
- إن بعضها قد يعادى المرأة ويعتبرها أدنى من الرجل.
ثم يطرح عناوين وأفكار باقي دراسته على هذا النحو:
- مناهج تزرع الكراهية في نفوس الأطفال.
- ضحايا عقيدة الولاء و البراء.
- هل درس المحبة صعب في مناهجنا.
- لا تسافر إلى بلاد الكفار.
- الرسم حرام والنار مصيرك.

(*) جاءت بعض الدراسات كما أسلفنا لاتتماشى مع فكرة الكتاب المنهجية كما جاءت في الافتتاحية مثل دراسات "التعليم في حوزة النجف – التعليم في حوزة قم و"التعلم في الجامعات الخليجية، ولا حتى الدراسات التى تناولت جهود الإصلاح بالتأريخ، ويبدو أنها دراسات جاءت مكملة لإضفاء شئ من الموضوعية على منهجية الكتاب ومن ثم لم تعبر عن قصد الكتاب الذى ظهر في الافتتاحية. حيث لم تبحث هذه الدراسات عن العنف كناتج لمناهج التعليم الدينى (كما جاء فى الافتتاحية).
[1] ص31.
[1] ص36.
- ضحايا عقيدة الفرقة الناجية.
ثم يختتم الكاتب دعوته بقوله "إننا في حاجة ماسة إلى أنسنة التعليم الديني، ليصبح تعليماً يحتضن الإنسان الذى كرمه الله لكونه إنساناً قبل أن يكون مسلماً أو غير مسلم، رجلاً أو امرأة، ويؤكد على ضرورة إصلاح التعليم الديني الذي ينتج عقليات منغلقة ويضعف الوطنية والمواطنة..الذى أثبتت دراسات عديدة علاقته بثقافة الكراهية ورفض الأخر" .
أما دراسة "الأزهر وإصلاح التعليم: ما الجديد بعد المتغيرات ". فتبدأا ب بما تراه حقيقة واقعة وهي أنه: فرضت علينا – كمجتمعات عربية وإسلامية – قضية مكافحة الإرهاب والتطرف الديني، فقد اجتاحت تنظيماته وخطاباته المتطرفة دول "العالم بإرهابها المنظم في أعقاب ما عرف ب"ثورات الربيع العربي" التى انتهت خريفاً من التطرف الذى ينسب نفسه إلى الدين الإسلامي"[7].
هذه الفقرة التى تصدرت تعريف الدراسة تبين ذلك الربط بين الإسلام والتطرف الديني الذى اجتاح العالم في تعميم وتشويه وتعمية علمية لا يتحملها المنهج العلمي، فضلاً عن موقف الكاتبة من ثورات التحرر العربي التى قابلتها ثورات مضادة عاتية اعتبرتها (أي ثورات التحرر – خريفاً للتطرف (!!).
وهو ما فسرته تالياً بأن السبب الأساسي فيه – أي هذا التطرف – هو : "مناهج التعلم الديني في مجتمعاتنا الإسلامية... وهو ما يحمل "ضرورة التصدى له"[8] .وتضيف ايضا على هذا النحو "إن تجديد الخطاب الديني ضرورة فكرية ودينية ملحة لمواجهة عواصف التشدد والتطرف والإرهاب التى اجتاحت المنطقة مما يجعل تطوير التعليم الديني ضرورة فكرية وثقافية للتعليم عموماً وللأزهر خصوصاً ..." [9].
ثم تنتقي الدراسة مضامين بعينها مما يدرس في كتب الفقه في الأزهر لتستدل به على دعوتها التجديدية من ناحية وحكمها أن التعليم الديني هو سبب التطرف من ناحية أخرى، فتذكر موضوعات مثل:
- الختان .
- المرأة وصلاة الجمعة .
- تقسيم البشر إلى مسلمين وكفار .
- الموقف من العلم .
[1] 83.
[1] 84.
[1] 85.
ثم تحذر الدراسة إذا لم يتم الأخذ بمقترحاتها (الإصلاحية) بتنامي العنف والتطرف (!!) لأن أعداد المنتسبين للمؤسسة التعليمية الأزهرية تزداد كل عام "فعدد التلاميذ في عام 94 – 1995 وصل إلى مليون وستين ألف تلميذ، وتضاعف في تعداد 2005 – 2006، أي في 10 سنوات ثم تضاعف مرة أخرى في العام الحالي 2015 "[10].
