أبى أن يبتلعه البحر، رفضت أن تمسه الأسماك، بل احتضنته الأمواج ووضعته بحنان على شاطئ البحر ليبقى جسده الذي لم يتجاوز ال70 سنتيمتر والذي يشهد على نعومة أظافره، شاهدًا على خذي ما وصلت إليه الأيام، وشاهدًا على حال أطفال العالم العربي، صورة هزت عالم بأكمله ليعلم أنه عالم «انسانيته مزعومة». «آلان كردي» ذو الثلاث سنوات والجسد النحيل، ويحمل اسمه معنى فيه بريق أمل للسوريين وهو «حامل راية النصر»، هز أرجاء الكرة الأرضية، لعل الصغير يوقظ ضمائر انهكها النعاس، ولم يوقظها مذابح عدة في سوريا، ولا معاناة اللاجئين، ولا إبادات للشعوب.. صافعة على وجوه ورؤوس الصامتين، فتناقلت صحف العالم أجمع القصة بمأساوية وألم أوجع قلوب الأرض، وصحفًا غربية حجبت صوره بدعوى أنها «تفطر القلب». واهتمت الصحف العالمية بنشر تفاصيل الكارثة، ومأساة الطفل السوري والسؤال عن شخصيته، ما دفع الأنظار تتجه نحو مأساة اللاجئين السوريين، حيث كتبت صحيفة «ديلي ميل» عن اسم الطفل الغريق، ووصفت صور الطفل المفزعة على الشاطئ، والمياه تجرفه، وهو ملقى ساكنًا على وجهه كأنه نائم بأنها صور «تقطع القلب»، ومع هذا حجبت الصحيفة كل صور الطفل وأخفت وجهه، وجسده كله كي لا تصدم القراء. صحيفة «الإندبندنت» البريطانية نشرت صورة ل«آلان»، وكتبت بجانبها «تحذير المقال يضم صورًا مؤلمة»، والتعليق: «إن لم تغيّر هذه الصورة المؤثرة موقف أوروبا مما يحصل مع اللاجئين السوريين، فما الذي سيغيره؟»، ومن جهة أخرى، نقلت وكالة «رويترز» عن عمة الطفل السوري لصحيفة كندية، إن أسرة الطفل كانت تحاول الهجرة إلى كندا بعدما فرت من الصراع في مدينة كوباني السورية ونقلت صحيفة «ناشونال بوست» الكندية عن تيما كردي، شقيقة عبدالله وتسكن مدينة فانكوفر في كندا «سمعت النبأ في الساعة الخامسة فجر اليوم»، واتصلت زوجة أحد أشقاء عبدالله بتيما. وقالت صحيفة «صباح» التركية، إن والد الطفل ويدعى عبدالله عثر عليه فاقدًا للوعي تقريبًا، ونقل إلى مستشفى قرب بوضروم، وتطرقت صحف أجنبية عديدة للمأساة، مطالبة بتدخل دولي لحل مشكلة الللجئين الهاربين من الحرب الدائرة في سوريا، مطالبين بحل عاجل لمشكلة سوريا. ومن الصحف العربية التي تصدرت الصفحة الأولى لها صورة الصغير، كانت صحيفة الأخبار اللبنانية، بعنوان «البحر وسادة»، وتصدرت صورته مواقع التواصل الاجتماعي، وتنقالت في صحف عربية عدة تحت عنوان «بأي ذنب غرق!». كان آلان من ضمن 12 مهاجرًا سوريًا، تمكنت السلطات التركية من معرفة هويتهم من بين 8 أطفال، عقب انتشال جثثهم من بحر إيجه، كانوا في طريقهم لليونان، لعل اسمه يصبح على مسمى ويرفع راية النصر للسوريين على أعدائهم ويعودوا لأوطانهم.