هل تأذنون لي أن أتكلم في الأدب,و هل تسمحون بسياحة في موسم جدب السياحة إلى شواطيء الأدب,وللأدب مدارس ومذاهب و شطحات وفتوحات كثيرة وبعضها معقد وصعب,و أنا اخترت لنفسي بينها منهجا لا أتعداه,منهج القراءة والقراءة فقط أو التذوق والتذوق فقط,وهذا منهج وضع أصوله العلامة المرحوم محمود أحمد شاكر,و هو محقق كتب الأقدمين ومعيد إصدارها للعالمين,وهو سلفي- بمعنى ارتباطه بكتابات و سير السلف الصالح- مع أنه كان مخالفا لدعوة الإخوان المسلمين في عصره,وهو كان في صف بليغ العرب مصطفى صادق الرافعي يوم كان سيد قطب في صف عملاق الأدب عباس محمود العقاد.وسيد قطب هو الذي قدم لنا نجيب محفوظ,و نبهنا أن بمصر أديبا سيصل بكلامنا للعالمية,وإذا أردت أن تحكم على نجيب محفوظ فاقرأه وفق منهج التذوق,ثم خذ ما يوافقك ودع ما ترى أنه يخالفك,وطوال مسيرة نجيب محفوظ ظلت حقائق ثلاث تسوق قلمه أو يسوقها لنا قلمه .. لم يتعداها ووقف أمامها طويلا ..ثانيها وثالثها الدين والعلم أما أولاها فذلك الذي لا ينجو منه حي ....الموت..الذي اقترب منه محفوظ وقدمه لنا على أنه ذلك الذي نتحدث عنه ونشمه أحيانا ولا نعرفه مطلقا إلا حينما نلقاه.. و أن الإنسان ليعيش كثيرا في دنياه عاريا، أما عتبة القبر فلا يمكن أن يجوزها عاريا مهما كان فقره.,كما أن الخوف لا يمنع من الموت ولكنه يمنع من الحياة"... "لن تتاح لكم الحياة ما دمتم تخافون الموت.."و إن حزنا ساعة الموت أضعاف سرور ساعة الميلاد" أما الدين فكان محور كثير من أعماله له رؤية تخطت المظهر وذهبت تفتش عن الجوهر فيسجل على لسان أبطاله أن الدين عظيم لكن حياتنا وثنية، ..وأن دنيا بلا أخلاق ككون بلا جاذبية، ....كما الحياة بحاجة إلى جرعات من التصوف وبغير ذلك لا تصفو الحياة ظل نجيب محفوظ يتابع ويسجل ويتأمل مصر محبوبته الأولى ..تاركا لنا الحرافيش سجلات من روايات وحكايات المحروسة.ومعلنا أن أقرب ما يكون الإنسان إلى ربه وهو يمارس حريته بالحق. يقول محفوظ على لسان "محتشمي زايد بطل يوم قتل الزعيم":"اللهم إني أنام بأمرك واصحو بأمرك وأنك مالك كل شيء.ما أبرد ماء الوضوء ولكني أستمد الحرارة من رحمتك,الصلاة لقاء وفناء,من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه,وكل يوم لا أزداد فيه علما يقربني إلى الله فلا بورك في شمس ذلك اليوم..المجنون يجري بلا وعي نحو جادثة يرصده عندها الأجل.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(يا عبد الله كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل,واعدد نفسك في الموتي). هذه بعض من كلمات نجيب محفوظ,لو لم أقل لك إنها كلماته لظننتها لأحد رجالات السلف والسائرين في مدراج السالكين نحو رب العالمين.يرحمه الله فهو قادر على ذلك والرحمة سلطانه وحده,والجنة بإذنه وحده لا شريك له . [email protected]