وإذا كنا قد ساندنا، ومازلنا، الخطوات الحثيثة والمخلصة للمجلس الأعلى لقواتنا المسلحة الحثيثة نحو احتضان الثورة، بوصفه لؤلؤة جيوش العالم، وتاج رءوسنا، وصاحب الفضل، بعد الله تعالى ثم الثوار، فى احتضان الثورة وحمايتها، وحظى لذلك باحترام العالم بأسره..، فقد انتقدنا بعض مواقفه، بعدما شابت سياساته هنّات كثيرة، سار المجلس على درب النظام البائد، ولا نقول حاول إنتاجه! باستمرار تجاهل مطالب الشعب التوافقية، وصمته عن سعى (البعض) الدءوب للالتفاف على الإرادة الشعبية، عبر إطلاق أيدى يحيى الجمل، فترة، ثم على السلمى مرات!! وشكّلت أحداث19 نوفمبر، وما تلاها القشة التى قصمت ظهر البعير، إذ انتفض الشعب المصرى مرة أخرى، عبر ميدان التحرير مرة أخرى، اعتراضًا على لجوء السلطة إلى الحلول الأمنية بشكل كنا قد ظننا أنها توارت، وكانت ذكرى من التاريخ، وفوجئنا باستدعائها بشراسة، والاستعانة بقوات مكافحة الشغب قبل إعادة تدريبها وتأهيلها، للتعامل مع بعض طلبات أسر الشهداء ومصابى الثورة، فى مجتمع ثورى، يعتز بكبريائه؛ واعتراضًا أيضًا على الضبابية الكثيفة التى كانت تكتنفها تصريحات بعض أعضاء المجلس بشأن موعد تسليم السلطة، وتحديدًا موعد انتخابات رئاسة الجمهورية.. ورب ضارة نافعة؛ ففى الوقت الذى وصلت شعبية المجلس العسكرى إلى أدنى مستويات لها لدى الشعب المصرى، منذ أن حسم أمره، وانحاز إلى انتفاضة شعبية عارمة، ضد نظام غاشم، استنفد جميع فرص إصلاحه؛ وتحمّل المجلس كل أنواع النقد، التى وصلت إلى حد التطاول والسُباب الذى يعاقب عليه القانون، بل والخيانة للوطن، وطالبت بعض القوى المتطرفة بإسقاط النظام، بل وتضخمت ذاتها، ورفضت تشكيل حكومة الإنقاذ المقترحة برئاسة الجنزوى، وسارعت بتشكيل حكومة برئاسة بعض المشتاقين، الذين كانوا قد أيّدوا وثيقة السلمى، وحرقوا أنفسهم قبل الاستحقاق الرئاسى؛ وبصنعة لطافة أرادوا الظفر بالمنصب هذه المرة بالتعيين، بل وتمادت القوى التى اختطفت ميدان التحرير بإعلانها عدم الاعتراف بشرعية الانتخابات البرلمانية ! نفض المجلس العسكرى يديه من الضغوطات المفروضة عليه، وحسم أمره مرة أخرى، وأصر على إجراء الانتخابات فى موعدها، وكان ذلك بمثابة الحل السحرى، وإيذانًا بعودة ثقة الشعب مرة أخرى للجيش بعدما شابت حركته البطيئة ما شابها..؛ فرأيناه متراجعًا عن مواقف كان قد تمترس دونها، واعتذر عما حدث من اعتداءات على ثوار التحرير وشارع محمد محمود، وخرج المشير ليعلن عن خريطة الطريق لتسليم الحكم لسلطة مدنية منتخبة فى موعد أقصاه، نهاية شهر يونيه 2012، كما أعلن تمسكه بواجبه الوطنى، أو الاحتكام لحكم الشعب، فى حال فُرض عليه التشكيك فى شرعيته، حيث بات مدركًا بحسه الوطنى أنه لو تنحّى، كما يطالب بذلك بعض الأحداث، أو انهار، لسقطت الدولة، وما خرج الوطن من هذه المرحلة الانتقالية المضطربة؛ وبدا جيشنا كما عهدناه مؤسسة عسكرية، وطنية، مخلصة، ومنضبطة؛ ليعيد ثقة المصريين ومصداقيتهم فيه، لم تهزه شدة الانتقادات، وهدير التطاول والسُباب وربما الاتهامات التى طالته ما قبل الانتخابات مباشرة، واستمر فى مسيرته نحو العبور بمصر مرة أخرى نحو التحول الديمقراطي.. بإجراء أولى جولات هذه الانتخابات النيابية، وغيرها فى أوقاتها المحدّدة، ليكرّس شرعيته ويعطى الشعب الحق فى التعبير عن نفسه دون وصاية من أية ميادين مصر سواء كان تحريرًا أم عباسية! تحية تقدير وإجلال للشعب المصرى المبدع، والملهم لشعوب العالم، الذى خرج فى يوم عُرسه ليؤكّد على وجوده واستيقاظه بعد مرحلة استلابه الممنهجة لإفقاره وإذلاله... وتحية لجيشنا العظيم، المتمثّل فى مجلسه العسكرى، الذى بحث عن البوصلة فوجدها، لتلمس خريطة الطريق التى حدّدها للنهوض بمصر..؛ لتعود من جديد... بلد الأمن والأمان. والحمدلله .. [email protected]