العراق دولة حضارية تاريخيا، لكنها تعيش اليوم أسوأ أدوارها السياسية على الصعيد الداخلي بالدرجة الأولى. هذا يعود لتكوين المجتمع العراقي ذاته، ومكوناته المتناقضة والمتضادة بينها وبين محيطها الخاص أولا ومحيطها العام ثانيا. بالعلم السياسي يصبح الإدمان الشعبي على حكم «الزعيم الأوحد» كما يدمن الشخص على الكحول أو المخدرات أو المورفين. أن الحكومات العراقية لا تتشكل بلا تدخل إيراني مباشر، وأن التدخل الإيراني شامل، وفي كل مجال من حياة العراق، وفي كل فروعها. كما أن إدارة أوباما متفقة مع هذا الواقع، لهذا السبب أو ذاك. ذلك لأن إيران هي الطرف الأساسي في هذا الملف، بل السبب الحقيقي في مشكلة هؤلاء العراقيين الهاربين منها طلبا للجوء السياسي والعيش الكريم في غيرها. .أوباما لم ينبس ببنت شفة عن الحرب الإيرانية في سوريا، من خلال قوات الحرس الثوري وحزب الله اللبناني والمليشيات الخاضعة للمالكي وذات الولاء الإيراني؛ ومع أنه راح يتحدث عن أن لا مكان للأسد مستقبلا، فلا أي نقد منه للحرب الإيرانية هناك. إننا نعرف أن هرولته لعقد الاتفاق النووي مع إيران تبرر لديه اتخاذ أي موقف يرضي إيران. ومع ذلك، فلننتظر لنعرف غرض التباحث الأميركي – الإيراني حول العراق. فهل هو لمنع إيران من غزو عسكري كاسح للعراق سيؤدي لتفاقم كل الأوضاع في المنطقة؟ هل هو لكي تضغط إيران على المالكي لتغيير سياساته كليا، أو حتى للتخلي عنه لصالح بديل مناسب، وذلك وفقا لما ورد في خطاب أوباما عن وجوب إجراء مصالحات عامة، وان المشكلة العراقية هي عراقية أولا؟ أم يا ترى سيكون طلبا للتدخل العسكري الإيراني بدلا من تدخل عسكري أميركي؟ لو كان الاحتمال الأخير هو الصحيح، فإنه سيكون مسئولا عن حرق العراق والمنطقة برمتها، وعن تحويل إيران إلى جندرمة المنطقة والوصية عليها. فقد تركت الإدارة الأميركية العراق بسرعة ودون أن تستمع للقادة العسكريين الأميركيين، الذين رأوا ضرورة بقاء قوات في العراق. رفض أوباما الطلب، كما رفضه المالكي رغم العلم بان إيران هي من ستملأ الفراغ. ونقول أيضا إن هناك دولا أخرى في المنطقة معنية بأحداث العراق مباشرة؛ فلماذا الاقتصار على إيران؟ هذا هو ما يبرر الهواجس والشكوك.. ما يجري اليوم في العراق هو من نتائج سياسات المالكي الطائفية والمستبدة، وأيضا من عواقب عدم المبالاة الدولية بالمأساة السورية وترك البراميل والكيميائي والقوات التابعة لإيران تبيد مئات الآلاف وتهجر الملايين. إيران ليست معنية بمصالح شيعة العراق كما تدعي ويدعون، وإنما هي معنية بمصالح توسعها وتمددها على نطاق المنطقة. وإن التدخل الإيراني الواسع في العراق، وتعاون إيران، هي وسوريا الأسد، مع القاعدة لتخريب أي تقدم عراقي نحو الديمقراطية، ولمشاغلة القوات الأميركية، ساهما مباشرة في إيصال الوضع لحافة الانهيار التام، وفي عودة النشاط الإرهابي بوحشية متزايدة وقوة أكبر بعد أن هزمته الصحوات والقوات الأميركية. إنهما ساهما في قيام داعش في سورياوالعراق..ولو أراد أوباما المساهمة حقا في إنقاذ العراق من الزوال أو التحول لكانتونات متحاربة ومن وحوش القاعدة ومن يتعاون معها، لضغط، [استنادا إلى مسؤولية الولاياتالمتحدة حسب الاتفاقية الأمنية] لتخلي المالكي عن الحكم، ولاتفق مع الوطنيين العراقيين الداعين لحكومة إنقاذ وطني ولوقف التدخل الإقليمي، ولاسيما التدخل الإيراني. ولكن حسابات أوباما في مكان آخر، وهي جزء من الهرولة السريعة للاتفاق النووي النهائي مع إيران في هذا الشهر.. الوضع العراقي رهيب، وكل القوى الخيرة في العراق والمنطقة يجب أن تعمل معا لسحق داعش وكل الإرهابيين، أيا كانوا، سحقا، ولمكافحة الطائفية، وللدعوة للمصالحة الوطنية العامة في العراق. وعلى كل دول المنطقة وقف أي تدخل من نوع آخر في العراق يكون سلبيا، بل تجب المساهمة الإيجابية لإنقاذ العراق. وهذا هو لمصلحة الجميع. أدمن الشعب العراقي برغبة منه أو عدم رغبة على