محمد ابراهيم منصور الأمين العام المساعد لحزب النور شخصية التقيتها للمرة الأولى عام 2006 فى سجن الأبعادية بدمنهور أيام حكم مبارك ... وبعدها جاء الفرج فافترقنا على وعد بالتواصل ... الا أن الأيام لم تسمح بذلك التواصل إلى أن جادت به عام 2013 حيث التقينا بمجلس الوزراء برئاسة الدكتور هشام قنديل في حوار مع الحكومة حول الإصلاحات الاقتصادية والإجراءات العاجلة لإنقاذ الإقتصاد المصرى ... كنت يومها ممثلا لحزب البناء والتنمية في الحوار وكان ممثلا لحزب النور تجاذبنا أطراف حديث ودى وسريع و افترقنا هذه المرة أيضا على أمل التواصل . غير أن الأحداث في مصر كانت وتيرتها أسرع من تحقيق ذلك الأمل فى التواصل, وتباينت مواقف الأحزاب كل حسب رأيه .. وكنا على مستوى حزب البناء والتنمية نلتزم في مواقفنا بما نراه حسب اجتهادنا أرضى لله وأصلح للوطن بعيدا عن مصالحنا الحزبية أو مأربنا الشخصية بينما انحاز آخرون منهم حزب النور إلى التيار الآخر و حين سألنا ساعتها عن رأينا في موقف حزب النور قلنا بكل أدب إنه اجتهاد منهم إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد. لم نتهمهم بالخيانة أو الخديعة أو غيرها رغم أن موقفهم ساعتها شحذت له السكاكين ونال منهم من نال وطعنهم فيهم من طعن . أقصى ما قمنا به أننا ناقشنا مواقفهم مناقشة موضوعية ومهذبة بعيدة عن الغمز واللمز وتأليب الأتباع و مشايعة الخصوم .. لم نتطرق فيها إلى أشخاصهم و تغاضينا في أحيان كثيرة عن التصريح باسم حزبهم وآثرنا نهج ما بال أقوام على نهج التسمية والتعين . مواقفنا كانت واضحة و قوامها تقديم المصلحة العليا للوطن على المصالح الحزبية الضيقة , ظهر ذلك جليا فى العديد من مواقفنا التي يعلمها القاصي والداني و منها على سبيل المثال :- أولا :- يوم أن تصارع حزب النور مع الأحزاب الأخرى على رئاسة اللجان في مجلس الشعب آثر حزب البناء والتنمية إخماد الصراع و تخلى عن حقه في رئاسة أى من اللجان . ثانيا :- يوم أن تصارعت القوى السياسية على عدد مقاعدها في تأسيسية الدستور وضنت أحزاب ذات تمثيل كبير بمقاعدها ومنها حزب النور جاد حزب البناء والتنمية بمقعديه ليحل المشكلة . ثالثا :- يوم تطلع كل تيار لحصد أكبر عدد من مقاعد المعينين بمجلس الشورى تنازل حزب البناء والتنمية عن مقاعده المقدرة بحسب الحوار الوطني بأكثر من عشرة مقاعد حتى تتاح الفرصة لتوزيعها على من لم يحصل على تمثيل كبير فى مجلس الشورى سواء من الأقباط أو المرأة أو غير ذلك . رابعا :- يوم أن تصارع حزب النور وغيره من الأحزاب على التمثيل في الحكومة كان موقف البناء والتنمية رفض أى حصة للتمثيل في الحكومة . خامسا :- في المرة الوحيدة التي أعطى فيها حزب البناء والتنمية تمثيلا في تشكيل المحافظين واعترض البعض على محافظ الأقصر قام الحزب بكامل إرادته و بكل حب و إخلاص بإعلان تخليه عن هذا المنصب إيثارا للمصلحة الوطنية . سادسا :- رغم الانحياز الواضح لحزب النور منذ مارس2013 إلى جانب رافضي المشروع الإسلامي فإن حزب البناء والتنمية لم يتهم حزب النور بالخيانة أو خديعة أنصاره و ترك الانشغال بالطعن في حزب النور إلى التحركالسياسي للم شمل المصريين باختلاف أيدلوجياتهم و توجهاتهم الفكرية و طوائفهم و تقدم بالعديد من المبادرات منها مبادرة ( لم الشمل الوطني ) فى شهر ( فبراير 2013 ) . سابعا :- لم يترك الحزب موضعا ينبغي أن يتقدم فيه إلا وتقدم ... تقدم في ملف سيناء بمشروع شامل لحل أزمتها , وتقدم فى الملف الطائفي بحملة وطن واحد و عيش مشترك و تقدم في الملف الاقتصادي بمشروع للإصلاح الاقتصادي و الخطوات العاجلة لإنقاذ الاقتصاد