قطع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الطريق على إمكانية تطبيق النظام البرلماني في مصر، بعد أن استقر بشكل نهائي على استمرار تطبيق النظام الرئاسي المعمول به منذ ثورة يوليو 1952، فيما يبرره بالحفاظ على الطابع المركزي للدولة المصرية وإبعادها عن خطر التفتيت أو انفصال أي من أجزائها. وكشفت مصادر مقربة من المجلس أن هناك إجماعًا من جانب الشخصيات البارزة بالمجلس على تطبيق النظام الرئاسي، وأبلغت هذا الأمر لمسئولين غربيين وشخصيات سياسية ومرشحين للرئاسة، باعتباره-من وجهة نظرهم- يعد الحل الأمثل لمشاكل مصر، ويؤمنها من أي اضطرابات سياسية أو عرقية قد تهدد وحدها. وكان المجلس قد أكد أن النظام الرئاسي هو المعمول به، وأن ذلك يعطيه الحق في تشكيل الحكومة في رده على "الإخوان المسلمين" الذين أعربوا عن تفضيلهم تطبيق النظام البرلماني الذي يمنح البرلمان حق منح الثقة للحكومة وسحبها منها. وبحسب المصادر، فإن المجلس العسكري أكد أنه لن يقبل أي مساومة حول هذا الأمر وسيعمل على إقناع القوى السياسية ومرشحي الرئاسة به خلال الاجتماعات المقبلة، لحسم هذا الملف قبل تشكيل الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع الدستور الدائم عقب الانتخابات البرلمانية المقبلة. ويفضل المجلس- بحسب المصادر- الدمج بين النظامين الرئاسيين الفرنسي والأمريكي بإعطاء صلاحيات كبيرة للرئيس في اختيار معاونيه وإقرار السياسات بالتشاور مع الحكومة والبرلمان لضمان عدم عودة الممارسات الديكتاتورية كما كان سائدًا على مدار عقود. واستبعدت المصادر إقدام المجلس العسكري على موقفه من تطبيق النظام الرئاسي، ملمحة إلى إمكانية حدوث مواجهة حاسمة مع القوى الإسلامية التي يتوقع أن تشكل الأغلبية البرلمانية، في إطار الصلاحيات الدستورية التي يتمتع بها، سواء في إقرار الدستور التي ستعده الجمعية التأسيسية أو في تحديد شكل النظام السياسي المقبل. من جانبه، أكد الدكتور مصطفي كامل السيد أستاذ النظم السياسية بجامعة القاهرة ل "المصريون" أن قضية شكل النظام السياسي في مصر ستكون المعركة الأولي بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة والأغلبية القادمة في البرلمان، خاصة في ظل إعلان حزب الحرية والعدالة تفضيله النظام البرلماني. وقال إن المجلس العسكري استقر على الرئاسي كشكل للنظام السياسي دون أن يحدد ما إذا كان سيطبق النظام الفرنسي أم الأمريكي أم الدمج بينهما حتى الآن، مشددًا على أهمية وجود توافق من جميع ألوان الطيف السياسي حول شكل النظام السياسي، خاصة أن هذا الأمر لا تحسمه الأغلبية بل يجرى بالتوافق.