دون الخوض في مقدمات فلسفية أحسب أن حاضر مصر ومستقبلها تحكمه تلك "الأسئلة الكلية" العشر المرتبطة بالماهية والوجود والكيان؛ ومسارات الحاضر ومآلات المستقبل. 1- ماذا حدث في مصر يوم 25 يناير وحتى 11 فبراير؟ هل هو ثورة كاملة الأوصاف أم هي مجرد حركة مطلبية أو أحداث احتجاجية. غالب الشعب يرى أنها ثورة؟ وإن كان للثورة منطقها ولغتها وهما غير ما يدور في مصر تماما؛ وهناك من يستبطن أنها حركة احتجاجية أو مطلبية لذا نراهم يستكثرون على المطالبين بالحرية مطالبهم الجذرية؛ فقادة المجلس العسكري هم هم من أيام مبارك؛ نفس الشخصيات ونفس العقليات ونفس نظام التفكير؛ منهم من يؤدي التحية العسكرية لأرواح الشهداء؛ ومنهم من يرى الشعب عبد إحساناتهم كما قال الخديوي لأحمد عرابي. 2- من هو الفاعل الأساسي والرئيسي في ثورة يناير وما هو موقعه الآن على الخريطة السياسية؟ فمن الثابت من تسجيلات ووقائع بعضها لا زال موثّق على اليوتيوب فيما يخص ثورة 25 يناير أنه لم يشارك فيها من أول يوم كثير من الجماعات الإسلامية؛ ورؤساء أحزاب سياسية كانوا مخبرين لجهاز أمن الدولة؛ ورأس الكنيسة القبطية (وكامل قادتها) راهن على مشروع التوريث ودعمه؛ ومن شارك منهم إنما شارك بشكل شخصي بحت. 3- من هي "الكتلة الحرجة" التي بحركتها تحركت المياه الراكدة والآسنة من جماعات دينية وأحزاب سياسية وأغلبية استعذبت الصامت؟ ومن حرك تلك الكتلة؟ 4- ما هو دور المجلس العسكري؟ هل حمى الثورة بالفعل؟ أم انتظر ليكون عسكر من غَلَب؟ وإذا كان ثمة دور حقيقي في الحماية المتوهمة فما هو موقع شهادة المشير طنطاوي في محاكمة مبارك ونفيه صدور أوامر بضرب المتظاهرين؛ وماذا عن شعار "الشعب والجيش أيد واحدة" الذي تردد في ميدان التحرير وكل ميادين مصر؟؛ هل كان محض تمن ورغبة شعبية عارمة لم يكن لها من الحقيقة نصيب. 5- ما هي حقيقة استفتاء 19 مارس الذي صوتت فيه غالبية الشعب؛ وأيدت تعديلات معينة؛ فإذا بالشعب يفاجأ بأنه أمام إعلان دستوري؟ 6- من الذي كرس الاستقطاب الحاد في الساحة المصرية - من ساعة هذا الاستفتاء- وعمل على تعميقه وترسيخه بين مختلف التيارات السياسية والفكرية ومن الذي عكّر المياه بينها ليصطاد فيها؟ ومن الذي لعب بكل التيارات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار؛ وكان الظن السائد أن العسكر ليس لهم في السياسة؛ فطلعوا شياطين سياسة؛ ربما لم يكن لهم في "الإعلام" لكن استخدموا أمهر الإعلاميين بمهارة يحسدون عليها؟ 7- ما هي الأوزان النسبية للفاعلين السياسيين في الساحة المصرية الآن وما هي حجم المشاركة الحقيقية على الأرض بدون تضخيم إعلامي أو دجل دعائي. 8- من يخطط لمستقبل البلد ويحاول أن يعيد إنتاج نظام مبارك (أشخاصا وسياسات وأفكارا ومفاهيم). بل وأسوأ من ذلك يريد أن يعاقب الشعب على اختياره الثورة ابتداء؛ واختياره تغيير نظام مبارك انتهاء (فما سقط هو مبارك فقط؛ أما نظامه فلا زال يحكمنا). 9- من يخلق الانفلات الأمني ويترك البلطجية يسرحون ويمرحون؛ ولا يعاقب جهاز للشرطة لا يريد أن يمارس دوره؛ وعندما نزل الشارع نزل ليثأر من الشعب في أحداث جمعة 18 نوفمبر وما بعدها من أيام توالى فيها سقوط الشهداء والجرحى والتنشين على الأعين. إن السؤال الحقيقي ليس من أطلق النار على المتظاهرين بل من أعطى الأوامر بإطلاق النار؟ 10- سؤال الانتخابات البرلمانية (وحتى الرئاسية) هل هو من الأسئلة الكلية أم من التفصيلات؟