في التوصيف الرسمي فإن ماحصل في "منى" صباح أول أيام عيد الأضحى المبارك هو "حادثة"، وفي التوصيف غير الرسمي فهو "كارثة"، عدد الضحايا كبير، 769 وفاة، و934 إصابة حتى الآن، ندعو الله بالرحمة والمغفرة للمتوفين، والشفاء العاجل للمصابين. تلك الحادثة/الكارثة هى الأكثر دموية منذ ربع قرن خلال موسم الحج كما تقول تقارير رصد حوادث الحج، وموسم هذا العام شهد حادثتين/كارثتين، سقوط الرافعة على الطائفين حول الكعبة المشرفة، والتدافع في "منى" ليصل المجموع الكلي للضحايا في كليهما نحو 880 وفاة وما يقرب من 1200 إصابة. أداء السلطات السعودية في سقوط الرافعة كان حازما وسريعا، تحقيقات جادة وفورية، وعقوبات مشددة على الشركة المسؤولة عن الرافعة، وتعويضات سخية لأسر المتوفين والمصابين، ونتوقع أن يكون أداء لجنة التحقيق التي تقررت عقب وقوع حادثة/كارثة "منى" على غرار لجنة تحقيقات الرافعة. كان جيدا في تحقيقات الرافعة ألا يتم استباق نتائج التحقيق بإلقاء المسؤولية فقط على الأعاصير والأمطار التي شهدتها مكةالمكرمة في هذا اليوم، فرغم أن التصريحات تحدثت عن الظروف الطبيعية غير المعتادة إلا أنها لم تتجاهل إمكانية وجود أخطاء بشرية، وتأكدت شفافية التحقيق ونزاهته عندما تم إثبات أن هناك أخطاء بالفعل في وضعية الرافعة، وعدم التزام شركة المقاولات بتعليمات التشغيل للشركة المصنعة للرافعة. سيكون جيدا أيضا ألا يتم الحديث فقط عن تزاحم وتدافع الحجاج في "منى"، أو إبراز مبررات تتعلق بطبيعة حركة الحجاج، أو حتى عن "القضاء والقدر" ، إنما يجب الانتظار حتى تنتهي التحقيقات، ويتم إعلان نتائجها ونفهم كيف وقعت الحادثة/الكارثة نتيجة تعارض الحركة بين الحجاج المتجهين على الشارع 204 عند تقاطعه مع الشارع 223 كما قالت وزارة الداخلية السعودية، على التحقيق المنتظر أن يفسر ذلك، وأن يرد بشكل شفاف وشجاع عما يتردد مما هو مثير للاهتمام والتعقب والفحص من أن هناك جهات تآمرت لإحراج الحكم الحالي وخلق الأزمات أمامه وإثارة البلبلة بسبب مواقفه الوطنية والعربية الحازمة والقوية. السلطات في المملكة تبذل أقصى جهودها، وتوفر كل إمكانياتها حتى يمر موسم الحج بسلام لأن ذلك يُحسب لها ولقدراتها التنظيمية والأمنية عربيا وإسلاميا وعالميا، فالحج هو أكبر تجمع بشري سنوي عالمي في مكان واحد، وبالتالي يكون نجاحه وخروجه بلا حوادث مؤثرة مؤشرا مهما للسعودية ولنجاح الإدارة فيها عندما تستضيف هذا التجمع المليوني الضخم و تنتقل به خلال مناسكه على طريق آمن وسالم. والسلطات تسعى هناك إلى إثبات جدارتها سنويا بإدارة الحج وراحة ضيوف الرحمن، لأن هذه نقاط مهمة تُحسب لها في سجلها، والمؤكد أن خادم الحرمين الملك سلمان لم يكن يريد في أول موسم حج في عهده ألا تقع أدنى مشكلة للحجيج، والمؤكد أيضا أنه لا يسكت على مايحدث، ولذلك أمر بمراجعة خطط المملكة لموسم الحج، وطلب اجراء تحقيق فى أسباب الحادث الذي وصفه بالمؤلم مثلما فعل مع حادث الرافعة عندما تألم أيضا وطلب إجراء تحقيق. التطوير الكبير الذي شهدته منطقة رمي الجمرات ساهم بشكل أساسي في القضاء على كل السلبيات قبل التطوير، وأزال كل أسباب الخطر التي كان يمكن أن يتعرض له الحجاج، ونظم الحركة في طرقات ومسارات وشوارع فسيحة جدا للوصول إليها من خارج "منى"، كما جعل الذهاب من مخيمات "منى" لرمي الجمرات ثم العودة إلى المخيمات في غاية السلامة واليسر، وبذلك انتهت أسباب حوادث سابقة أليمة كانت ترتبط برمي الجمرات وسقوط ضحايا فيها، ومنطقة الجمرات لم تشهد أي حادث منذ تطويرها إلا هذا العام، ولهذا هناك شيء ما غير مفهوم أو غامض أو حلقة مفقودة يجب التوصل لها قطعا لكل شك بيقين. في انتظار نتائج تحقيق شفاف كما حصل مع تحقيق سقوط الرافعة، لإسكات ألسنة الإيرانيين الذين وجدوها فرصة لتوجيه اتهامات للمملكة لها خلفيات سياسية مع تألمنا طبعا لكون الضحايا الإيرانيين هم الأكثر عددا بين ضحايا الجنسيات الأخرى. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.