... كل عام وأنتم بخير فقد أتت ذكرى عاشوراء وولت وشغلتنا أموالنا وأهلونا وأعمالنا وفيسبوكنا وتويترنا, ولم ينتبه كثيرون ليقولوا لنا: كل عام أنتم بخير. ففى مثل هذا اليوم من آلاف السنين انفلق البحر فكان كل فرق كالطود العظيم, وفى مثل هذا اليوم تجلت حقيقة اليقين بالله, وتخيلوا أن فرعون وجنوده ونظامه وحزبه أحاطوا بالمسلمين أو ببنى إسرائيل من خلفهم. ثم مع محاولات الفرار والهروب أحاطهم البحر من أمامهم. إذن لا مهرب ولا منجا والبحر أمامكم والعدو خلفكم, فأين تذهبون, ومن ذا الذى يمكن أن ينجيكم؟ ولا تكاد تجد إجابة, لولا أن رجلًا بعثه الله نذيرًا ورسولًا, واسمه موسى وتربى فى ديوان فرعون وداخل قصره, كان يملك اليقين. فالمسلون من بنى إسرائيل قالوا(إنا لمدركون)القصة انتهت وهالكون هالكون لا شك فمن لم يغرقه البحر, قتلته سيوف فرعون وجيشه..وإنا لمدركون. أما يقين النبى فقد سبق بيانه واحتل لسانه وجرى على لسانه بكلمات ..كان أبى يقول عنها (شوف نبى يعنى عارف إن ربنا معاه يعنى يقينى بالله يقينى), فيقول موسى عليه السلام:(كلا) كلا يعنى (لا) عالية واثقة صادعة فى وجه اليأس..(كلا إن معى ربى سيهدين) وحتى هذه اللحظة لم يكن موسى عليه السلام يعلم ما ينبغى عليه أن يفعل. لكن ليست هناك مشكلة على الإطلاق فإن معه ربًا, وهو فى معية من لا تعوزه الأسباب, فجاء الأمر وجاءت الهداية بإشارة الفعل, وقلنا اضرب بعصاك البحر, فانفلق وانشق البحر وأصبح بحرين بينهما طريق واضحة وسهلة, فانطلق الفارون مع نبيهم وتعرفون بقية القصة. وتوتة توتة ولم تنته الحدوتة, ومصر يحوطها الأعداء من كل مكان, وتأتينا الإشارات والتسريبات من بنى إسرائيل الذين بدلوا دينهم وصاروا أخس خلق الله وأكثرهم شرًا بأنهم يعدون لنا العدة ويطالبون حكومتهم بزيادة ميزانية الدفاع, وبتكثيف الوجود على الحدود, وبتأليب القوم على القوم, ويصدقون أن فى عهدهم القديم كلمات تنذر (بأن المصرى سيقتل المصرى وتكون فوضى) بينما نحن نصدق عهد ربنا وأن مصر محروسة وفى رباط ليوم الدين, وأنه ما بغت دولة عليها وجارت, إلا زالت وتلك عقبى التعدى, وأنها تاج العلاء فى مفرق الشرق, وأن دراته فرائد عقدها, وأن الله تعالى نظر إليها فأرشد أبناءها فشدوا إلى العلا أى شدِ. ونحن نصدق ونحلف بالطلاق أنها آمنة وستظل آمنة وأن(ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين). وأنا لا أخاف على مصر. إنما أخاف من بعض المصريين الذين لا يدركون نعمة الأمن ويلعبون بنيران الطائفية, ويبكون نتائج الانتخابات كما بكوا نتائج التعديلات الدستورية, ولا يعلمون أن المصريين كلهم دائما وأبدا سيصوتون لصالح من يريد الاستقرار والأمن قبل رغيف العيش. وهم يدركون جيدا أن النار تحرق صاحبها وأن الدائرة على الباغى. وأن عاشوراء هو يوم النجاة العالمى وهو يوم أمتنا وعيدها بامتياز وكل عام وأنتم بخير. محمد موافى [email protected]