ثم تختم الدراسة بمقترح إصدار الأزهر وثيقة للحريات "......تحظر أي محاولة لاستبعاد الآخرين أو تصنيفهم على أنهم كفار، وترفض نزعات إدانة عقائد الآخرين.." و"تقديم مقرر جديد الذى اقترحه "بيت" العائلة المصرية "يعبر عن القواسم المشتركة بين الإسلام والمسيحية"[11] (!!!).
أما الدراسة الثالثة المعبرة عن رسالة كتاب – جدل التعليم الديني – فجاءت تحت عنوان "الدين في التعليم المصري وننشئه التطرف " والعنوان كاشف لهدف الدراسة حيث حذفت كلمة "المناهج" وجاء "الدين" كمبتدأ مباشر للجملة وخبرة تنشئته التطرف أى الدين ودوره في تنشئة التطرف في التعليم المصري، فالحديث هنا عن فكرة الدين ذاتها، وعن الإسلام تعيناً... وبعيداً عن استنطاق العنوان الذى نراه واضحاً ومعبراً في ذاته تنتقد الدراسة حالة المدارس المصرية خلال الأربعين عاماً الماضية التى تحولت حسب رأيها إلى "بؤر دينية ولم تعد بؤراً تعليمية ثقافية" [12].
ثم توضح وتنتقد الأحوال التى أصبحت عليها المدرسة المصرية وجعلها تتحول إلى أماكن لتخريج التعصب والتطرف، وهذه الأحوال هي : [13]
1- التركيز على نشاط مدرسي لتحفيظ القرآن تقوم مدرسة العلوم (!!) وتهمل فيه باقي الأنشطة الأخرى.
2- الإذاعة المدرسية تركز على الوعظ الديني والنصائح الجافة المباشرة.
3- تحية العلم لم تقتصر على تحية الوطن فحسب، وإنما أصيفت إليها عدد من الأدعية والهتافات الدينية.
4- ارتباط الاحتفالات التى تقام بالمدارس بالمناسبات الإسلامية، دون الأخذ في الاعتبار المناسبات التى تخص الذين يدينون بالدين المسيحي.
5- اللغة السائدة بين المعلمين والمتعلمين تستخدم مفردات دينية من خلال الاستشهاد بالحلال والحرام ولا تعكس آداب الحوار.
[1] 91.
[1] 107.
[1] 112.
[1] 119.
ثم تنتقد مناهج التاريخ "التى تركز على الأسماء الإسلامية وتهمل الأسماء القبطية"[14] " ومناهج اللغة العربية التى تتحول بصورة مباشرة إلى دروس في الدين الإسلامي"[15] " كما يوجد ارتباط بين مناهج اللغة العربية وبين العنف... فالكثير من النصوص وشروحاتها لا تعطى أولوية للتسامح ومن ثم فإنها تضرب الانتماء والتماسك الوطنى في مقتل .." [16] .
ولعل هذا من وجهة نظرى يفسر بعض التغيرات التى طرأت على المناهج والمقررات المدرسية في مصر على سبيل المثال بعد 3 يوليو 2013 , والتي كانت تصب فى صالح التقليل من التعاليم الإسلامية وتقليص والتاريخ الإسلامي . [17]
ثم تضرب عدة أمثلة عملية لتديين مناهج التعليم المصري والتى كانت سبباً في تكوين ثقافة التطرف لدى التلاميذ ومنها(!!!):
- منهج الدراسات الاجتماعية للصف الأول الإعدادي طبعة (2009 – 2010) "يبدأ بعبارة تحتل صفحة أكملها كمدخل عام للموضوع وهي "إننا نعيش في عالم من صنع الخالق سخره لنا وأمرنا بتعميره، فهيا بنا في حركة بين ظواهر الطبيعة وحضارته الإنسانية لنكتشف أسراره وعجائبه ص125".

