كونتكت المالية توقع اتفاقية شراكة استراتيجية مع «أوراكل»    رئيس هيئة المواصفات: جاري العمل على إعداد مواصفة المعدات البيولوجية لمعالجة الهواء والغازات    رابط الاستعلام عن نتيجة امتحان مسابقة معلم مساعد فصل في 12 محافظة    أول مشاركات الفيوم، المدرسة الرياضية تفوز بالمركز الرابع لهوكي المدارس الثانوية    فاتن عبد المعبود: مؤتمر اتحاد القبائل العربية خطوة مهمة في تنمية سيناء    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    علاوة 3% الأبرز.. منح وتسهيلات كفلها القانون ل عمال مصر    الرئيس السيسي يشهد احتفالية عيد العمال ويفتتح عددا من المشروعات    رئيس جامعة أسيوط يرأس لجنة اختيار عميد كلية الآداب من بين 8 متقدمين    «هونداي روتم» الكورية تخطط لإنشاء مصنع جديد لعربات المترو في مصر    «الحركة الوطنية»: دعم الرئيس السيسي لقطاع الصناعة يقلل الفجوة الاستيرادية    المركزي يوافق مبدئيا لمصر للابتكار الرقمي لإطلاق أول بنك رقمي"وان بنك"    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    وزير الزراعة يبحث مع نظيره اللبناني آليات تعزيز التعاون المشترك في مجال تبادل السلع    خبير اقتصادي: زيادة المعروض من السلع يؤدي لاستقرار الأسعار    رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل    ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و596 شهيدا منذ «7 أكتوبر»    سفير روسيا لدى واشنطن: اتهامات أمريكا لروسيا باستخدام أسلحة كيميائية في أوكرانيا "بغيضة"    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار جزء من طريق سريع في الصين إلى 36 شخصا    السعودية تدعو الأطراف السودانية تغليب مصلحة الشعب السوداني ووقف الاقتتال    "صوروه وهو ميعرفش".. جوميز ينفجر غضبًا بسبب فيديو دريمز    تشكيل توتنهام المتوقع أمام تشيلسي بالدوري الإنجليزي    رسميًا غياب نجم الأهلي عن مباراة الجونة للإيقاف    نجت من مصير نيرة أشرف.. ننشر الاتهامات الموجهة للطالب المعتدي على زميلته في طب الزقازيق    توقعات حالة الطقس اليوم.. الأرصاد: طقس حار نهارًا ونشاط رياح على هذه المناطق    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    تحرير 30 محضرًا تموينيًا في كفر الشيخ    السيطرة على حريق اندلع ببعض أشجار النخيل في أسوان (صور)    راجعين من فرح.. مقتل أب وابنه رميا بالرصاص في جبال قرية الدم والنار بقنا    «رقم صادم».. ضبط 12 ألف قضية تسول خلال شهر    إيرادات فيلم شقو تتراجع إلى المركز الثاني لأول مرة.. تعرف على السبب؟    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج.. الخميس 2 مايو 2024    أول تعليق من ميار الببلاوي بعد وفاة عمها    "مئة مبدعة ومبدعة" يُوثق المنجز النسوي الأدبي بمعرض أبو ظبي الدولي للكتاب    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    الكشف على 1361 مواطنا ضمن قافلة «حياة كريمة» في البحيرة    رئيس الوزراء يُهنئ البابا تواضروس الثاني بعيد القيامة المجيد    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع خادم دياو بديل معلول    الفنان ياسر ماهر ينعى المخرج عصام الشماع: كان أستاذي وابني الموهوب    هل توجد لعنة الفراعنة داخل مقابر المصريين القدماء؟.. عالم أثري يفجر مفاجأة    صباحك أوروبي.. حقيقة عودة كلوب لدورتموند.. بقاء تين هاج.. ودور إبراهيموفيتش    غضب الله.. البحر الميت يبتلع عشرات المستوطنين أثناء احتفالهم على الشاطئ (فيديو)    بعد أزمة أسترازينيكا.. مجدي بدران ل«أهل مصر»: اللقاحات أنقذت العالم.. وكل دواء له مضاعفات    مشكلات صحية يعاني منها طفلك فى فصل الصيف، احذريها    ملخص عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    ضبط عاطل وأخصائى تمريض تخصص في تقليد الأختام وتزوير التقرير الطبى بسوهاج    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالمصالح الحكومية.. «شخلل علشان تعدي»

