تشهد المعارضة السورية المسلحة حالة من التخبط والتساؤل حول من يقطع رءوس قادتها، وذلك فى ظل تواصل مسلسل اغتيالات قادة فصائل المعارضة فى محافظة درعا. وكان آخر ضحايا الاغتيال قائد كتيبة العمري، إبراهيم المسالمة، فجر الاثنين الماضي، بإطلاق النار عليه بشكل مباشر فى مدينة درعا البلد، ليفارق الحياة بعد ساعات من إسعافه إلى أحد المستشفيات. فيما نجا خالد أبو زيد الملقب ب"أبو عمر"، قائد لواء التوحيد فى الجنوب السوري، أحد أهم تشكيلات الجيش الحر فى درعا البلد. وفى هذا السياق، قال عضو القيادة العسكرية العليا فى الجيش الحر عن الجبهة الجنوبية، أيمن العاسمي، وفقًا لصحيفة "العربى الجديد"، إن النظام السورى هو من يقف وراء هذه العمليات "بهدف زرع البلبلة والفتن فى صفوف الثوار"، مؤكّداً أنّ "النظام هو المستفيد الأبرز من هذه العمليات، خصوصًا فى ظل توقف العمليات العسكرية حالياً فى عموم المحافظة". ودلل العاسمى على كلامه بالإشارة إلى اعتقال الفصائل للعديد من الخلايا والأشخاص الذين اعترفوا بتجنيدهم من قبل قوات النظام وأجهزته الأمنية لزرع العبوات الناسفة وإلقاء الشرائح التى ترشد طائرات النظام، فضلاً عن تنفيذ عمليات اغتيال مباشرة بحق قادة الفصائل المسلّحة. ولفت إلى أنّ أهم ما يجمع بين المستهدفين بعمليات الاغتيال، أنهم من صفوف "الجيش السورى الحر" والفصائل الثورية الأخرى، الذين خاضوا معظم المعارك فى الجنوب السوري، وبات لديهم خبرة قتالية عالية وعلاقات مع دول الجوار، ما يجعل بعضهم مؤهلاً فى المستقبل لتسلم مراكز قيادية فى سورية المستقبل، ما يعنى أن فقدانهم يشكل خسارة كبيرة حاضراً ومستقبلاً. غير أن العاسمى لم يستبعد، فى الوقت نفسه، وجود تصفية حسابات فى بعض الحالات بين بعض أمراء الحرب على خلفيات عائلية وعشائرية، مشيرًا إلى أن كثافة الوجود المسلح (أكثر من 25 ألف مقاتل) فى محافظة صغيرة تجعل من الصعوبة بمكان ضبط حركة المسلحين ومعرفة هوياتهم. وأوضح أن الخطوط المفتوحة بين "المناطق المحررة والمناطق التى يسيطر عليها النظام من خلال التجارة وتنقلات المواطنين بين محافظة درعا ومحافظتى دمشق والسويداء، تتيح للنظام تجنيد عملاء ومخبرين وإرسال سيارات مفخخة، داعياً إلى تكثيف الإجراءات الأمنية وتوزيعها على الفصائل المسلحة، بحيث يكون كل فصيل هو المسئول الأمنى عن قطاع جغرافى محدد، مع زيادة التنسيق الأمنى بين هذه الفصائل. واتهم الناشط، نامر الرفاعي، جهات خارجية بالضلوع فى هذه العمليات، سواء عبر استخبارات عربية من دول الجوار لا تعجبها مواقف وتوجهات بعض قادة الفصائل، أو جهاز "الموساد" الإسرائيلى الذى يراقب بدوره سلوك قادة الفصائل، ويقوم بتصفية من يعتقد أنه قد يشكل خطراً على إسرائيل فى المستقبل، خصوصاً أن محافظة درعا منطقة حدودية مع فلسطينالمحتلة، وكل ما يجرى فيها يقع تحت المراقبة اللصيقة من جانب إسرائيل وأجهزتها الأمنية. ولم يستبعد الرفاعى ضلوع "لواء شهداء اليرموك"، المتهم بمبايعة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) فى بعض عمليات الاغتيال، إذ بات يتبنى علناً، فى الآونة الأخيرة، بعض عمليات الاغتيال، خصوصاً الموجهة إلى التنظيمات التى تقاتله فى ريف درعا الغربي، ومنها "جبهة النصرة". ولفت إلى أن عمليات الاغتيال تتم بشكل منظم وبحرفية عالية، وهدفها التأثير على الحاضنة الشعبية للجيش الحر، ومحاولة إظهاره أنه عاجز عن إدارة المناطق التى يسيطر عليها. مع العلم، أن ظاهرة الاغتيالات لا تقتصر على درعا وحدها، وتكاد تشمل مختلف المحافظات السورية، وكان أشهرها اغتيال العقيد يوسف الجادر، الملقب بأبوفرات فى عام 2012. كما لوحظ، فى الآونة الأخيرة، انتشار ملثمين فى المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة فى الشمال السوري، حيث يقومون بعمليات اغتيال للقادة واقتحام مقرّات الفصائل ونهبها، لبث الفتنة بين عناصرها الذين يقاتلون جنباً إلى جنب فى معارك ضدّ قوات النظام.