[1] 124.
[1] 125.
[1] 125.
[1] د.حسان عبدالله .علمنة التعليم المصري وتزييف التاريخ "نسخة الانقلاب", الجزيرة مباشر مصر 4/10/2014 .

http://klmty.net/261975-%D9%85%D9%86%D8%A7%D9%87%D8%AC_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9_%D9%81%D9%8A_%D9%85%D8%B5%D8%B1___%D8%AA%D8%B4%D9%88%D9%8A%D9%87_%D9%88%D8%B9%D9%8A_%D8%A3%D8%AC%D9%8A%D8%A7%D9%84_%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9.html

- من بين الأهداف الموضوعة للدروس – وأحياناً أهمها – "أن يقدر التلميذ عظمة الله في خلق الكون" "أن يقدر التلميذ عظمة الله في ظاهرة الليل والنهار وتنوع الفصول و..ص126).
- وفي درس خطوط الدول والعرض يطلب من التلميذ أن "يحدد الفارق بين أذان الفجر بين مكة وتونس" وتعقب الكاتبة بأن ذلك وغيره يعكس هيمنة الدين [نقصد الإسلام ولا تسميه] على المناهج وتتمثل نتائجها في ترسيخ أسس احتقان طائفي (126).
- أما كتب التربية الإسلامية في مناهج التعليم المصري فنذكر الدراسة أنها "تميل للمفاضلة والمقارنة بين الأديان على نمو يعلى من شأن الإسلام عن الأديان الأخرى. "وهذا يضعف من التماسك والمواطنة ص126" (!!!).
وتقدم الدراسة أبرز الحلول لمواجهة تلك المشكلات التى سببها الدين في مناهج التعلم تقترح "فصل الدين عن التعليم المدنى" ص139 ويبدو أنه الهدف الأساسي للدراسة كما جاء من نماذج عينات التحليل السابقة. أي إلغاء فكرة الدين في المناهج والمقررات والأنشطة بصورة مطلقة وليس حتى على سبيل الإصلاح أو التطوير أو التعديل (!!!).
الفلسفة هي بديل الدين
تأتي دراستين ضمن ال 14 دراسة لتؤكد أن الخلاص النهائي والحل اليقين لإنهاء حالة التطرف والتعصب والإرهاب (!!!) على حد فرضية الدراسة هو استبدال الدين بالفلسفة "...طبعاً لا ينفصل واقع التعليم الديني في العالم العربي، الذى تمول جزء منه لا يستهان به إلى بؤر لتفريخ التطرف، عن محنة تدريس الفلسفة وأزمة السياسات التعليمية "[18]، فتؤكد دراسة "محنة تدريس الفلسفة وتفاقم المد الأصولي" "أن الفلسفة تعاني عندنا من محنة عامة ... فقد تعرضت للتهميش والإقصاء من خلال إضعاف حضورها المعرفي في مقابل تديين المناهج التعليمية وتوسيع أطر التعليم الديني الذى يرافقه تفريخ المعاهد الدينية في العقود الأخيرة" [19]. "... ومن الأهمية إعادة إحياء الدرس الفلسفي فى العالم العربي في مرحلة يشتد فيها التطرف الديني الذى يرتكز على تصورات قروسطية فريد إعادتنا" بالقوة والعنف إلى عصر ظلامى حاولنا التخلص منه ...."[20] .
خلاصات معرفية
[1] 240.
[1] 217.
[1] 225.
حول: جدل التعليم الديني

أولاً: الكتاب لا يعبر عن حالة (جدل) أي حوار بالمعنى المتعارف عليه فلسفياً (الرأي والرأي الأخر) فالكتاب ودراساته باستثناء الدراسات الأربع(*)، التى أشرنا إليها – أشبه بمنولوج ليس ديالوج لما جاء طرحه في الافتتاحية وأسئلتها والتى شكلت الإطار المعرفي للكتاب كله.
ثانياً: إن إقامة الكتاب علاقات ثنائية قدمها (أشبه بالحقائق المسلمات) مثل الدين – التعصب / الدين – رفض الآخر / الدين -العنف / الدين – الإرهاب، الدين – الجمود... فيها مخاطرة علمية ومعرفية كبيرة ... حيث إن الطرح اعتمد أساساً على فكرة الانتقاء من ناحية والمغالطات المنطقية من ناحية أخرى في النظر إلى الإسلام بمجالاته وميادين عمله المتعددة.
ثالثاً: الصورة التى يقدمها الكتاب عن حالة العرب والمسلمين تتبنى بشكل واضح الرؤية الغربية وتحمل نفس الأسباب وتدعو إلى نفس طرق الحل(**). وهذا يعنى أن الطرح الفكري للكتاب يقوم على تبنى الرؤية الغربية – وتحديداً الأمريكية للحالة الثقافية والتعليمية في العالم الإسلامي ودور الدين فيها... وهذا مدخل لا يؤمن بقوامه الأمة على نفسها أو أنها تحمل بذور إحيائها وإصلاحها داخلها.
رابعاً: يتبنى الكتاب وجهة النظر الغربية في التعامل مع الدين (الإسلام)، ويدعو صراحة إلى ضرورة تعاملنا مع الإسلام كما تعاملت أوروبا مع المسيحية، وهنا خطأن : خطأ الميزان (المنهج)، وخطأ الموزون ( أي المساواة بين الإسلام والمسيحية في طبيعة الرسالة وفي الغاية والمكونات والمضامين).
خامساً: تطورت دعوات الكتاب فيما يتعلق بالتعليم الديني من الإصلاح الجذري وحذف بعض النصوص وتحريمها في المنهج التربوي والتعليمي إلى إلغائها كلية واستبدالها بمقررات أخرى مثل : حقوق الإنسان أو مقرر الفلسفة وهو منحنى لا يستطيع أن يدرك أولاً طبيعة الدين في التشكيل الإنساني السوي؛ ولا طبيعة الإسلام كناظم للأمة لا يعوضه أي معوض زمنى أو وضعي مهما كان.
(*) والدراسات الأربع التى خرجت على الناظم الفكري للكتاب كما جاء في افتتاحيته:
- العلاقة بين التعليم التقليدي والمعاصر.
- العلوم الاجتماعية في الجامعات الخليجية
- التعليم الدينى في إيران – حوزة قم
- طبيعة التعلم الدين في حوزة النحف.
(**) أنظر ما يقر به من عشر دراسات حول صورة العرب في المناهج الدراسية الغربية والأمريكية "المعرفة" العدد 93، يناير 2003 (عدد خاص)
شاهد الصورة:


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.