فساد السجل المدنى برعاية الشرطة.. المرور: ادفع علشان الملف
الزيارة فى قسم الشروق ب90 جنيهًا.. وكلمة السر «معاك سجاير»
مفتشو التموين يرفعون شعار: «كل سنة وأنت طيب»
الوحدات الصحية فى المرج بدون أدوية.. وشهادات الميلاد بعد شهر

يبدو أن تصريحات المسئولين عن هيكلة الجهاز الإداري للدولة والقضاء على البيروقراطية والفساد داخل المصالح والهيئات المختلفة، ليست إلا مجرد شعارات للاستهلاك المحلى وتسكين للمواطن الذي ضاق ذرعًا بالمخالفات والرشاوى التي أصبحت شعارًا لجميع مؤسسات الدولة.

فعبارات "نشرب شاى"، و"شوفنا بحاجة كده يابيه"، و"هات نفطر يا باشا"، باتت شعار المرحلة حتى أصبح الشعار الأكبر فى بعض المصالح "شخلل عشان تعدي"، بعد أن أصبح الفساد بالمصالح الحكومية "إخطبوط" تغلغل فى كل مفاصل الهيكل الإداري والخدمي للدولة، لتحتل مصر مركزًا متقدمًا بين أعلى دول العالم فسادًا بحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية الذي أشار إلى أن تكلفة هذا الفساد تكلف المواطن المصري نحو 50 مليار جنيه سنويًا، حتى وصلت نسبة المصريين تحت خط الفقر والمعيشة الآدمية نحو 49% من الشعب، ويصبح هذا هو المجال الوحيد الذي تحتل مصر فيه مركزًا متقدمًا بين الدول الأكثر تخلفًا حول العالم.

وتلعب الحكومة دورًا مشجعًا فى انتشار واستمرار هذا الفساد من خلال التنكيل بمن يحاول كشف أية وقائع خاصًة فى الأجهزة السيادية، كما هو الحال من خلال تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات والتي تكشف عن وقائع فساد ومخالفات بالجملة وتتم إحالتها للنيابة العامة لتحفظ التحقيقات بدلًا من كشفها ومعاقبة المخالفين، حتى خرج رئيس الجهاز فى مؤتمر صحفي لكشف هذه التجاوزات وعرضها على الرأي العام بعد أن ضاق ذرعًا لعدم التحقيق فى الوقائع المثبتة فى تقارير الجهاز ليتم التنكيل به وتشويه صورته فى وسائل الإعلام.

أما إذا كان من يكشف هذا الفساد موظف من الصغار فالإحالة للشئون القانونية والتحقيق والمحاكمة هي هدية الحكومة له إذا فتح فمه أو أشار إلى وجود أية مخالفات أو وقائع فساد بالمؤسسة التي يعمل بها، ليضيع بذلك حق المواطن البسيط ويعيش قلة من الفاسدين حياة الرفاهية على حساب أمراض وبطالة وجهل ملايين المصريين.

فانتشار الفساد الذي أصاب القضاء والأمن والصحة والتعليم والمحليات كان سببًا فى إجراء هذا التحقيق الاستقصائي انطلاقًا من دور الصحافة التنموي للمساهمة فى كشف الفساد وعملًا لمهمتنا فى أن نكون همزة الوصل بين المواطن البسيط وصاحب القرار، لعل يتحرك من ينقذ ما تبقى من أموال المصريين والتي تحولت إلى ديون متراكمة بسبب ممارسات الصفوة للوساطة والمحسوبية والرشاوى التي أصبحت كسرطان يجرى فى هيكل أجهزة الدولة، لا علاج له سوى بتر هذه القطاعات وتغييرها كليًا.

