لشهر رمضان الكريم صدى لدى العديد من مفكرينا وأدبائنا، فهو شهر خير وعطاء.. العديد من هؤلاء له ذكريات مع شهر رمضان الذى يفيض بكرمه اللا نهائى عليهم، وكان لزامًا علينا أن نهرع إلى هؤلاء نتعرف منهم عن ذكرياتهم مع رمضان.. "المصريون" التقت الشاعر ياسر أنور، لنتعرف منه عن أهم ذكرياته مع رمضان وحال الإبداع في رمضان عنه في الشهور الأخرى، وموضوعات أخرى نعرفها منه فى السطور التالية.
والشاعر ياسر أنور حاصل على بكالوريوس هندسة جامعة القاهرة، له العديد من الدواوين الشعرية والمؤلفات السياسية والفكرية والفنية، كما فاز بالعديد من المسابقات العربية الكبرى، وكتبت عنه العديد من الدراسات، وعمل صحفيًا وإعلاميًا لدى مؤسسات مختلفة.. وإلى نص الحوار: 1-كيف تتذكر شهر رمضان؟ شهر رمضان بالنسبة إلىَّ محطة استراحة من وعثاء اللهاث طوال العام وراء طموحات زائفة، هو باختصار وقفة تأمل ومراجعة ونقد للذات، وتصحيح لمسار العلاقة بيني وبين الخالق سبحانه وتعالى، إنه حالة إفاقة من غيبوبة سكر، هذا بالطبع بعد أن هرمنا وتغيرت نظرتنا للحياة من حالة النزق، إلى البصيرة والرؤية المتزنة، أما رمضان بالنسبة إلىَّ في مرحلة الطفولة، فهو ذلك الشيخ الساحر الرقيق الذي كنت أنتظره كي يطرق باب بيتنا لكي يأخذني في أحضانه الدافئة، ربما أستطيع أن أقول إن ذكريات طفولتنا مع رمضان بكل براءتها هى أجمل ما نحمله الآن بين ضلوعنا في ذلك الزمن المكفهر القاسي الذي يخلو من أية ملامح إنسانية. 2- كيف يكون الإبداع فى رمضان عنه فى الشهور الأخرى؟ الإبداع في رمضان يختلف من كاتب لآخر، لكنني بشكل عام أشعر بالخجل من ممارسة الكتابة الإبداعية في رمضان على حساب قراءة القرآن، والاستثمار الروحي، لذلك فأنا مقل إلى حد كبير من الكتابة، وأقضي الشهر الكريم في خلوة روحية، ولا أحضر أية ندوة أدبية إلا ما اضطررت إليه. 3- رمضان فى الشعر العربى المعاصر..هل عبر الشعر بشكل كافٍ عن هذا الشهر الكريم؟ على الرغم من أنه لم يحظ شهر من شهور السنة بما حظي به شهر رمضان من قصائد، وكتابات أدبية على مدار تاريخ الأمة، فإننى أرى أن هذا التناول الأدبي قاصر كمي لا كيفي، بمعنى أنه كثير دون ملامسة حقيقية للوجدان، وكأنه أشبه بأداء الواجب أو إبراء الذمة تجاه الشهر الكريم، والقصائد التي يمكن أن تترك أثرًا وجدانيًا، قليلة إلى حد كبير. 4- قصيدة مشهورة قرأتها فى شهر الصوم وأخرى كتبتها؟ من أشهر القصائد عن شهر رمضان قصيدة شوقي الشهيرة والتي مطلعها: رمضان ولي هاتها يا ساقي... مشتاقة تسعى إلى مشتاقِ تلك القصيدة التي أثارت جدلاً كبيرًا بين النقاد والعمائم، وبعضهم قد لام شوقي عليها، كما أن شوقي قد دافع عن نفسه بأن الشعراء يقولون ما لا يفعلون، وقد حاول البعض أن يقرأ القصيدة بطريقة أخرى صوفية كي يلتمس بعض المبررات، لكن كان الأحرى قراءة القصيدة بعيدًا عن القالب الفقهي، وإفساح المجال للقراءة الفنية والتشكيل الإبداعي بدلا من الوقوف على أطلال القراءة الفقهية. بالنسبة لقصيدة كتبتها أنا عن شهر رمضان، فأنا أعتز بقصيدة نشرتها في الأهرام المصرية منذ ثلاث سنوات، وكانت بعنوان "موسم النور"، حاولت فيها أن أراوح بين الأوجاع العامة والذاتية، وبخاصة أنها كتبت في ظروف كان الثورة تلفظ فيها أنفاسها، والأحلام تتبخر بطريقة مأساوية، كما أنني استرجعت فيها ذكريات الطفولة مع شهر رمضان، والتغيير الذي يحدث للنفس البشرية نتيجة قدوم الشهر الكريم. 5- هل ما يعرض من أعمال فنية تتفق وجماليات الشهر الكريم؟ بخصوص ما يقدم من أعمال فنية في شهر رمضان، فأنا بشكل عام لدي موقف سلبي من الفن المصري والعربي ليس في شهر رمضان فقط، ولكن على مدار العام وعلى مدار التاريخ الفني كذلك، فأنا أرى أن هذه الأعمال كرست لحالة التخلف الحضاري، وانهيار العقل العربي بشكل عام، حتى وصلنا إلى حالة البلاهة الفكرية والاستبداد السياسي والانقسام الأيديولوجي، فمشكلتي ليست مع العري والجنس، لكن المشكلة الحقيقة كما أراها تكمن في الرؤية والمضمون الفكري التافه. 6- أمنيات تمنيتها وتحققت وأخرى تتمناها؟ ليس لدى أمنيات خاصة، فقد أنعم الله على بأكثر مما أتمنى، لكن هناك أمنيات عامة تتعلق بمصير هذه الأمة، فأنا دائما أدعو الله أن يردها إلى مكانتها اللائقة، وأن تتبوأ مكان الصدارة كما كانت من قبل، كما أن لدى مشروعات علمية وفكرية عامة أدعو الله أن تتحقق.