بعد انخفاضه.. ماذا حدث لسعر الذهب بحلول التعاملات المسائية السبت؟    الصحة العالمية: إنهاء مأساة الفلسطينيين رهن بوجود إرادة سياسية لفتح المعابر    5 سنوات من الإخفاق.. رونالدو بين تاريخ يوفنتوس ومقبرة بطولات النصر    بعد الاستغناء عنه قبل 14 عاما.. إيبيريشي إيزي يعود لأرسنال من الباب الكبير    مفاجأة صادمة.. ضحايا غرق الإسكندرية كانوا في "رحلة تدريب" وهمية    أحمد سعد يهدي أغنية "قادر أكمل" لكريم محمود عبدالعزيز وزوجته في حفل الساحل    "فستان محتشم وغطاء رأس".. أحدث ظهور ل بسمة بوسيل في مصر القديمة    كيف تدرب قلبك على الرضا بما قسمه الله لك؟.. يسري جبر يجيب    أوقاف الدقهلية تبدأ اختبارات أفضل الأصوات في تلاوة القرآن الكريم    أحمد سامي يتظلم على قرار إيقافه وينفي ما جاء بتقرير حكم مباراة الإسماعيلي    فحص 578 مواطنا ضمن قوافل طبية مجانية بالبحيرة    الوفديون يتوافدون على ضريح سعد زغلول قبل احتفالية ذكرى رحيل زعماءه التاريخيين    الجندي يشدد على ضرورة تطوير أساليب إعداد وإخراج المحتوى العلمي لمجمع البحوث الإسلاميَّة    غدا.. قصور الثقافة تطلق ملتقى دهب العربي الأول للرسم والتصوير بمشاركة 20 فنانا    صلاح عبد العاطي: إسرائيل تماطل في المفاوضات ومصر تكثف جهودها لوقف إطلاق النار    اليونيفل: الوضع الأمني لجنوب لبنان هش ونرصد خروقات يومية لاتفاق 1701    توجيهات بالتنسيق مع إحدى الشركات لإقامة ملعب قانونى لكرة القدم بمركز شباب النصراب في أسوان    زلزال بقوة 6 درجات يضرب المحيط الهادئ قبالة سواحل السلفادور وجواتيمالا    بحوث الصحراء.. دعم فني وإرشادي لمزارعي التجمعات الزراعية في سيناء    استقالات جماعية للأطباء ووفيات وهجرة الكفاءات..المنظومة الصحية تنهار فى زمن العصابة    الداخلية تكشف ملابسات التحرش بسيدة داخل "ميني باص" بالقاهرة    15 صورة.. البابا تواضروس يدشن كنيسة الشهيد مارمينا بفلمنج شرق الإسكندرية    تفعيل البريد الموحد لموجهي اللغة العربية والدراسات الاجتماعية بالفيوم    مصر القومي: الاعتداء على السفارات المصرية امتداد لمخططات الإخوان لتشويه صورة الدولة    إسماعيل يوسف مديرا لشؤون الكرة في الاتحاد الليبي    مؤتمر ألونسو: هذا سبب تخطيط ملعب التدريبات.. وموقفنا من الانتقالات    50 ألف مُشجع لمباراة مصر وأثيوبيا في تصفيات كأس العالم    إسلام جابر: تجربة الزمالك الأفضل في مسيرتي.. ولست نادما على عدم الانتقال للأهلي    صور.. 771 مستفيدًا من قافلة جامعة القاهرة في الحوامدية    "عبد الغفار" يتابع استعدادات "المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية -3"    وزارة الصحة تقدم 314 ألف خدمة طبية مجانية عبر 143 قافلة بجميع المحافظات    مصر ترحب بخارطة الطريق الأممية لتسوية الأزمة الليبية    تم تصويره بالأهرامات.. قصة فيلم Fountain of Youth بعد ترشحه لجوائز LMGI 2025    قلق داخلي بشأن صديق بعيد.. برج الجدي اليوم 23 أغسطس    مؤسسة فاروق حسني تطلق الدورة ال7 لجوائز الفنون لعام 2026    وزير الدفاع الأمريكي يجيز ل2000 من الحرس الوطني حمل السلاح.. ما الهدف؟    وزارة النقل تناشد المواطنين عدم اقتحام المزلقانات أو السير عكس الاتجاه أثناء غلقها    موعد إجازة المولد النبوي 2025.. أجندة الإجازات الرسمية المتبقية للموظفين    كيف تكون مستجابا للدعاء؟.. واعظة بالأزهر توضح    «لازم إشارات وتحاليل للسائقين».. تامر حسني يناشد المسؤولين بعد حادث طريق الضبعة    وزير العمل يتفقد وحدتي تدريب متنقلتين قبل تشغيلهما غدا بالغربية    «المركزي لمتبقيات المبيدات» ينظم ورشة عمل لمنتجي ومصدري الطماطم بالشرقية    الموت يغيب عميد القضاء العرفي الشيخ يحيى الغول الشهير ب "حكيم سيناء" بعد صراع مع المرض    رئيس «الرعاية الصحية»: تقديم أكثر من 2.5 مليون خدمة طبية بمستشفيات الهيئة في جنوب سيناء    8 وفيات نتيجة المجاعة وسوء التغذية في قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    طقس الإمارات اليوم.. غيوم