رشاوى بمجمع التحرير
كانت جولتنا الأولى فى هذا التحقيق من أكبر مصلحة حكومية فى العاصمة، حيث مجمع التحرير الذي بات يشهد تكدس آلاف المواطنين يوميًا كمظاهرة مليونية للمطالبة بتخليص مصالحهم، فالمبنى يشكل صرحا عملاقا يحتوى على العديد من المصالح الحكومية المختلفة, والتي يلجأ إليها المواطن بشكل يومي.
المجمع عبارة عن حكايات ومشاهد يمكن أن نقصها لأبنائنا حيث ترى العجب العجاب يوميًا خارجه وداخله، فعند مصلحة الجوازات استوقفنا مظهر الزحام الشديد والمشاجرات بين المواطنين للحصول على الخدمة وإنهاء أوراقهم للسفر للخارج من خلال الموافقة الأمنية.

فترى المواطنين مصطفين دائمًا أمام المكاتب, لاستخراج الموافقات الأمنية بإدارة الجوازات والجنسية واستخراج شهادات التحركات بإدارة المراقبة والتسجيل.

مكتب استلام الموافقات الأمنية ترى عنده مشاهد لا تراها من قبل لأن شباكه يطل على ساحة المجمع, فهناك من يعيش لحظات الانتظار متسلقًا الأشجار وآخرون افترشوا الزرع بأجسادهم فى حديقة المجمع والكل ينتظر ويعانى للحصول على شهادة ورقية طولها "10* 15 سم" للفرار والبحث عن مصادر للعيش بالخارج حيث باتت معاناة الغربة والابتعاد عن الأهل أهون بكثير من تخليص أوراق السفر بالمجمع.

واجهنا فاخر فاروق، مصري وصاحب شركة بدولة السودان، قائلًا: "معي عمال من البحيرة ولا أتمكن من سفرهم بسبب الموافقة الأمنية الجديدة, ويقف المئات فى صفوف ولا أحد يفهم شيئًا، عند شباك الاستخراج حيث قال لنا الموظف إن محافظة البحيرة يوم الثلاثاء وهو ما يعنى أننا سوف نتأخر فى السفر وعلى مصالحنا وكان المفترض أن نكون فى السودان قبل عيد الأضحى ولكن هي دى مصر".

وقال مواطن يدعى محمد أحمد: "أنا مسافر ليبيا ومقيم فى أسيوط وللأسف مطلوب منى جواب أمنى للموافقة على سفري وحضرت إلى المجمع للحصول عليه بعد أن تقدمت إلى مصلحة الجوازات والهجرة بمحافظة أسيوط لأجل السفر, وأخبروني بضرورة الحصول على الموافقة الأمنية بمجمع التحرير".

وتابع محمد: "عندما حضرت لاستلام الجواب أخبروني بالحضور بعد أسبوع وليس عندي سكن بالقاهرة فاضطررت للعودة إلى أسيوط مرة أخرى, وفى عودتي إلى القاهرة فوجئت بزحام شديد أمام الشباك وشاهدت بعض أمناء الشرطة يحصلون على مبالغ مالية من المسافرين حتى قام أحدهم بعرض تخليص أوراقي للخلاص من التكدس والزحام وبالفعل دفعت قرشين عشان أخلص بعد معاناتي بالسفر أكثر من مرة".

"الله يخرب بيت الروتين الحكومي"
بهذه العبارة استقبلنا عصام محمد من محافظة سوهاج، قائلًا: "مفيش تنظيم فى المجمع وحضرت لاستلام الموافقة الأمنية بعد أن تقدمت بها يوم 7 أغسطس الماضي ووقفت فى الطابور لعدم التعرض لدفع الرشوة ولكن دفعت كما دفع غيري بعد أن قال لي أمين الشرطة "معاك شاي وسجاير؟!" ففهمت إنه يطلب المعلوم لتخليص الأوراق لي، ولكن فوجئنا بالموظفين يخبروننا أن الجوازات اختلطت ببعضها نظرًا لكثرة المسافرين الذين جاءوا من محافظات مختلفة وتعطل العمل لعدة ساعات حتى انتهت ساعات العمل الرسمية واضطررت للانتظار مع الآخرين للغد والبيات أمام المجمع لأحصل على الجواب".