المصري ... ولم يتوقف سعى الحزب لاحتواء الأزمة السياسية المصرية على مبادراته قبل 3/7 وإنما استمر بعدها و كانت أول مبادرة على الساحة المصرية لاحتواء الأزمة بتاريخ 5/7 قبل أن تراق الدماء وتزهق الأرواح في حين انحاز حزب النور إلى أحد المعسكرين وحرض ضد الآخر . وكانت هذه المبادرة كفيلة بحل الأزمة إذ تصورت المخرج منه بإجراء استفتاء على قبول خارطة الطريق أو رفقها و خاطب الحزب كل أطراف الأزمة دون استثناء بهذه المبادرة . الصادم فى مقال الأمين المساعد لحزب النور أنه ساق جزءا من بيان صدر مؤخرامن الحزب يدعو فيه الى السلمية والحلول السياسية و البعد عن الحلول الصفرية وضرورة الحفاظ على الدماء و الأرواح ليستشهد به على ميلاد استراتيجية جديدة لحزب البناء والتنمية يتوجب على الحزب بعدها بحسب رأيه أن يقول لأتباعه أنه قد خدعهم طيلة الفترة الماضية ! السيد ابراهيم بادعائه هذا إما أنه لم يكلف خاطره بقراءة بيانات الحزب واستراتيجياته .. ولذا فإنه لم يعرفها .. أو أنه قرأها و علم ما بها و قرأ جميع البيانات التى لم يخل واحد منها من التأكيد على السلمية و ضرورة السعى إلى الحلول السياسية و الحفاظ على الأرواح ورفض إزهاقها لأى من أطراف الأزمة سواء بسواء .. فكما استنكر الحزب قتل المتظاهرين السلميين فإنه رفض أيضا كل واقعة قتل أو تفجير أصابت الجيش أو الشرطة كما رفض أيضا تخريب المنشآت العامة و الخاصة باعتبارها من مقدرات الدولة المصريةو ممتلكات الشعب . إننا نطمئن السيد ابراهيم بأننا لو غيرنا استراتيجيتنا لأعلنا ذلك على الملأ و دون مواربة أو خجل ولكننا نعتب عليه أن يصدّرعنا – بقصد أو بغير قصد – رؤية ليست هى رؤيتنا ثم يدعى أننا تراجعنا عنها و يطالبنا بالاعتراف بأننا خدعنا الناس .. رؤيتنا واضحة يا سيد محمد منذ اليوم الأول من اشتعال الأزمة , أننا فى المعارضة لأننا لا نستطيع أن نتخلى عن قول كلمة الحق , و أنها معارضة سلمية لأن ذلك هو قناعاتنا الشرعية و الفكرية النابعة من ذواتنا لا من إملاء أحد علينا .. و أن هذه المعارضة معارضة رشيدة تنطلق من حب الوطن و الحرص على مصالحه و توجب أن نسعى إلى حل سياسي عادل يلبي مطالب المؤيدين والمعارضين و يحفظ الحقوق و يجمع شمل المصريين دون إقصاء أو تهميش بما يجعلهم جميعا شركاء في صياغة مستقبل الوطن . قلنا ذلك و كررناه منذ بداية الأزمة ولا نفتأ نقوله و نكرره . من الذى خدع أتباعه و يحتاج لأن يقولها بصراحة نحن خدعناكم ؟ الآن بعد أن أجبت عن تساؤلات السيد ابراهيم فإن من حقي أن أسأله :- 1. لماذا لا تعترفون بأنكم أنتم من خدعنم أتباعكم ؟ 2. لماذا لا تقولون لهم خدعناكم يوم رفضنا ثورة يناير ثم عدتم لتقولوا إنها أعظم ثورة في التاريخ ؟ 3. لماذا لا تقولون لأتباعكم أنكم خدعتموهم يوم قلتم بحرمة التظاهر ثم عدتم بعد الثورة لممارسة التظاهر في مناسبات عديدة أبرزها دستور 2014 وانتخابات الرئاسة ؟ لماذا لا تقولون لهم أنكم خدعتموهم يوم قلتم لهم بعدم جواز العمل الحزبي و أنه من المحرمات العظيمة ثم سارعنم في إنشاء حزبكم و العمل السياسي من خلاله ؟ 4. لماذا لا تقولون لهم أنكم خدعتموهم يوم قلتم لهم إن المشاركة في مجلس الشعب كفر ثم سارعتم للمشاركة في انتخاباته وقتها وتكالبتم على مقاعده ؟ 5. ولماذا لا تقولون لهم أنكم خدعتموهم يوم أصررتم على المادة 219 في دستور 2013 مؤكدين أنها تعزز مكانة الشريعة في الدستور المصري ثم هللتم للدستور الذى نص على إلغائها ؟ لقد راجعنا أنفسنا مرات و مرات و أعلنا ذلك على الملأ بكل شجاعة .. ونحن ننصحكم أن تراجعوا أنفسكم و مواقفكم و أن تمتلكوا الشجاعة لمصارحة أتباعكم .