جزئية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    مصر تستضيف النسخة الأولى من قمة ومعرض "عالم الذكاء الاصطناعي" فبراير المقبل    محافظ الجيزة يشدد علي التعامل الفوري مع أي متغيرات مكانية يتم رصدها واتخاذ الإجراءات القانونية    حملة مكبرة لإزالة إشغالات الباعة الجائلين والتعديات على الطريق بمدينة أبوتيج بأسيوط    تحرير 125 محضرًا للمحال المخالفة لمواعيد الغلق الرسمية    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها والسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    إعلام فلسطينى: مصابون من منتظرى المساعدات شمال رفح الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    قطع المياه 6 ساعات ببعض مناطق الجيزة لتحويل خط رئيسي    «مياه الأقصر» تسيطر على بقعة زيت فى مياه النيل دون تأثر المواطنين أو إنقطاع الخدمة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار هيكل "النموذجي" مع السفير اللبنانية !
نشر في المصريون يوم 21 - 07 - 2015

لاحظت جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي يتصل بحوار أجراه الكاتب الصحفي المعروف محمد حسنين هيكل مع طلال سلمان رئيس تحرير السفير اللبنانية ، وفقرات مجتزأة من الحوار يبدو أنها تحمل ضغينة "تقليدية" من هيكل تجاه الخليج العربي ، فأحببت أن أقرأ بنفسي الحوار ، رغم قناعتي الممتدة لعشرين عاما مضت تقريبا أن هيكل لم يعد لديه جديد ، وأفضل شيء قرره ، ولكنه لم يحترم قراره فيه ، هو الاعتزال ، إلا أنه من بعدها عاد ، لكنه يبتعد تماما عن أن يعطيك رؤية محددة أو معنى مفهوم للواقع والأحداث ، ويلجأ إلى اللغة الزئبقية والكلمات الفخمة الممزوجة بإرث تاريخي من مقابلاته مع زعماء وملوك ، لكنك في النهاية عندما تنفض تلك الأزياء عن كلامه لا تجد شيئا ذا بال ، فهو نموذج للقاعدة التي تقول : تكلم كثيرا ولم يقل شيئا ، وقد لجأ لهذا الأسلوب بوضوح بعد أن تورط بحكم السن وجمود الأفكار في تحليلات مضحكة جدا عن الأحداث المحلية والدولية ، أثارت سخرية واسعة ، مثل تحليله عقب أحداث سبتمبر الأمريكية وتفجير برجي التجارة العالمي ، حيث ذهب إلى أن المتطرفين الصرب هم الذين قاموا بالعملية ردا على تدخل أمريكا في الصراع في البوسنة ضد صربيا ، وكان أغرب تحليل يمكنك سماعه في العالم كله وقتها .
اختيار هيكل للسفير اللبنانية يلخص لك بداية ميوله ومشاعره وما يريد أن يقوله ، فالسفير هي أحد أجنحة الإعلام الإيراني وإعلام حزب الله وإعلام نظام بشار الأسد في لبنان في السنوات الأخيرة ، وأي إطلاله ولو عابرة على عناوين الأخبار والمقالات والتحليلات تغنيك عن شروح للخلفيات ، وبالتالي ، كان الحوار الخالي من أي معلومات أو رؤية محددة لمجرى الأحداث ، والذي شغله طلال بمقدمة "صيفية" لذيذة وطويلة بالحديث عن القميص الأبيض الذي يلبسه هيكل والأزرار المفتوحة أعلاه ، كان الحوار عبارة عن ترويج لإيران الدولة والحضارة والتاريخ والتحدي لقوى الاستكبار الأمريكي وأنها دولة عريقة بمحددات جغرافية ثابتة ، وليس مثل جيرانها العرب الذين وصفهم بأنهم "فسيفساء" دول ، رغم أن هذا كلام من شعر القدماء الذي تجاوزه منطق التاريخ نفسه والحضارة المعاصرة ، فالولايات المتحدة الأمريكية ذاتها لا تملك كوطن ودولة ومكون بشري أبعد من ثلاثمائة عام فقط ، تاريخا وجغرافيا وسكانا ، ومع ذلك هي الدولة الأعظم في العالم اليوم وتقود تاريخ البشرية فعليا ، فمحاولة "تلقيح" الكلام على السعودية أو قطر أو الكويت بهذه الرؤية الكلاسيكية القديمة هو كسل ذهني وجمود فكر يعيش أسيرا لخبرات وثقافات تجاوزها الزمن والأحداث ، كما أني استغربت جدا أن هيكل حتى بمنطقه نفسه تجاهل العراق ، الدولة والشعب والتاريخ ، رغم أنه أكثر عراقة من إيران وكان مركزا سياسيا وثقافيا لنصف العالم على الأقل لقرون طويلة ، تجاهله هيكله واحتقره ، لأنه "عربي" ، وكذلك فعل مع "اليمن" رغم أن عمقه الحضاري والتاريخي يصك وجه هيكل ، ولكن لأن "الهوى" إيراني ، وكاره للعروبة ، كانت عينه لا ترى إلا الحضارة الفارسية.