أما أحمد عثمان من محافظة الوادي الجديد، فواجهنا بقوله: "أنا بعت قيراطين عشان أوفر فلوس السفر واشتغل وألاقى لقمة عيش بره اللى مش لاقيها فى بلدى, وبعد اللى شوفته قدام عينى فى مجمع التحرير من زحام ومعاملة غير آدمية والأمين اللى بينظم الطوابير مرتشى واللى موش عاجبه يروح يشتكى ولو اشتكينا طبعًا يوم الحكومة بسنة، وأنا عن نفسى بمجرد ما أخد الموافقة الأمنية هسافر وموش هرجع البلد دى تانى".

وعند مكتب شهادات التحركات فى الدور الأول تجد مئات المواطنين فى طوابير طويلة، للحصول على الشهادة التى تثبت مدة تواجد المواطن داخل الدولة فى فترة معينة، حيث واجهنا مصطفى أحمد قائلا: "تعقيدات غير منتهية حتى يتمكن ابني من السفر والعودة لإنجلترا حيث عمله, فما الفائدة من الإجراءات المعقدة، فى دول العالم لم يحدث مثل هذه الأمور".

وتجد الطابور عند مكتب الحصول على الشهادة وآخر عند استلامها ولكن لا يتحمل المواطنون غير الصابرين عن تبادل الألفاظ السوقية مع بعضهم ليقللوا من ملل الانتظار.

المرور.. "شخلل علشان تعدي"
الرشوة تختلف من حيث المسمى ولا تختلف من حيث المضمون، ففي قطاع المرور تمرير الرشاوى بات وكأنه قانون متعارف عليه، ففي إدارة المرور بالعجوزة، واجهنا محمود عادل من محافظة المنيا، قائلًا: "أنا حضرت لتخليص أوراق السيارة الجديدة ونقل ملكيتها إلى محافظة المنيا, فاستخرجت ملف العربية من المخازن, والموظف تعامل معي بطريقة رديئة توحي برسالة واضحة وصريحة "ادفع عشان اخرجلك الملف" فدفعت له عشرة جنيهات ساعتها كان هيشيلنى من على الأرض شيل, وبعدين دخلت على شباك المخالفات, عاملنى الموظف بطريقة قذرة وكأننا قطيع من الأغنام يحركونهم كيفما شاءوا, أنا عن نفسى ماستغربتش حاجة زى كدا, لأن الواحد عارف إنه فى مصر وإن ده النظام السائد فى تخليص الأوراق, أخذت شهادة المخالفات وذهبت لعمل مطابقة بصمة, وبعد أن أخذتها بحسن نية نادى على قائلاً: "هات الشاى" مطابقة لشعار "شخلل عشان تعدى".

وتابع موجهًا نصيحة للمواطنين: "إذا نويت الدخول إلى أى قطاع مرور فيجب عليك أن تشحن جيبك جيدًا بالمال حتى تستطيع قضاء حاجاتك، فسترى أمام عينيك كل مواطن يلصق مبلغًا من المال بالورقة المراد تخليصها, بينما تغيب الرقابة ويغمض كل مواطن عينيه مجبرًا عما يحدث أمامه حتى لا يتعطل وينجز حاجته فى سهولة ويسر مصالحه".

