قالت وكالة "رويترز"، إن البعض يشكك في جدوى مشروع قناة السويس الجديدة، ويرى أن لا طائل منه للبلاد ولو في المستقبل القريب على الأقل. ونقلت عن أحمد الكمالي أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية في القاهرة إن التوقعات "مجرد أمنيات"، موضحًا أنه "لم تتم دراسة جدوى- أو لم نعرف بذلك- لتقييم جدوى المشروع". وقال وليام جاكسون من مؤسسة كابيتال إيكونوميكس إنه "لكي يحقق المشروع الإيرادات المستهدفة يجب أن تزيد حركة التجارة العالمية بنسبة 9 بالمائة سنويًا حتى 2023 بينما لا تزيد التقديرات لمتوسط النمو لحركة التجارة العالمية خلال السنوات الأربع المقبلة على 3 بالمائة". ومنذ 2011 لم تحقق قناة السويس زيادة في الإيرادات توازي النمو في حركة التجارة العالمية. ويقول جاكسون إنه بينما ارتفع حجم التجارة العالمية بمتوسط 2.9 بالمائة بين 2011 و2014 فإن إيرادات القناة ارتفعت بواقع 2 بالمائة فقط خلال نفس الفترة. كما يقول مايكل فرودل من مؤسسة سي ليفل جلوبال ريسكس للاستشارات ومقرها الولاياتالمتحدة إن قناة السويس ربما تواجه خطرا آخر من توسعة لقناة بنما يتوقع أن تكتمل في 2016 إذ قد تؤدي لاجتذاب حركة المرور من الطريق بين آسيا وأمريكا الشمالية. وأشارت الوكالة في تقريرها إلى أن الأبعاد السياسية للمشروع، إذ قالت إن "قناة السويس هي أكبر مصدر لدخل مصر بالعملة الصعبة إلى جانب السياحة وصادرات النفط والغاز وتحويلات العاملين في الخارج". وكانت القناة الأم قد افتتحت عام 1869 ويبلغ طولها نحو 160 كيلومترا وهي أقصر طريق بحري بين آسيا وأوروبا إذ تختصر 15 يوما من زمن الرحلة في المتوسط. وتكلفت القناة الجديدة ثمانية مليارات دولار تم جمعها بالعملة المحلية من المصريين من خلال طرح شهادات استثمار بفائدة 12% لمدة خمس سنوات. ويقر متخصصون بأن لمشروع القناة الجديد أسبابا سياسية ربما كانت أكبر من أسبابه الاقتصادية. وقال الكمالي إنه لو أن هناك أي فوائد سريعة للتوسعة فقد تكون سياسية وليست اقتصادية. وأضاف مشيرا للتقلبات التي عاشتها مصر منذ 2011 حيث أطيح برئيسين من الحكم "ستوحد (القناة) الشعب حول مشروع قومي يمكن للناس الالتفاف حوله." وقالت شركة ميرسك لاين للخطوط الملاحية وهي أكبر عملاء قناة السويس إنه رغم الوفر الذي ستحققه التوسعة الجديدة لقناة السويس في تكاليف الوقود للسفن الأكبر حجما فإن الشركة لن تزيد عدد سفنها العابرة للقناة خلال العام الحالي. وقال محمد شهيب مدير فرع ميرسك لاين في مصر "العام الماضي مرت لنا 1400 سفينة في القناة. سيمر نفس العدد من السفن تقريبا هذا العام". وقال نيكولاس سارتيني النائب البارز لرئيس مجموعة سي.إم.ئي. سي.جي.إم الفرنسية وهي ثالث أكبر مجموعة سفن في العالم والتي تسير في القناة سفينتين تقريبا كل يوم إن القناة الجديدة "لن تغير الكثير بين عشية وضحاها." وأضاف أن مصر تستثمر على المدى البعيد لتصبح لديها قناة أكبر قادرة على استيعاب العدد المتزايد من السفن الأكبر حجما. ويقول حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: "مشروع قناة السويس الجديدة بالنسبة لمصر هو مشروع قومي بمعنى أنه أكبر من مجرد مشروع اقتصادي". وأضاف "هو مشروع لتوحيد المجتمع المصري وراء هدف واحد هو بناء نظام سياسي جديد بكل مكوناته وأبعاده" بعد انهيار نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك في الانتفاضة التي اندلعت يوم 25 يناير 2011. ومضى قائلا "المشروع يعالج الخلل الذي تعرض له المجتمع المصري من 25 يناير (2011) إلى 30 يونيو (2013)" مشيرا إلى تاريخ الاحتجاجات الحاشدة التي أعلن الجيش بعدها عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين بعد أن أمضى عاما في الحكم. لكن سلامة يتحدث أيضا عن فوائد المشروع الاقتصادية قائلا "له مزايا اقتصادية لكن ليس في الأمد الحالي. هناك معارضة للمشروع لكن بعد سنوات سوف يذكر التاريخ أنه في عهد عبد الفتاح السيسي تم شق قتاة سويس جديدة وتوحيد الشعب وراء المشروع والنظام." أما طارق فهمي أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة فقال "المشروع له خلفية سياسية قائمة على أنه أول إنجاز للنظام ... لكن المنطق الاقتصادي غير متوافر. غير صحيح أنه بعد افتتاح القناة الجديدة بساعات سيكون هناك دخل من المشروع." غير أن هناك كثيرين متفائلين بإمكانية أن يمهد المشروع لقيام منطقة استثمار تطل على القناة. قال حلمي شعراوي خبير الشؤون الإفريقية "واضح أنه بداية منطقة استثمار. مطلوب من الحكومة أن تطلق وعدا قويا بتيسير الاستثمار وحماية الاستثمارات في مصر كلها وليس في منطقة القناة وحدها." وقال النيابي السابق البدري فرغلي "هذه المنطقة تمثل المشروع القومي للشعب المصري. أتوقع أن تتهافت شركات العالم كله على الاستثمار على ضفاف القناة." وأضاف "نحن نعمر ضفاف القناة. نحن لا نشق مجرد تفريعة". وقال مميش في مقابلة سابقة مع "رويترز" إن الهدف من قناة السويس الجديدة ومشروع تنمية منطقة القناة هو تنويع وزيادة إيرادات القناة من 5.3 مليار دولار إلى 13.226 مليار دولار بحلول عام 2023. ومع بلوغ معدل البطالة حوالي 13 في المائة تأمل مصر في توفير نحو مليون فرصة عمل في إطار مشروع تنمية إقليم قناة السويس حتى عام 2030.