ما بين مودة وجفاء صارت العلاقة بين الإسلاميين والمجلس العسكرى فعقب تنحى الرئيس المخلوع سارعت القوى الليبرالية واليسارية باتهام الإسلاميين بإقامة تحالف غير نزيه مع المجلس العسكرى على حساب الثورة ومكتسبات الشعب ودماء الشهداء والمفارقة الغريبة أن أولئك الذين كالوا الاتهامات للإسلاميين كانوا أكثر من طالب بإطالة أمد الفترة الانتقالية وبقاء المجلس العسكرى لأطول فترة ممكنة ، بل إن البعض لم يستح من المطالبة بتسمية " المشير " رئيساً لمصر ، والبعض حاول فرض وضعية خاصة للجيش فى الدستور الجديد يمنحه حق الانقلاب على الشرعية الشعبية بحجة حماية الدولة " المدنية " !! والشرعية الدستورية كما أن الإسلاميين لم يستفيدوا شيئاً من الفترة الانتقالية فقد توزعت المناصب الوزارية على قوى سياسية مختلفة من اليمين إلى اليسار بل إن وزارات شرف ضمت شخصيات خدمت بإخلاص فى بلاط الحزب الوطنى المنحل .. كل هذا دون أدنى اعتبار للتيار الإسلامى الذى خرج خالى الوفاض حتى من تشكيل المجلس القومى لحقوق الإنسان وغيره من المجالس . . بل ربما لا يذكر كثيرون فى زحمة الأحداث أن هناك حوالى اثنى عشر شخصاً محكوم عليهم بالإعدام لأسباب سياسية من زمن المخلوع كلهم منتمون للتيار الإسلامى إضافة إلى حوالى أكثر من سبعين إسلامياً محكوم عليهم بالسجن المؤبد ولم يتم النظر فى أمرهم حتى الآن . كما نظر التيار الإسلامى إلى الفترة الماضية على أنها فترة انتقالية مؤقتة والطريق الوحيد لإنهائها يكون بإسراع الخطى نحو الانتخابات الممهدة لعودة الجيش لثكناته وعودة السلطة للشعب صاحب السلطات الأصلى . وبالرغم من كل هذا فإن ما يجب أن يسجل وبكل وضوح وصراحة أن التيار الإسلامى وقف بكل قوة أمام محاولات الالتفاف على الثورة عبر وثيقة السلمى المعيبة التى كانت بداية النهاية للثورة المصرية العظيمة والتى ساندتها قوى ليبرالية ويسارية كثيرة ولولا هذه الوقفة التاريخية لشاهدنا استنساخًا للتجربة التركية من جديد مما يعنى دخولنا نفقًا مظلمًا لعقود قادمة . كما أن هذه القوى المتشدقة بالحرية لم تستح مرة أخرى من محاولة الالتفاف على البرلمان المنتخب عبر الإيعاز إلى المجلس العسكرى بانتزاع صلاحياته لصالح مجالس معينة فى سابقة غير مسبوقة فى أى ديمقراطية على مستوى العالم . ولكن هل يمضى الطريق بعد كل هذه المواقف إلى صدام قريب بين الإسلاميين والعسكر يعيد إنتاج مأساة 54 من جديد ؟! المهمشون سياسيًا يتمنون ذلك ويروجون له وقد دفعوا كتائب " الإعلام " الأجيرة لتسخين الأجواء والمتابع لمانشيتات بعض الجرائد يدرك ذلك بسهولة ف"المصرى اليوم تكتب يوم الجمعة 9/ 12 " وبدأ الصدام بين «العسكرى» و«الإخوان" أما موقع الدستور الأصلى فكتب يوم 13/ 12 " عاشور :أتوقع صدامًا بين العسكرى والإخوان لرفضهم المجلس الاستشارى " وكتبت الوفد يوم 8/ 12 " مونيتورز : صدام متوقع بين العسكرى والإخوان " لذا سارع الإخوان بإصدار بيان يؤكدون فيه حرصهم على عدم الصدام مع المجلس العسكرى ومن هنا فإن تفاوضًا مرتقبًا عقب انتهاء الانتخابات أراه ضروريًا بين المجلس العسكرى وممثلى الشعب المنتخبين لوضع النقاط على الحروف فى ملفات عدة مازالت عالقة ولذلك حديث آخر . [email protected]