لم تكد تمر ساعات على اختتام مؤتمر الإنصاف والمصالحة أعماله في طرابلس ، إلا وفوجيء الجميع بعدة تطورات مؤسفة زادت القلق حول فوضى السلاح في ليبيا . ففي 12 ديسمبر ، نفى مختار فرنارة رئيس المجلس العسكري للمنطقة الغربية في ليبيا أن يكون لدى الثوار الذين دخلوا طرابلس بعد سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي أي نية لمغادرتها في المرحلة الحالية. وقال فرنارة في تصريحات صفية إن العاصمة طرابلس وغيرها من المناطق مازالت بحاجة لبقاء الثوار فيها إلى أن يتم تشكيل الجيش الوطني. وخاطب الليبيين قائلا :" البلاد الآن دولة من دون شرطة ، الثوار هم الذين يحمون طرابلس ، أنتم تنعمون بالأمن والاستقرار بفضل الثوار ، عندما سيتشكل الجيش الوطني سيسلم الثوار أسلحتهم"، معتبرا أن وزارتي الدفاع والداخلية لا تملكان القوة الكافية لحفظ الأمن في العاصمة. ووجه فرنارة أيضا اتهامات لأحد قادة قوات المجلس الوطني الانتقالي ويدعى خليفة حفتر بالوقوف وراء المواجهات التي دارت في 10 ديسمبر بين مجموعتين مسلحتين عندما رفض موكبه التوقف عند حاجز تفتيش يسيطر عليه مقاتلون من الزنتان على الطريق إلى مطار طرابلس. وتابع " ميليشيا حفتر قتلت مقاتلين اثنين من الزنتان وجرحت إثنين آخرين " ، مشيرا إلى أن وساطة من رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل ووزير الدفاع أسامة جويلي سمحت بتهدئة النفوس. وكانت مناوشات وقعت بين مجموعة من ثوار الزنتان والجيش الوطنى الليبى في 10 ديسمبر بطريق مطار طرابلس الدولى ، حيث كان من المفترض أن يقوم ثوار الزنتان بتسليم مطار طرابلس الدولى إلى المجلس الوطنى الانتقالى الليبى ، لكن حدوث مناوشات مع ثوار الزنتان عرقل الموضوع . ولم يقف الأمر عند ما سبق ، حيث قررت السلطات الليبية في 11 ديسمبر أيضا إغلاق مطار طرابلس الدولى في وجه الملاحة الجوية نظرا لكثرة إطلاق النار واستخدام أسلحة مضادة للطائرات فى محيط المطار بطريقة مفاجئة ، ما عرض سلامة الطائرات القادمة والمغادرة للخطر واحتمال التسبب في كارثة جوية. ورغم أن الحكومة الليبية أعلنت أنها تدعم خطة للمجلس المحلي في طرابلس تنص على نزع السلاح من العاصمة قبل نهاية العام ، إلا أن أي تدبير ملموس في هذا الاتجاه لم يتخذ بعد ، الأمر الذي زاد المخاوف حول احتمال تطور الأمر إلى مواجهات بين سكان العاصمة والثوار السابقين ، بعد أن خرج الأهالي في مظاهرات في 7 ديسمبر للمطالبة بخروج الفصائل المسلحة القادمة من مدن أخرى ممن شاركوا في تحرير العاصمة في أغسطس الماضي وبقوا فيها. ولعل ما يضاعف من القلق في هذا الصدد أن تصريحات فرنارة جاءت بعد ساعات من استبعاد رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي عبد الحفيظ غوقة أن تتحول "أخطاء وتجاوزات" يقوم بها بعض حملة السلاح في ليبيا إلى "اقتتال أهلي" ، مشددا في تصريح لقناة "الجزيرة" في 12 ديسمبر على أن الحوار هو الخيار الأنسب لحل مشاكل الليبيين. أيضا فإن تصريحات فرنارة جاءت بعد دعوة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي للشعب الليبي للتسامح وتناسي الأحقاد وذلك خلال مشاركته في مؤتمر الإنصاف والمصالحة الذي عقد في طرابلس في 10 ديسمبر . ويجمع كثيرون أن توصيات مؤتمر الإنصاف والمصالحة لن تجد آذانا صاغية على أرض الواقع في حال لم ينصت الليبيون لدعوة القرضاوي لتفويت الفرصة على المتربصين بانطلاق البلاد نحو الديمقراطية والتنمية . وكان المشاركون في مؤتمر الإنصاف والمصالحة الذي عقد بحضور ومشاركة وجهاء وشيوخ وأعيان القبائل الليبية ورؤساء المجالس المحلية من مختلف أنحاء ليبيا ، طالبوا بضرورة إنهاء كافة مظاهر التسلح في البلاد ، سعياً إلى تحقيق الأمن والاستقرار الاجتماعي.