سيقف التاريخ طويلا ً متألمًا ومتأسفًا أمام الخطيئة الكبرى التى قام بها بعض الشباب المصرى الذين حرقوا المجمع العلمى المصرى.. والذى بناه نابليون الغازى الفرنسى منذ مائتى عام.. فهل يبنى الغازى لنا صروح العلم ونحن نحرقها بالجهل والفوضى. فنابليون الغازى الفرنسى حرص على أن تحمل سفن الحملة كل الآلات العلمية الدقيقة التى اخترعت فى زمانه ومنها المطبعة ليضعها فى هذا المجمع العلمى المصرى وهى باقية حتى اليوم .. ليقوم بعض شبابنا بحرقه بالمولوتوف بكل ما فيه من كتب علمية نفيسة ونادرة . ففى المجمع 200 ألف كتاب علمى ووثائقى و400 ألف كتاب نسخ أصلية لا مثيل لها فى أكثر دول العالم. وكأن نابليون يحضر الكتب ونحن نحرقها .. ويبنى المجمع ونحن نهدمه. الذين حرقوا المجمع العلمى المصرى هم دعاة الجهل والفوضى والتخريب.. ولا تعامل معهم سوى بقوة القانون وبأسه الشديد .. فهم ليسوا بأهل سياسة ولا حضارة .. ولكنهم أهل بلطجة وجهل .. وهؤلاء لا يصلحهم إلا سيف القانون .. أما الطبطبة مع مثل هؤلاء فستحرق مصر كلها . الرسالة التى وجهها الشباب الذى حاول اقتحام وتكسير وحرق مجلس الشعب هى رسالة واضحة للنواب الجدد مفادها الآتى: " لن تدخلوه إلا محروقًا ومدمرًا حتى لو اختاركم الشعب المصرى.. ومن لا يعجبه يشرب من البحر ".. وهذه رسالة خطيرة ينبغى التعامل معها بمنتهى الجدية . لم يحدث فى تاريخ مصر أن منع رئيس وزرائها من دخول مكتبه لمدة أسبوعين .. وهذا يعنى أن الدولة سلمت إرادتها طواعية لحفنة من الشباب الثائر اندس بينهم مئات البلطجية وذوو النفوس والعقول المريضة. كلما بدأت مؤسسات الدولة المصرية فى العمل والإنجاز .. كلما بدأ مسلسل الاقتحامات والحرق . وكلما بدأ الأمن فى أداء دوره الطبيعى فى المجتمع وسارت الانتخابات البرلمانية فى طريقها الصحيح رأينا الحرائق هنا وهناك ومحاولة اقتحام البرلمان.. فما السر فى ذلك؟ ميدان التحرير فى الفترة الأخيرة امتلأ بأطفال الشوارع والبلطجية .. وهؤلاء كانوا سببًا أساسيًا فى كل الكوارث والمحن التى لحقت بالثوار الشرفاء . بعض القنوات الفضائية تنحاز إلى مشعلى الحرائق فى المبانى السيادية ومقتحميها .. وتتحدث عنهم " وكأنهم معصومون أو لا يخطئون أبدًا أو يحملون صكًا منفردًا بالوطنية ومعرفة أين مصلحة مصر " .. فى الوقت الذى تكيل فيه السباب لمن يدافعون عن المبانى السيادية أو يمنعون اقتحامها وحرقها. والواضح أن هذه القنوات لا تنحاز الآن لفكرة استقرار الدولة المصرية التى ستظللنا وتحمينا وتؤوينا جميعًا .. وكأنهم يقولون بلسان حالهم: "مادامت ستئول الدولة المصرية إلى الإسلاميين فحرقها أحب إلينا من أن يستلموها". ولو احترقت الدولة المصرية فأول من سيحترق بنارها هم أرباب هذه القنوات الفضائية . فى أول اختبار للمجلس الاستشارى انهار وأثبت فشله التام .. واختار نفاق العوام من الثوار والمعتصمين ومن يحرق ويدمر على حساب مجموع الشعب المصرى.. وذلك دون أن يوجد حل للمشاكل الحقيقية لمصر.. ومنها حل مشكلة الاعتصام أمام مبنى الوزارة.. ولم يبذل أحدهم جهدًا لأى وساطة شخصية تمنع المعتصمين من إغلاق الطريق أمام رئيس الوزراء ومقر عمله . هناك مرشحون للرئاسة والبرلمان فى المجلس الاستشارى فشلوا فى أول اختبار لهم .. وهربوا من مواجهة المشكلة والاهتمام بتماسك الدولة وفضلوا عليها دغدغة مشاعر الناخبين حرصًا على أصواتهم على حساب الوطن نفسه .. فهم يعلمون أن المجلس الاستشارى لن يبقى لهم طويلاً . [email protected]