خبراء: الإنفاق على مواكب بعد الثورة تهدر المال العام أمنيون: غلق الشوارع أثناء مرور المواكب أمر ضروري سياسيون: البذخ السمة الأساسية فى مواكب بعد الثورة
شهدت الفترة عقب ثورة 25 يناير، ظاهرة بدت أكثر بروزًا فى الدولة المصرية ألا وهى مواكب الوزراء، والتي أصبحت مواكب أسطورية، حيث بالغت الدولة فى عدد سيارات الحراسة والإنفاق عليها فى الوقت الذي تعيش مصر فيه وضعًا اقتصاديًا غير مستقر، وانتقد الكثيرون الوضع خاصة أن مع كل هذا التأمين لكن ما زالت محاولات الاغتيال قائمة والكثير منها ينجح إذن فما دافع الدولة لكل هذا الإنفاق وتساءل البعض ألا يمكن أن نضع هذا تحت بند إهدار المال العام.
حكومة هشام قنديل من أكثر الحكومات التي أثارت جدلاً وانتقادًا بالغًا ومن الحكومات التي طالبت بزيادة أطقم الحراسات الخاصة بالوزارات إلى 5 رجال أمن منهم ضابط و4 أمناء شرطة لكل وزير، وطالبت بإعادة سيارات الحراسة وزيادة أطقم تأمين الوزراء خاصة الوزراء الذين يتطلب عملهم احتكاكًا بالجماهير وعلى رأسهم الوزراء التابعون لجماعة الإخوان، وكان الضابط المسئول عن تأمين الوزير يستقل سيارة الوزير فى حين سيكون هناك سيارة حراسة أخرى ترافق سيارة الوزير ويستقلها أمناء الشرطة.
هذا الأمر ترتب عليه تكلفة الدولة أضعاف المبالغ الإضافية على الحراسات الخاصة، ولجوء الحكومة لذلك جاء بهدف تأمين الوزراء خاصة المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين بعد موجة الغضب التي تشهدها الجماعة فى الشارع المصري فى ذلك الوقت. ومع كل هذه الإجراءات التأمينية لكن يبدو أن هذه الأموال قد صرفت فى غير موقعها لتمكن العناصر الإرهابية من الوصول لمواكب الوزراء ومحاولة الاغتيال، فتعد واقعة محاولة اغتيال قنديل بعد نزول الموكب من كوبري 6 أكتوبر وصعوده كوبري الدقي المعدني متجهًا إلى منزله حيث هجمت سيارة حمراء ربع نقل على الموكب، وحاولت الاصطدام بسيارة رئيس الوزراء لإسقاطها من أعلى الكوبري، ثم قام مستقلو السيارة بإطلاق خرطوش على أحد أمناء الشرطة والذي حاول إيقافها، وتصدت سيارات الحراسة المرافقة لرئيس الوزراء، ما اضطرها للفرار.
أما فى بداية عهد حكومة المهندس إبراهيم محلب كشف، رئيس مجلس الوزراء، عن إصداره قرارًا بإلغاء موكب رئيس الوزراء، أثناء التحركات، والاكتفاء بسيارة واحدة حيث قال محلب: «لا أخشى التحرك بسيارة واحدة، وأثق فى الأمن المصري معلنًا رغبته فى أن تنتهي هذه المظاهر خلال المرحلة المقبلة، خاصة أننا فى مرحلة بناء حقيقية، وعودة لاكتساب ثقة المواطن مجددًا» إلا أن الموقف بدا أكثر تناقضًا حيث تضمن موكب محلب أثناء زيارته للإسكندرية من أمام المجلس المحلى الشعبي بمنطقة محطة مصر، 6 سيارات مرسيدس، و2 سيارة جيب، و5 سيارات أخرى مختلفة الماركات، بالإضافة إلى قوات التأمين، واستقل محلب أتوبيسًا مكيفًا تابعًا للمحافظة برفقة عدد من الوزراء، وهاني المسيري، محافظ الإسكندرية، طوال جولته بالمدينة وتفقده بعض المناطق بالمحافظة.
ولم تختلف حكومة الببلاوى كثيرًا عن غيرها حيث تسبب موكب رئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوى بشلل مروري فى شارع قصر العيني، استمر لمدة 10 دقائق لحين خروج سيارات الحراسة، ما أدى إلى حالة من السخط العام لدى السائقين.
وشهدت حكومة عصام شرف واقعة شهيرة تمثلت فى رفض عصام شرف رئيس الوزراء إيقاف الطريق وإخلائه لكي يمر موكبه خلال ذهابه إلى السويس وفق زياراته لمحافظات مصر، ما أدى إلى تأخره عن موعده ساعة كاملة، وقد كان موكب عصام شرف يتكون من سيارتين للحراسة. وتردد العديد من الأصوات والتي طالبت بضرورة أن يقتصر مكتب الوزير على استخدام خطين للتليفون فقط واحد ساخن للاتصالات بالجهات العليا وآخر خاص بالاتصالات العادية لتقليص مصروفات الاتصالات إضافة إلى تقليص عدد سكرتارية الوزير، والمخصصات الكبرى التي تصرف لهم باعتبارها أحد مظاهر إهدار المال العام، كما طالبوا باستخدام جهاز تكييف واحد فقط فى مكتب الوزير، وإجراء عمليات تقشف وتخفيض شاملة فى عمليات تجديد مكاتب الوزراء ومباني الوزارات وكذلك إلزام الوزير بأن يدفع من راتبه الخاص مصاريف أية مجاملات سواء فى حالات التعازي أو التهاني.
