"الشرطة والشعب إيد واحد" هتافات ترددت في ميدان التحرير وبعض ميادين مصر منذ عامين وتحديدًا في 30 يونيو 2013 لمطالبة الرئيس محمد مرسي بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في التظاهرات التي دعت إليها حملة تمرد والتي تأسست للمطالبة برحيل حكم الإخوان إلى أن تدخل الجيش بقيادة المشير عبدالفتاح السيسي وتم عزل مرسي في الثالث من يوليو وتعيين المستشار عدلي منصور رئيسًا مؤقتًا للبلاد حسب ما جاء في خارطة الطريق. ومنذ ذلك الحين انطلقت دعوات من قبل الأحزاب والقوى المدنية التي شاركت في التظاهرات ضد مرسي لتحسين صورة الشرطة باعتبارها الشريك الأساسي في ثورة 30 يونيو وعزل حكم الإخوان، وذلك بوقوفها إلى جانبهم والتخلي عن الشرعية الدستورية والتي جاءت بأول رئيس مدني منتخب بعد ثورة 25 يناير. وفي ذكرى ثورة 25 يناير الماضية ركز التلفيزيون المصري الرسمي على تلاحم الشعب مع الشرطة وتصحيح أخطاء ثورة يناير وتجاهل شهداء الثورة وأحداثها الدموية. كما تجاهل التقرير أحداث ثورة 25 يناير وأنها قامت بالأساس ضد قمع الداخلية وسقطت الشرطة في 28 يناير بل ركز معظمه على أحداث 30 يونيو والهجوم على جماعة الإخوان المسلمين والرئيس مرسي. وأضاف التقرير الذي أذاعه التليفزيون أن رجال الشرطة والشعب تلاحموا ونسوا جراح الماضي وأن الشعب فهم المؤامرة التي تحاك على الشرطة ورفضها بثورة 30 يونيو، مؤكدًا أن الشعب حمل الشرطة على الأعناق وأن الفريق السيسي استجاب لمطالب الشعب. وبعد عزل الرئيس محمد مرسي بدأت الشرطة في العودة تدريجيًا لوجهها القديم قبل ثورة 25 يناير ولم يقف القمع على جماعة الإخوان المسلمين وداعمي الشرعية بل امتد لأنصار 30 يونيو ومن حملوهم على الأعناق سابقًا. وظهر خلال هذا العام العديد من مقاطع الفيديو التي يظهر فيها تعرض بعض الأشخاص للتعذيب داخل أقسام الشرطة؛ حيث شهد قسم المطرية العديد من حالات الوفاة نتيجة التعذيب من قبل الضباط، حيث فقد سبعة متهمين ومشتبه بهم أرواحهم خلال ذلك العام، مثل المحامى كريم حمدي، بحسب تحقيقات النيابة، التي قررت حبس الضابطين وإحالتهما إلى المحاكمة الجنائية. كما شهد القسم نفسه وفاة محامٍ يدعى أحمد العطار بعد احتجازه داخل القسم بتهمة الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين وألقى القبض عليه أثناء فض قوات الأمن لمسيرة لأنصار مرسي، حيث توفي وظهر على جسده آثار تعذيب ظاهرية، وفقًا لتقرير الطب الشرعي غير أن قسم إمبابة تفوق عليه محققًا تسع حالات منذ تولي السيسي الحكم. وفي الذكرى الثالثة للثورة قتلت قوات الشرطة الناشطة شيماء الصباغ، القيادي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي أثناء المسيرة التي نظمها الحزب عشية ذكرى الثورة، ومنذ ذلك الحين وهناك عداء شديد بين فريق كبير من أنصار 30 يونيو والنظام الحالي بوجه عام والشرطة بوجه خاص. وتسبب قانون التظاهر الذي أصدره الرئيس السابق عدلي منصور في القبض على عدد من النشطاء والذين شاركوا في 30 يونيو ووقفوا ضد حكم الإخوان ومنهم الناشط السياسي علاء عبدالفتاح، وأحمد دومة، وأحمد ماهر بعد مشاركتهم في وقفة أمام مجلس الشورى لرفض هذا القانون في نوفمبر 2013 وتم الاعتداء عليهم من قبل قوات الشرطة أثناء إحدى جلسات محاكمتهم الأمر الذي أثار ضجة لدى القوى والائتلافات التي ساهمت في أحداث الثالث من يونيو. وكشف تقرير للمجلس القومي لحقوق الإنسان، عن الانتهاكات التي تمارَس ضد المحتجزين في مراكز الاحتجاز، فقد توفي عشرات الموجودين رهن التحقيق في مراكز الاحتجاز وأقسام الشرطة، مشيرًا إلى أن وزارة الداخلية نفسها أعلنت في 24 نوفمبر عام 2014، أن عدد الضحايا هو "36"، إلا أن أرقام جماعات حقوق الإنسان رجحت أن الرقم ما بين 80 و98. كما أوضح التقرير تعرض عدد من السجناء لاعتداء لفظي وجسدي من أفراد الشرطة، فضلاً عن عدد من الانتهاكات التي يتعرضون لها بما يمس حقوقهم، لافتًا إلى ظاهرة الوفيات داخل أماكن الاحتجاز التي كانت قد اختفت تمامًا، تعود مرة ثانية، فعلى الرغم من أنه لا يوجد ما يثبت أن أيًّا من هؤلاء قد مات نتيجة التعذيب، إلا أنه أيضًا لا يوجد ما يثبت عكس ذلك. واضطر الرئيس عبدالفتاح السيسي لتقديم اعتذاره لجموع المحامين عن التصرف الفردي، الذي صدر من أحد ضباط الشرطة