قيادي بتمرد
وفى مرور الساحل، واجهنا المتحدث باسم حركة تمرد عن شمال القاهرة، مسعد المصري، قائلًا: "لدينا فى إدارة المرور بعض الأمناء يقومون بإنهاء رخصة القيادة للمواطنين بدون اجتياز الاختبارات والذهاب فقط للتصوير لاستخراج الرخصة مقابل دفع مبلغ من المال يعنى الرخصة بتخلص وأنت قاعد على القهوة"، مطالبًا الحكومة بالقضاء على هذه الممارسات المخالفة للقانون والتي بسببها تذهب أرواح الآلاف على الطرق سنويًا واحتلت مصر المرتبة الأولى على مستوى العالم فى حوادث الطرق.
قسم شرطة الشروق: "راضى خالد بيه وادخل زيارة"
خلال رصد تجاوزات أمناء وأفراد الشرطة بالأقسام المختلفة واجهنا جمعة أحمد جمعة، قائلًا: "روحت أزور أحد أقاربي بحجز قسم شرطة الشروق فاستوقفني أحد الأمناء يدعى مسلم قائلًا: "الزيارة يوم الجمعة" فيما قلت له إنني قادم من سفر وأريد أن ألقى قريبي ولو دقيقتين، ليرد: "طب استنى أشوفلك خالد بيه".

وتابع جمعة: "جاء الأمين مسلم بعدها وقال معاك سجاير زيادة فى الزيارة" ففهمت أنه يطلب المعلوم فدفعت له 50 جنيهًا وبالفعل سمح لي بالزيارة والتقيت قريبي نحو خمس دقائق وأثناء خروجي استوقفني الأمين مسلم قائلًا: "عاوزين ورقة زيها عشان خالد بيه"، فقمت بدفع 20 جنيهًا أخرى ليرد على "بقولك ورقة زيها؟!"، فدفعت 20 جنيهًا أخرى وانصرفت وأنا لا أصدق نفسي إن هذا يحدث مع كل ذوى محبوس وندمت على الخروج فى الانتخابات فالرئيس السيسي لم يغير أى شيء من الفساد فى البلد حتى الآن وكيف يغيره وهو يحدث من الشرطة التي من المفترض أن تطبق القانون".


الوحدات الصحية
رصدنا خلال جولاتنا وحدة صحة كفر أبو صير بمنطقة "مؤسسة الزكاة" التابعة لحى المرج، حيث واجهنا أحد المواطنين قائلًا: "أنا جيت أسجل بنتى واعملها شهادة ميلاد فوجئت الموظف بيقولى تعالى خدها بعد شهر، وعندما سألته السبب قال "مفيش يا حاج شهادات الدفتر خلص وهنجيب واحد جديد الشهر الجاى".

واشتكى آخر من عدم توفر الأدوية المدعمة من الوزارة طوال الشهر، قائلًا: "مفيش علاج فى الصيدلية حتى علاج البرد أو المسكنات والمضادات الحيوية وإحنا غلابة ومش معانا فلوس نشترى من برة، وسألنا مديرة الوحدة قالت "الوزارة مش بتبعت علاج وعندنا عجز على مستوى المديريات".

فساد السجل المدني برعاية الشرطة
يقع السجل المدني فى إمبابة بجوار قسم الشرطة، والمتردد على السجل يرى مشهدًا واحدًا متكررًا لا ثاني له، حيث يفصل بين سور قسم شرطة إمبابة وموقف التكاتك على رصيف طويل يمتد لناحية كورنيش النيل ليصطحبها المواطنين بعد أن أدوا مصالحهم فى السجل المدنى ولا عزاء فى التكدس والشلل المرورى الذى تسببه هذه التكاتك.
ولا تستطيع الدخول إلى مبنى السجل المدني إلا بعد أن تمر على أكثر من 5 أشخاص يطلقون على أنفسهم "كتبة" شعارهم "نكتب ونفهم ب5 جنيهات"، هؤلاء يجلسون تحت شمسية ومعهم منضدة عليها بعض الأوراق والأقلام، يصطادون المواطنين لتأدية المصالح مقابل مبلغ مادي، حيث يكتظ السجل مع كل موسم مدارس بطوابير طويلة تصل إلى السلالم، أحدهم طابور استخراج شهادات الميلاد والوفاة وهذا الشباك بجوار سلم الصعود إلى السجل.