أفيون الحاكم الأوحد، أي الدكتاتور. وعندما يغيب هذا الدكتاتور القوي عن الحكم تبدأ الفوضى والارتباك الاجتماعي بشكل عام. هذه الظاهرة الغريبة والملفتة للانتباه على صعيد التحليلات السياسية والاجتماعية جعلت من الشعب العراقي عبر عصور وأزمان طويلة شعبا منقادا لا قائدا بحد ذاته. جعلت الدول الاستعمارية من الحكم العثماني المتخلف إلى الحكم الإنكليزي العراق واحة خصبة للتجارب السياسية بكل قبحها وتضييق أفقها لممارسات عشوائية تتسم بالغباء والعنجهية وردود الأفعال وليس ممارسة الأفعال ذاتها. أصيب المجتمع العراقي جراء هذه السياسات الاستعمارية المتعمدة بعد فشل الإنكليز بالقارة الهندية التي فككها إلى دولتين جارتين متحاربتين للأبد الهند وباكستان. فتك الاستعمار التركي العثماني والإنكليزي بزرع الفتنة في جنبات المجتمع العراقي طوال عقود من الزمن.. وها هي تؤتي أكلها العجفاء اليوم. منذ النهاية البائسة لما سميت أم المعارك في 1991 وانكشاف حقيقة القمع والتسلط الذي مارسه نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين على شعبه والذي ظهر بعدة أدلة ظهرت للعيان أمام الجميع وصلت إلى قناعة بأنه لن يكون هنالك مستقبل زاهر للعراق إلا بالتخلص من هذا النظام. وفي الوقت الذي كان فيه مجرد نقد صدام حسين سببا للرشق بتهم الخيانة والعمالة كنت أعرض هذا الموقف وأدافع عنه في المنابر الإعلامية التي أكتب فيها. حتى بعد توافق رغبة عدد كبير من الشعب العراقي مع أطماع المحافظين الجدد في إسقاط نظام صدام في العام 2003 وما حدث بعد ذلك من صراعات طائفية بقي هنالك أمل بأنه ستحدث عملية تعلم واستفادة من الدروس بحيث يتمكن الشعب العراقي أخيرا من تحقيق طموحه في دولة ديمقراطية . والأغرب والأعجب هو الفساد الأخلاقي لوكلاء السيستاني بسبب ثرائهم الفاحش وعدم محاسبة السيستاني لهم ,بل إنه يعطيهم نسبة 50% من الحقوق الشرعية وفضيحة وكيله مناف الناجي في العمارة خير شاهد على انحراف وكلاءه الذين يعمل قسم كبير منهم لإيران ويتسلم منها الرواتب والمكافئات؟؟؟؟!!!!ومن حقنا أن نتساءل...لماذا لم يدعم السيستاني الجهات الوطنية في العراق بغض النظر عن إنتمائاتهم السياسية والعرقية؟؟؟!!ولماذا يدعم السيستاني الأحزاب الموالية لإيران ويرسل طلاب حوزته للتثقيف لها قبل الانتخابات؟؟؟!!!ولربما كان وجود السيستاني في العراق هو سبب شقاء هذا البلد والغريب أنه دخل العراق في العام 1985 والحرب مستعرة مع إيران فدخل العراق من البصرة قادما من إيران فكيف قبل صدام بهذا الأمر إلا إذا كان السيستاني عميلا مزدوجا ؟؟؟!!!فمتى يرتاح العراق من النفوذ الفارسي في العراق والذي يغذيه ويعززه السيستاني ووكلائه المفسدون؟؟؟!!ومتى يعي العراقيون حجم المأساة ويلتفتوا إلى أن سبب مأساتهم هو السيستاني وعمامته وعمامات وكلائه الفاسدين؟؟! وبقاء العراقي بلا هوية وبلا وضع قانوني واضح هو الخلل الحقيقي والجوهري في علاقة العراقيين في إيران. وللأسف، فان القيادات العراقية المعارضة والمتصدين للشؤون العامة منهم والكتاب والصحفيين والمفكرين العراقيين لم يكونوا يعيرون هذه المسألة الأهمية اللازمة باستثناء قلة منهم. وقد تعرض الذين أثاروا هذه المسألة في وقت مبكر، ومن بينهم كاتب هذه السطور، قامت الدنيا عليهم ولم تقعد بحجة معارضة الدولة الإسلامية وانتقادها، وهو أمر لم يكن هؤلاء الغاضبون يجوزونه بل يحرمونه من الناحية الشرعية! ومع مرور الزمن تضاعفت أثار هذا الخلل الجوهري، وأنتج المزيد من معاناة الذين كانت أعدادهم تزداد باستمرار خاصة بعد عام 1991. وبسبب هذا الخلل والمعاناة اللاحقة، صار العراقيون يفضلون ركوب الصعاب وعبور البحار والمخاطرة بحياتهم من اجل البحث عن بلد أخر يوفر لهم ظروفا أفضل لممارسة حياتهم الإنسانية بوصفهم هاربين من بلادهم بسبب الخوف الذي ينتابهم هناك. بل إن بعضهم حمل دمه في راحته وفضل العودة إلي العراق حيث الموت بانتظارهم.