وأشارت تقارير اقتصادية رسمية إلى أن متوسط إنفاق الدولة على وسائل النقل لكبار المسئولين قبل الثورة بلغت 894 مليونًا و667 ألف جنيه، وبالنسبة للحملات الإعلانية، فقد أنفقت الدولة 204 ملايين و190 ألف جنيه.
وأوضحت التقارير أن ما تم إنفاقه على الأثاث والمعدات المكتبية مبلغ 566 مليونًا و617 ألف جنيه أما حاليًا ازدادت التكاليف بشكل مضاعف.
خبراء: "الإنفاق على مواكب بعد الثورة ظاهرة تهدر المال العام ويجب تقنينها" وتعد مواكب الوزراء من أكثر علامات البذخ التي تشهدها الدولة المصرية وما يثير الانتقاد الوضع الاقتصادي للبلد رغم كل هذه الأموال التي تنفق على مواكب الوزراء الأمر الذي دعا سياسيين إلى المطالبة بتقنين الإنفاق على المواكب.
فى هذا السياق قال المستشار حسنى السيد، الخبير السياسي، إنه من أبرز المظاهر التي صاحبت الوزارات المتتالية عقب ثورة 25 يناير هى أن كل هذه الوزارات جمعتها سمة واحدة وهى تمتعهم ب"البذخ"، حيث رأينا الوزراء من قبل يركبون السيارات الفارهة ويتقدمها الموتسيكلات وتعقبها عدة سيارات وكأن الوزير لا يقل شأنًا عن موكب رئيس الوزراء ما أثر على موارد الدولة دون رقيب، وانقلبت الآية رأسًا على عقب فى أعقاب ثورة 30 يونيو حيث تبدل الحال، مشيرًا إلى أنه عندما نعقد مقارنة بين حكومة هشام قنديل وإبراهيم محلب نجد أنهما على النقيض حيث إن موكب قنديل لا يقل عن موكب رئيس الجمهورية آنذاك فى حين اكتفاء إبراهيم محلب بسيارة عادية فى تنقلاته.
وأكد السيد أن معظم الحكومات تمتعت بالبذخ والمواكب العملاقة إلا حكومة محلب الذي لم يعتمد فى تنقلاته على المواكب التي تعيق حركة المرور التي تثقل كاهل ميزانية مجلس الوزراء إلا فى حالات استثنائية عند استقباله لإحدى الشخصيات المهمة القادمة لمصر بينما الباقون استغلوا هذه السيارات فى إحضار احتياجاتهم المنزلية والشخصية.
فكل الحكومات التي شهدتها مصر اهتمت بالمواكب والتأمين على أعلى مستوى فيما بدا أنها ظاهرة عامة يجب تقنينها والحد منها حفاظًا على ميزانية الدولة فى مثل هذه الظروف العصيبة.
أمنيون: "لم يعد هناك أمن لتنقلات الشخصيات العامة" انتقد أمنيون العناصر المستخدمة فى تأمين مواكب الوزراء بعد الثورة ما أدى إلى نجاح العديد من محاولات الاغتيال فرغم إنفاق الدولة للمبالغ الباهظة على التأمين إلا أن الأمر يبدو فى غير محله مطالبين بضرورة غلق الشوارع التي تمر بها المواكب حماية للأرواح.
من جانبه أكد اللواء محمود قطري، الخبير الأمني، أن المواكب قبل ثورة يناير كانت أفضل بكثير من مواكب ما بعد الثورة من ناحية التأمين أو استخدام عناصر تأمينية قوية، مشيرًا إلى أن بعد الثورة تشهد نفس طرق التأمين وعددها وبزيادة فى حجم المبالغ المنفقة ورغم ذلك لا توجد كفاءة فى الكوادر الأمنية المستخدمة لتأمين الشخصيات المهمة فلم يعد هناك أمن لتنقلات الشخصيات المهمة وفقًا للقواعد العلمية.
وتابع قطري أن إنفاق الحكومة على المواكب مبالغ فيه ورغم ذلك لم يكن فى محله لأنه لا يصنع تأمينًا حقيقيًا، منوهًا بأنه إذا استخدمت الدولة عساكر الدرك أو ما يعرف بالتأمين الوقائي ما كانت حدثت واقعة مثل واقعة هشام قنديل حيث ينسق عساكر الدرك مع أفراد الحراسة الخاصة بالشخصية المطلوب تأمينها باستخدام المجسات والكلاب البوليسية للكشف عن المتفجرات فى الشوارع وداخل سيارات الموكب.
وأشار قطري إلى ضرورة غلق الشوارع لتأمينها وذلك بسبب الظروف الأمنية فى هذا الوقت، منوها بأن حكومات بعد الثورة أنفق على مواكبها مبالغ طائلة لا يمكن حصرها أو حتى تقريبها مستخدمين سيارات حراسة وأخرى لفتح الطرق وسيارات ضد الرصاص وسيارات لتشويش المكالمات وقطع الاتصالات ولكنها لم تكن مع كل الوزراء.