كان من اللافت تزامن تكليف د. كمال الجنزوري بتشكيل ما تسمى "وزارة إنقاذ وطني".. مع تشكيل "المجلس الاستشاري". التزامن بدا وكأنه استجابة لحاجات أزمة "نوفمبر" في ميدان التحرير.. غير أن تصريحات اللواء مختار المولا جاءت لتنقل لنا حقيقة أخرى..أو بعض ما يجري "همسًا" خلف الغرف المغلقة في كوبري القبة. "المولا" قال إن الجدول الزمنى لتسليم السلطة تم وضعه بطريقة تمنع "جماعات معينة" من الانفراد بتحديد المستقبل السياسى للبلاد..وأن ميزانية الجيش يجب ألا تتم مناقشتها فى البرلمان. معنى ذلك أن الجدول الزمني وضع خصيصًا لمواجهة النتائج المتوقعة للانتخابات والتي تتجه نحو فوز كبير للإسلاميين! وبمعنى آخر فإن ثمة التفافًا إجرائيًا على الديمقراطية وعلى "سلطة الشعب".. من خلال "التلاعب" في أدوات نقل السلطة، فيما يظل المجلس العسكري مصرًا على وضع الجيش خارج ولاية السلطات المدنية المنتخبة..غير أن الأخطر من هذه ومن تلك، هو وضع "حذاء" الحكومة و"بُلغة" المجلس الاستشاري فوق "رقبة" مجلس الشعب المنتخب! اللواء "المولا" قال صراحة: "إن الجمعية التأسيسية التى ستضع الدستور الجديد لابد أن تحظى بموافقة الحكومة والمجلس الاستشارى"! وهذا أغرب تصريح يصدر من أعضاء السلطة العسكرية..بل يعتبر الأخطر من "التزوير" الفج لانتخابات عام 2010 والتي أطاحت بمبارك ونظامه.. فالحكومة من اختيار "العسكري".. وكذلك "المجلس الاستشاري" من اختراعه.. فكيف نضع الأولى والثاني في مرتبة أعلى من البرلمان المنتخب.. كيف يصادر من لا "شرعية" له إلا شرعية "الغلبة" حق من يستقي شرعيته من التراضي الشعبي عبر صناديق الاقتراع؟! كيف نركن البرلمان المنتخب على "جنب" ونُعطي صلاحياته إلى الجنزوري الذي اختاره "الجنرالات".. وإلى شخصيات مفروضة علينا ولا شرعية لها إلا "رضا" الجنرالات أيضا؟!. ما قاله "المولا".. يعني أن اختيار "الجنزوري".. بالتزامن مع تشكيل "المجلس الاستشاري" لم يكن لمقتضيات التوتر وأزمة "نوفمبر" الدامية.. وإنما لشيء في "نفس يعقوب".. أو بالأحرى لم يكن الغرض من الأول تشكيل حكومة" إنقاذ وطني" وإنما حكومة "إعاقة البرلمان" واستخدام الجنزوري والمجلس "الاستشاري" ك "عصا غليظة" في يد "العسكري".. أو لتحويل البرلمان المنتخب إلى "خيال مآتة" .. وكأنها رسالة للإسلاميين مفادها "بلوا المجلس وشربوا ميته". [email protected]