وأكد عدد من الأهالي أن الطوابير يوميًا مملة خاصة مع دخول المدارس، حيث ترى المواطنين منتظرين رحمة روتين السجل المدني فى طوابيره، فترى من يضع كفه على خده تصبيرة منه ويعلو فى سماء السجل سحابات المدخنين ظنًا منهم أنها تخفف الهموم، والرجال يحملون أبناءهم الرضع حتى تتمكن زوجاتهم من إنهاء مهمة استخراج المصالح حيث تبدو عليهن القوة والتحمل أكثر من الرجال.
توجهنا إلى مصلحة الأحوال المدنية بالعباسية لنجد مجموعة من أمناء الشرطة يستغلون وجود طوابير طويلة ومعتمدين على معرفتهم الشخصية بالموظفين القائمين على تلك المهام, ومن ثم يدفع لهم المواطنون لتخليص الأوراق.

مفتشو التموين: "كل سنة وأنت طيب"
وعن فساد مفتشي التموين فحدث ولا حرج، حيث قمنا بزيارة ميدانية لمحال الملابس بوكالة البلح، لنسأل أصحابها عن الرقابة الحكومية للأسواق، لنكتشف أن حملات التموين على الأسواق ترفع شعار "كل سنة وأنت طيب" كتعبير يفيد معنى واضح "ادفع عشان ما اعملكش محضر والحدق يفهم"، حيث يستغل مفتش التموين وظيفته من أجل تحقيق مكاسب شخصية.

واجهنا "محمد ممدوح" صاحب محل ملابس، قائلًا: "موظفو التموين يتحكمون فينا كيفما شاءوا ولا نستطيع أن نتكلم معهم حتى نحمى أنفسنا منهم فقد اعتادنا عليهم وعلى دخلتهم وأصبحوا محفوظين بالشكل، فعندما يدخل يقول الكلمة المعتادة التي نطلق عليها كلمة السر كل سنة وأنت طيب فاخرج له 100 أو يزيد على حسب الظروف واعطيها له لكي لا يحرر محضرًا ملفقًا ضدي فيما يعنى بالمفهوم البلدي عملية "التلكيك" فبدل ميعملى محضر ويغرمنى ألف أو اتنين اشترى دماغى ب100 أو 200 ما هى البلد ماشية كدا كلها".

وأضاف صاحب محل تجارى -رفض ذكر اسمه-، قائلًا: "أنا هقولهالكم بالبلدى أنا أكتر واحد فاهم بتوع التموين تلاقى الواحد داخل منهم عامل نفسه بيشوف شغله ويعمل أى حاجة علشان يوهمك إن هو شغال وبعمل أنا إيه عشان ارتاح من وشهم بميل عليه واعطيه اللى فيه النصيب يا خد بعضيه ويمشى على طول والله حتى لو البضاعة كلها مهربة ومعلهاش تكت هيعمل من بنها وهيمشى".

وقال آخر يدعى محسن جاد: "أنا أقدر أصور موظف التموين بكاميرات المحل وأثبت عليه قضية رشوة وأوديه فى داهيه بس هروح فين بعد كدا من بتوع التموين دول إيديهم طايلة كل شوية هيخترعوا ألف مشكلة ومشكلة لحد ميبيعونى المحل اللى حيلتى أنا بطالب الحكومة إنها ترحمنا منهم وأنها تفرض على مفتشى التموين رقابة تحمينا كأصحاب محلات من بطشهم، واللى زود الطينة بله تلاقى المفتش جايب زوجته وأولاده وياخدوا لبس العيد عيانًا بيانًا ويقولك كل سنة وأنت طيب وأتحداك أي صاحب محل يفتح فمه".

وبهذه الكلمات تكون آخر رسالة للمسئولين بأن المواطن البسيط بات يتقبل الذل والمهانة وفرض الرشاوى عليه ولا يستطيع التحدث أو الإبلاغ فمؤسسات الدولة أصبحت يد واحدة ليس للبناء والتنمية وإنما للفساد والكسب غير المشروع حيث توصف دائمًا ب"الدولة العميقة" التى لا يستطيع أى مسئول أن يقترب منها لتطهيرها أو التقليل من حجم الفساد الذى انتشر بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.