اتهم زعيم المعارضة في دولة "جنوب السودان"، رياك مشار، رئيس بلاده سلفاكير ميارديت، بعدم القدرة على السيطرة على قواته، ما تسبب في خرقها لوقف إطلاق النار، وسط اتهامات متبادلة بخرق إتفاق سلام جرى توقيعه في 26 من الشهر الماضي، في جوبا، برعاية أفريقية. وفي حوار مع الأناضول، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، التي استضافت مباحثات السلام برعاية الهيئة الحكومية لتنمية شرق أفريقيا "إيغاد"، وبدعم من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، قال مشار إن على الرئيس سلفاكير اتخاذ قرار ضد المجموعات المتنفذة في حكومته والرافضة للسلام. وإلى نص الحوار: - * أين تكمن المشكلة في عدم الالتزام بالاتفاقات والخروقات المتجددة؟ - المشكلة تكمن في عدم التزام الطرف الحكومي الذي يبدو غير قادر على السيطرة على قواته، والدليل على ذلك أن تلك القوات ما زالت تواصل حملاتها وهجماتها المنظمة على القرى والمدن والمناطق الخاضعة لنا عبر متحركات وبواخر نيلية، كل باخرة تحمل 150 جندياً، ويأتي هذا في إطار تدشين حملة قامت بها حكومة جنوب السودان بعد توقيع الاتفاق من قبل سلفاكير.
في حقيقة الأمر أن الحكومة غير ملتزمة إطلاقاً بوقف إطلاق النار الذي نعتبره أساس تنفيذ الاتفاق . * ولكن في المقابل هناك اتهام موجه لكم بخرقالاتفاق والهجوم على مواقع حكومية، ما رأيكم في هذا؟ - هذا غير صحيح. نحن لم نقم بخرق الاتفاق، وقواتنا ملتزمة مواقعها، ولم تقم بأي عمل عسكري منذ أن اصدرت التعليمات كقائد للجيش في 29 من الشهر الجاري، والذي دخل بموجبه وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، ولكن ما حدث هو أن قواتنا قامت بالدفاع عن نفسها جراء الحملة الضخمة التي تقوم بها الحكومة، عبر حرق المدن والقرى، والقضاء على كل من يقف في طريقها، لذلك إذا كان هناك دليلاً على أننا خرقنا الاتفاق نريد أن نعرفه. وإذا كانوا يتحدثون عن حادث مدينة ملكال (عاصمة ولاية أعالي النيل)، فهذه مشكلة بين القوات الحكومية التي اختلفت واقتتلت فيما بينها، ونحن شاهدناهم يطلقون النار على كل القوارب التي تأتي من غرب النيل إلى المدينة؛ ولدينا موقف آخر يحكي عن إمرأة حامل أُطلق عليها النار وهي على متن قارب في طريقها لتلقي العلاج في الجانب الآخر من النيل. * هناك تقارير إعلامية تتحدث عن شخصيات في الحكومة رافضة للاتفاق الأخير، وهي التي تحاول عرقلة السلام، ما مدى صحة ذلك؟ - هذا صحيح، ونحن نتابع ذلك عن كثب، وأعلنا عنه بوضوح، وقلنا: على سلفاكير، كرئيس للبلاد وقائد للحكومة، أن يسيطر على كامل حكومته، وإذا كانت هناك مجموعات تعرقل الاتفاق الذي وقعنا عليه من أجل استقرار جنوب السودان، عليه أن يمنعها من ذلك. وفي هذا الصدد، لدينا إحصائية لمجزرة راح ضحيتها 600 شخص ذبحاً، ارتكبتها إحدى تلك المجموعات في الوقت الذي كان سلفاكير يستعد فيه للتوقيع على الاتفاق، وهذه أيضاً مسؤولية الرئيس حتى يتخذ قراراً تجاه هذه المجموعات. وعبر وكالة الأناضول، ندعو إلى ضرورة فتح تحقيق عاجل حول تلك المجزرة. * كيف تقيمون موقف أوغندا من عملية السلام في جنوب السودان خاصة بعد توقيع الاتفاق الأخير؟ - هناك تحول في الموقف الأوغندي، لاسيما أثناء انعقاد قمة "إيغاد" في 17 آب/أغسطس الماضي، بأديس أبابا، ونستطيع القول إن موقف أوغندا الآن هو مع السلام. أنا أرسلت وفداً من الحركة إلى كامبالا، والتقى هناك بالرئيس (يوري) موسفيني الذي أكد بدوره على التزام بلاده باتفاقية السلام في جنوب السودان. أعتقد أن أوغندا هذه المرة ملتزمة، وستقوم بسحب قواتها بعد 30 يوماً من توقيع الاتفاق. * على من تقع مسؤولية وجود المعارضة المسلحة في "جنوب السودان" حال تشكيل الحكومة الانتقالية التي نص عليها الاتفاق ؟ - لقد أبدينا هذه الملاحظة في قمة "ايغاد" الأخيرة، حول وجود هذه المعارضة التي تحارب مع قوات حكومة جوبا، كان يُفترض أن تكون الاتفاقية بتجريد هذه المعارضة المسلحة وإبعادها من جنوب السودان، وهذا من مسؤولية الحكومة. * بماذا تعلق على من يقول بأنكم تجدون مساندة من إثيوبيا والسودان اللتان ترتبطان بحدود مع مناطق توجد فيها قواتك؟ - نرفض مثل هذه الأحاديث والأقاويل التي لا صحة لها من الواقع، واثيوبيا والسودان دعما سلام "جنوب السودان"، هما أشقاء لنا، ويهمهما سلام بلادنا. * هل لديك استعداد كامل للعمل مع سلفاكير في الحكومة الانتقالية القادمة حتى تتمكنوا من الانتقال الطبيعي؟ - أنا على استعداد من أجل السلام والاستقرار في "جنوب السودان"، ولكي نحقق هذا علينا أن نتعامل معا لتنفيذ الاتفاق، وذلك ليس حباً في سلفاكير، وإنما من أجل تحقيق السلام لشعبنا. الخطوة الهامة والضرورية الآن، هي تنفيذ وقف إطلاق النار، وإذا تم الالتزام بذلك سيكون تنفيذ بقية بنود الاتفاق سلساً، وإن واجهتنا صعوبات يمكن التغلب عليها، لذلك الالتزام بوقف إطلاق النار هو محور تنفيذ الاتفاق. * في ظل الخروقات الحاصلة ما مصير اتفاق السلام الأخير؟ - الاتفاق قائم، ولا يمكن أن ينهار، وسيتم تنفيذه، وما يحدث من خروقات هي من الطرف الحكومي، ويجب على سلفاكير التحكم في قواته، حتى لا تتكرر هذه الأعمال، وإلا فإن هذه الخروقات ستؤدي إلى نفق مظلم للاتفاق الذي نعتبر أن تنفيذه يتطلب عزيمة وقوة.
ومن هنا، ندعو سلفاكير لإقناع المجموعة الرافضة للاتفاق والتي تحاول عرقلة تنفيذه مثلما فعلت من قبل، عبر امتناع الحكومة عن توقيع الاتفاق بأديس أبابا يوم 17 الشهر الماضي، ومهلة ال 15 يوماً التي طلبتها الحكومة لتوقيع الاتفاق، حينها، كانت بفعل هذه المجموعة. نحن من جانبنا قادرون على السيطرة على قواتنا، وبدأنا فعلياً في إصدار الأوامر بالتزام المواقع، ووقف إطلاق النار، وأنا شخصياً بدأت الاتصال بمواطني "جنوب السودان" المقيمين في أديس أبابا، لشرح اتفاق السلام، وأرسلت وفوداً إلى القاهرة، ونيروبي، والخرطوم، للالتقاء بالجنوبين وشرح الاتفاق لهم، وبحسب ما أخبرتنا به وساطة " ايغاد"، فإن ورشة ستقام خلال الأيام القادمة، في العاصمة الكينية، لمناقشة وضع القوات وحجمها، التي سيتم نشرها في جوبا، ونعتقد أن آلية الرصد والمراقبة الجديدة، التي سيتم نشرها ستكون أكثر فاعلية من التي كانت في السابق أثناء الصراع، لأنها تأتي بعد توقيع اتفاق السلام.