عاطفة هيكل تجاه إيران وأجنحتها في المنطقة جعلته يسقط أخلاقيا في تبرير غزو ميليشيات تنظيم حزب الله اللبناني لسوريا وقتل شعبها ودعم نظامها الديكتاتوري الدموي ، وفي تفسيراته الأسطورية اعتبر أن غزو حزب الله لسوريا ودفاعه عن بشار هو حالة دفاع عن النفس ، أي والله ، وقال ما نصه في الحوار : (قتال "حزب الله" في سوريا هو للدفاع عن نفسه، وليس في معركة إثبات نفوذ. إذن فهو بحالة دفاع عن النفس في سوريا لأنه مستهدف ... وهذا ما يؤكد مشروعيته في انه يقاوم) ، إنه حتى لا يتحدث عن "دولة" مستهدفة ، هو يتحدث عن "تنظيم" وحزب وميليشيا مسلحة تحارب في أراضي دولة أخرى وشعب آخر لتوسيع وحماية مصالحها ويعتبره عملا مشروعا وأخلاقيا ، هذا جنون حقيقي في المعيار السياسي ، ولو فتح لهذا المنطق المجال ، لأصبح من حق أي تنظيم مسلح أن يقتحم البلدان المجاورة ويغزوها دفاعا عن نفسه إذا شعر بأنه مستهدف ، والطريف أن هيكل في حواره يصف حزب الله بأنه من "أجنحة إيران" ، مضيفا ما نصه : ( فمن يريد أن يضرب إيران اليوم يحاول ان يقص أجنحتها في أي مكان لديها فيه نفوذ) ، ولكنه بعدها بأقل من سطر ينفي أن يكون حزب الله جزءا من مشروع إيراني ! .
نالت السعودية ، كالعادة ، قسطا أكبر من هجوم هيكل وسخريته وتحقيره ، حتى أنه يعلق على موقفها المتحفظ من الاتفاق النووي الأخير بقوله : (السعودية ودول الخليج أضعف من أن تشاغب على الاتفاق النووي) ، ولاحظ تعبير "تشاغب" ، لتدرك منطلقاته "النفسية" ومراراته التي لا ينساها تجاه المملكة ، وكان يمكنه التعبير : بأن توقف ، أو تتحدى ، أو تعاند ، ولكنه اختار اللفظ الذي يحمل التحقير والإهانة ووصمها بالنظام الخارج على القانون "المشاغب" ، وعندما علق على الوضع في اليمن بدا أسيرا لتاريخه مع عبد الناصر وورطته في اليمن ، فقال : (سيغرق السعوديون في مستنقع اليمن. عندما تدخّل عبد الناصر هناك كان يساعد حركة تحرر فيها وليس لديه حدود ملاصقة لها، أما السعوديون فلديهم باستمرار مطالب من اليمن ولقد استولوا على محافظتين فيها) ، ومرة أخرى ، لاحظ تعبيره "استولوا على محافظتين فيها" ، فالسعودية إذن قوة احتلال في نظر هيكل ، وهي نفس رؤية ولغة الحوثيين والإيرانيين بالمناسبة ، ومن حرر عدن ليس المقاومة الشعبية اليمنية بدعم خليجي ، وإنما هو احتلال سعودي ، ودع عنك أمنياته بغرق السعودية في مستنقع يمني على النحو الذي غرق فيه عبد الناصر .
حقيقة ، وبأمانة كاملة ، أعاتب نفسي الآن أن طالت وقفتي نسبيا عند حوار هيكل مع طلال ، ولولا الهوجة والهالة التي ما زال البعض يصر على إضفائها على هيكل ما التفت إلى حواره أبدا ، فهو مفلس ، ومن ضياع الوقت أن تتابعه أو تبحث في كلامه عن معنى أو تحليل جاد أو بوصلة وعي عملي وواقعي في الوقت الراهن ، أبعد من اجترار أحلام عالم صباه وشبابه ، أو تصفية مراراته التاريخية التي لا ينساها أبدا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.