حالة من الجدل خلقتها دعوة المستشار أحمد الزند، وزير العدل، للخاضعين لأحكام قانون جهاز الكسب غير المشروع بسرعة الإفصاح عن رغبتهم فى الاستفادة من التيسيرات الواردة فى التعديلات التي طرأت مؤخرًا على القانون، والتي من شأنها إجراء التصالح معهم نظير رد مستحقات الدولة المستولى عليها بالكامل. وقال المستشار عادل السعيد، رئيس الجهاز، فى بيان أمس، إن التيسيرات تأتى فى ضوء استجابة الدولة بإقرار التعديلات المقترحة على القانون رقم 62 لسنة 1975 فى شأن جريمة الكسب، بإصدار القانون رقم 97 لسنة 2015، وذلك لاسترداد أموال الدولة، تحقيقًا للمطالب الشعبية فى هذا الشأن، وترسيخًا لدولة القانون واستقرار أوضاع الخاضعين وتدعيمًا للاستثمار الذي يحتاج إلى بنية تشريعية مناسبة، وحرصًا على الصالح العام وتوعية المواطنين، مشيرًا إلى أنه تم بدء العمل بالتعديلات اعتبارًا من 21 أغسطس الماضي. وأشار المستشار السعيد إلى أن طلبات التصالح تقدم من المتهمين أو ورثتهم أو الوكيل الخاص كتابة إلى رئيس الجهاز بالطابق السابع بمبنى وزارة العدل، الموجود بميدان لاظوغلى، على أن يتضمن الطلب الإقرار برد قيمة الكسب غير المشروع كاملة، لتتولى هيئة الفحص والتحقيق بالجهاز استكمال الإجراءات القانونية المنصوص عليها. وأكد رئيس الجهاز أن قبول طلبات التصالح واسترداد أموال الدولة يترتب عليه العديد من المزايا التى كفلها القانون للمبادرين بذلك، منها انقضاء الدعوى الجنائية وجميع الإجراءات التحفظية ومنها التحفظ على الأموال والمنع من السفر، ووقف تنفيذ العقوبات المقيدة للحرية وامتداد أثر التصالح إلى جميع المتهمين وإلى جرائم العدوان على المال العام وغسل الأموال المرتبطة بجريمة الكسب غير المشروع. وأشار إلى أنه تحفيزًا للخاضعين نص القانون على أن يلتزم من يبادر إلى تقديم طلب التصالح أثناء إجراء التحقيق برد مبلغ الكسب غير المشروع فقط، فإذا تقدم فى مرحلة المحاكمة يتم إلزامه بغرامة تعادل قيمة الكسب. من جانبه قال الدكتور محمود كبيش الخبير القانوني، العميد السابق لكلية الحقوق بجامعة القاهرة، إن تعديلات هذا القانون تستهدف الحصول على الأموال من أجل سد عجز الموازنة وزيادة ميزانية الدولة خاصة أن الدولة فى أمس الحاجة إلى المال لتحسن وضعها الاقتصادي الذي يزداد سوءًا يوم عن يوم كما أنه فى نفس الوقت يحقق مصلحة لرجال الأعمال لأنه يمنحهم نوعًا من الاستقرار الأسرى والنفسي وهذا ينهى مشكلة اتهامات قد تطول مدتها إلى مدى بعيد. وأضاف كبيش فى تصريحات خاصة ل"المصريون" أن رجال نظام مبارك سيحصلون على البراءة فى جميع الأحوال فلماذا لا يتم التصالح معهم الاستفادة بثرواتهم فى نفس الوقت. فيما قال اللواء فاروق المقرحى، مساعد وزير الداخلية الأسبق لمباحث الأموال العامة، إن التعديلات فى قانون الكسب غير المشروع، والتى أقرها المستشار أحمد الزند، وزير العدل، ستعرض على البرلمان المقبل من أجل مناقشتها مطالبًا بألا يشمل التصالح فى القانون الموظف، (مسهل عملية الاستيلاء على المال العام وأن يقتصر الأمر على المستفيد فقط من أجل استعادة أموال الدولة كاملة). وتابع المقرحي فى تصريحات تليفزيونية أنه يجب أن يكون قبول التصالح بإعادة الشيء الذي تم الاستيلاء عليه كاملة أو بقيمته وليس بالتقسيط أو شيكات حتى لا تكون مضيعة للوقت، وأن يكون بالتقدير الحالي للأشياء المنهوبة، وليس بتقديرها وقت السرقة. فى سياق مختلف قال المستشار محمد حامد الجمل الفقيه القانونى والدستورى، رئيس مجلس الدولة الأسبق أن تعديلات قانون الكسب غير المشروع مخالفة للدستور وتتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية التى تقر مبدأ عقاب السارق. وأضاف الجمل أنه كان يجب انتظار انعقاد البرلمان حتى يصدر مثل هذا القانون لأننا فى دولة يحكمها القانون والشرعية القانونية ويجب عقاب كل من يرتكب جريمة بالقانون والعدالة فلا يجوز التصالح مع من نهب أموال الشعب.
وتابع أن هذا القانون لا يفتح باب الاستثمار ويدفع بعجلة الاقتصاد ويشجع المستثمرين كما يقولون مؤكدًا أن تلك التعديلات تستهدف أشخاصًا بعينهم أبرزهم رجال نظام الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك مشددًا على أنه لا يجوز التصالح مع الدولة فى القضايا الجنائية موضحًا أنه يجب إحالة الأمر إلى القضاء لإقرار البراءة أو الإدانة لأي أحد.