ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن المؤشرات في مصر, ترجح أنها تسير باتجاه تكرار السيناريو الدموي, الذي شهدته الجزائر في التسعينيات, محذرة من أن الإقدام على إعدام الرئيس المعزول محمد مرسي سيسرع من وتيرة هذا الأمر الكارثي, على حد قولها. وأضافت المجلة في تقرير لها في 30 يوليو أن "ما حدث في مصر من الإطاحة بالإخوان من السلطة وتصنيفهم جماعة إرهابية, وقتل المئات منهم, يشبه ما حدث في الجزائر في التسعينيات, عندما نجحت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالانتخابات البرلمانية, إلا أنه ألغيت الانتخابات بعد الجولة الأولى, وتدخل الجيش للسيطرة على البلاد، وتم حظر الجبهة الإسلامية للإنقاذ واعتقل الآلاف من أعضائها، وسرعان ما نشب الصراع المسلح الدامي بين الدولة وجماعات إسلامية مسلحة, الذي أودى بحياة عشرات الآلاف. وتابعت "الجزائر اختارت نهج المصالحة بعد تجربتها المريرة, إلا أن الأمور في مصر تبدو أنها تسير عكس هذا النهج", محذرة من أن الإصرار على "القمع", وغلق باب المصالحة مع "الإخوان", سيعرضها لمسار خطير للغاية, حسب تعبيرها. وأشارت المجلة إلى أن التوقعات بشأن مصر قاتمة للغاية, مرجحة أن يجذب تنظيم "داعش" العديد من الشباب الذين يعانون مما سمته "القمع والعنف"، وهو ما يزيد المشهد تعقيدا. وكان الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي, أطلق أيضا قبل أيام تصريحات شديدة اللهجة, قال فيها إنه لا يرى أي مستقبل لمصر في ظل ما سماه "حكم العسكر", حسب تعبيره. وفي حوار أجراه معه موقع "هافينجتون بوست عربي"، الذي انطلق رسميا في لندن في 27 يوليو, أضاف المرزوقي أن المستقبل الوحيد لمصر - حسب اعتقاده - هو مصالحة وطنية تبنى على قاعدة ديمقراطية حقيقية. ووجه المرزوقي رسالة تحذير للنظام الحالي في مصر من مغبة الإقدام على إعدام الرئيس المعزول محمد مرسي, وخاطب في هذا الصدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي, قائلا :" لا ترتكب جريمة نكراء في حق مصر وفي حق الأمة وفي حقك الشخصي, قضية الإعدامات بشكل عام غلطة لا يمكن تداركها, وأنا شخصيا كنت ولازلت ضد تنفيذ حكم الإعدام, فالتاريخ أثبت أنها أقل الحلول نجاحا وأكثرها ضررا". وتابع " سمعت بتداول خبر إمكانية تنفيذ حكم الإعدام بحق مرسي, قمت بدوري حتى حين كنت في الحكم, وناشدت من منبر الأممالمتحدة الحكومة المصرية أن تغير من سياستها ومنهجها وأن يكون هناك بحث عن توافق وبحث عن حل سلمي ومدني، لكن للأسف الشديد, لم تتم الاستجابة لهذا الطلب، بل بالعكس, وجدنا أن نظام العسكر في مصر ارتأى الانزلاق شيئا فشيئا نحو العنف، بالتالي أعتقد أن إعدام مرسي خط أحمر، وفي حال حدوثه, ستدخل مصر في حقبة مظلمة في تاريخ العرب والإسلام والمسلمين"، على حد قوله. واستطرد " "لا قدر الله, لو تم تنفيذ حكم الإعدام بحق مرسي , ستدخل مصر في منزلق من العنف لا يدري أحد مآله, وستكون له تبعات خطيرة على كامل المنطقة وستكون هذه أعظم هدية تقدم لتنظيم داعش وللمتطرفين". وأضاف المرزوقي "عملية الانقلاب التي تمت في مصر كان يخطط أن يكون لها توابع في تونس, وهذا ما لم يتم بفضل وحدة الشعب وحكمة القيادات السياسية وبفضل وجود جيش غير انقلابي يحافظ على الجمهورية"، على حد قوله. وتحدث الرئيس التونسي السابق عن مفاجأة في هذا الصدد مفادها أنه حدثت فعليا محاولة انقلاب ضده في عام 2013 ودامت شهرين, إلا أنه استطرد, قائلا :"من حسن الحظ أن شعبنا واع ولنا جيش حرفي ومهني". وكانت مجموعة "هافينجتون بوست" العالمية أعلنت في العاصمة البريطانية لندن في 27 يوليو عن إطلاق الموقع الجديد "هافينجتون بوست عربي", ليكون الموقع رقم 14 التابع لهذه الشبكة العالمية. ويتولى وضاح خنفر, الذي كان يعمل سابقا ب"الجزيرة", الإشراف العام على موقع "هافينجتون بوست عربي". وتأتي تصريحات المرزوقي بعد أن حذرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في وقت سابق من أن الأوضاع في مصر في طريقها إلى مزيد من التدهور, وتحدثت عن أمر خطير مفاده أن هناك مؤشرات متزايدة بأن ما سمته "القمع المتواصل" في البلاد، دفع بعض الشباب للتخلي عن السلمية, واللجوء لحمل السلاح ضد الدولة. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 9 يوليو أن "الأساليب القمعية تخلق المزيد من الأعداء للدولة المصرية", محذرة من أن هذا الأمر سيترك تداعيات كارثية على الأوضاع داخل مصر وفي الشرق الأوسط برمته. كما حذرت الصحيفة من احتمال لجوء "شباب الإخوان إلى العنف وزرع القنابل في المدن", ردا على "الإعدامات الجماعية والتصفية الجسدية خارج إطار القانون".