ضد أحد المحامين الأسبوع الماضي، قائلا: "أنا بقول للمحامين كلهم حقكم عليّ، وأنا أعتذر لكم، وبقول لكل أجهزة الدولة من فضلكم، لازم نخلى بالنا من كل حاجة، رغم الظروف اللى إحنا فيها"، موجهًا كلامه للواء مجدى عبد الغفار وزير الداخلية". وأضاف الرئيس على هامش افتتاح 39 مشروعًا تنمويًا جديدًا: "أنا أعتذر لكل مواطن مصري تعرض لأي إساءة، باعتباري مسئولاً مسؤولية مباشرة عن أي شىء يحصل للمواطن المصري، وبقول لأولادنا في الشرطة أو في أي مصلحة حكومية، لازم ينتبهوا إنهم بيتعاملوا مع بشر، والوظيفة تفرض عليهم التحمل، لأن المصريين أهلنا وناسنا، ومفيش حد ينفع يقسو على أهله وذلك في إشارة لتحذير الداخلية من محاولة الوقيعة بينه وبين الشعب من خلال عودتها لممارسات ما قبل الثورة. وتعود الواقعة إلى اعتداء نائب مأمور مركز شرطة فارسكور بدمياط على أحد المحامين بالضرب ب"الجزمة" وإصابته ب"9غرز" بالرأس، بعد مشادة كلامية بينهما، على خلفية الصلح بين متخاصمين داخل مركز الشرطة، الأمر الذي أدى إلى إعلان نقابة المحامين الإضراب العام احتجاجًا على هذه الممارسات ضد أعضائها. ورفع أحد المحامين على سلالم نقابته، صورة لوزير الداخلية اللواء مجدى عبد الغفار مكتوبًا عليها "يسقط وزير التعذيب"، رافعًا حذاءه على الصورة، وذلك خلال دعوات النقابة بالإضراب احتجاجًا أمام جميع محاكم مصر، ضد “انتهاكات وتجاوزات الشرطة مع المحامين”، وتنديدًا باعتداء نائب مأمور مركز فارسكور على محامى دمياط، ضربًا بالحذاء. وقال الدكتور زهدي الشامي، نائب رئيس الحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن ثورة 30 يونيو كانت فرصة تاريخية للداخلية لإصلاح ما انكسر أثناء ثورة 25 يناير، وفرصة من جانب الشعب للداخلية للعودة من جديد بعد شعورهم بالانكسار جراء ثورة 25 يناير التي قامت ضد انتهاكاتهم. وأوضح نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن الداخلية لا تؤمن بثورة 25 يناير وبأهدافها، وهو ما ظهر جليًا عقب ثورة 30 يونيو حيث أراد أفراد الداخلية العودة إلى أجواء ما قبل ثورة 25 يناير، والسيطرة على أفراد الشعب عبر السوط، منوهًا بأن تقاعس الدولة في تنفيذ إصلاح المؤسسات وتطهيرها أدى إلى إطلاق يد الشرطة، حيث إنها بطبيعة عملها في يدها السلطات. وعزا الشامي عودة الداخلية لانتهاكاتها بجانب عدم إيمان أفراد الشرطة بثورة 25 يناير، إلى بروز أعداء الثورة على الساحة السياسية، فضلاً عن الساحة الإعلامية. وعن تحديد المسئول عن الانتهاكات، أكد الشامي أن المسؤولية المباشرة تقع بالتأكيد على عاتق وزير الداخلية، كما يشترك في المسؤولية أيضًا الجانب السياسي، والذي يجب أن ينتبه أن المرحلة تتطلب التحامًا شعبيًا في مواجهة الإرهاب وأن الحل الأمني لم يعد كافيًا. وطالب زهدي النظام بمراجعة سياساته وتنفيذ أهداف ثورة 25 يناير بإصلاح مؤسسات الدولة وتطهيرها في مقدمتها وزارة الداخلية، معتبرًا تأخر تطهيرها خطرًا على النظام، الذي يسير إلى أجواء ما قبل 25 يناير. وقال الدكتور زهدي الشامي، نائب رئيس الحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن ثورة 30 يونيو كانت فرصة تاريخية للداخلية لإصلاح ما انكسر أثناء ثورة 25 يناير، وفرصة من جانب الشعب للداخلية للعودة من جديد بعد شعورهم بالانكسار جراء ثورة 25 يناير التي قامت ضد انتهاكاتهم. واعتبر اللواء عبد السلام شحاتة، الخبير الأمني، أن تغير ممارسات الداخلية ضد المواطنين بعد مظاهر التأييد والحب التي انتابت الجانبين خلال مظاهرات 30 يونيو، يرجع إلى تغير سلوك المجتمع؛ حيث إن أفراد الشرطة هم شريحة من المجتمع، لافتًا إلى أن انتهاكات الداخلية بحق المواطنين بعد 30 يونيو هو انعكاس صارخ للمجتمع. وأرجع الخبير الأمني أسباب التحول الجذري في تعامل الشرطة مع المواطنين إلى سلوك المجتمع الفاسد الذي يرى الفساد وينافق من أجل البقاء، منوهًا بأن مَن أيد الشرطة خلال مظاهرات 30 يونيو نسبة قليلة مقابل حجم الشعب نتيجة للنفاق والعواطف اللحظية بحكم حالة المظاهرات. وتابع شحاتة كما أن انتهاكات أفراد الداخلية تعود إلى حالة الغرور التي انتابت الضباط وأفراد الشرطة، بعد أن أطلقت الدولة لأفراد الشرطة أياديهم في التعامل بمطلق الحرية بغير حساب أو محاكمة عبر سن قوانين صارمة.