ألقت الانتخابات البرلمانية بظلالها على المشهد السياسي المعقد، فازداد تعقيدًا، وخيم الصمت على معسكر حزب "النور" بعدما خُيبت آماله وتحطمت على أعتاب البرلمان، الأمر الذي استقبله خصومه باعتباره مؤشرًا على اختفائه من المشهد السياسي. وفشل "النور" في حصد أية مقاعد خلال المرحلة الأولى، فيما يخوض مابين 23إلى 25 من أعضائه جولة الإعادة في المرحلة الأولى المقرر خلال أيام، وسط توقعات بانسحاب الحزب، بعد تلميحات بوجود ضغوط على قياداته لإعلان الانسحاب، احتجاجًا على ما اعتبروه إقصاءً له، وشراء الأصوات في الجولة الأولى. علاوة على هذا، يتلقى "النور" ضربات قوية من جانب أنصاره قبل معارضيه، إذ يعتبر مؤيدو الحزب أنه خان مبادئه عندما سمح للأقباط والمرأة بالمشاركة في قوائمه، ولذلك وفقًا للدكتور مختار غباشي، رئيس المركز العربي للدراسات الإستراتيجية، لم يصوت مجموعة كبيرة من السلفيين للحزب وفضلوا الامتناع عن التصويت. وأضاف غباشي خاص ل"المصريون"، أن "هناك أسباب كثيرة وراء إخفاق النور يأتي على رأسها اعتماد الحزب السلفي على الكتلة الصلبة التي تنتمي له بالفعل سواء من شباب أو قيادات داخل الحزب، وهي كتلة مقسمة ومجزئه وأكثرها يرى أن الحزب يناقض نفسه". ولم تكن خسارة "النور" مصدر ابتهاج الأحزاب المدنية وحملة "لا للأحزاب الدينية"، إذ أن "الإخوان المسلمين" وحلفائهم أبدوا شماتة في تعليقاتهم على إخفاقه في الجولة الأولى التي لم يحرز فيها أي مقعد. وقال هشام النجار، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن "على قيادات النور وأعضائه مواجهة الإساءة بالحسنى، وعليهم الابتعاد عن التجاذبات التي يحاول معارضوهم جذبهم إليها". وأضاف: "من المعلوم أن التيار الإسلامي يحاول حاليًا جر النور إلى مستنقعه وسيفعل في سبيل ذلك كل شيء، و "رب ضارة نافعة"، خاصة وأن الحزب يسعى إلي بناء أرضية جديدة له، ولا يسعى إلى مغالبة أو استحواذ". وتابع قائلاً: "الإخوان يحاولون إخفاء خيبتهم بالهجوم علي حزب النور". وعلى الرغم من سقوطه المروع في بؤرة الإخفاقات السياسية، وانحداره من قمة العمل السياسي بعد أن كان حصل على المركز الثاني بعد جماعة الإخوان في انتخابات النواب السابقة، إلا أن حزب "النور"، وجد منفذًا آخر للعبور نحو التأثير في مشاعر المصريين، حيثُ بدأت عواطف المصريين تتحرك نحو مطالبة النظام السياسي بإتاحة الفرصة له للوصول إلى مقاعد البرلمان. في هذا السياق، دشن مجموعة من أساتذة الجامعات حملات على مواقع التواصل الاجتماعي لمطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسي بالتدخل حتى "لا يعمل النور في الخفاء"، مؤكدين أنه لابد من إتاحة الفرصة لفصيل الإسلام السياسي للتواجد داخل أروقة البرلمان حتى لو كانت هذه النسبة بسيطة. وفى هذا الصدد ذهب الأستاذ الجامعي، نادر نور الدين، الذي طالب الدولة والرئيس بإشراك النور في البرلمان حتى لا يُترك للإخوان والسلفية الجهادية فيقتص منه، حسب وصفه. فيما اعتبر عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الاشتراكي، أن ما تعرض له النور من حملات إعلامية مكثفة ضده كانت سببًا في تعرضه لتلك الهزيمة القاسية، مؤكدًا أن "انسحاب الحزب من الاستحقاق الانتخابي سيكون بداية لاختفائه من الحياة السياسية".