الاعتداء على المحامين من قبل جهاز الشرطة ليس وليد لحظة اعتداء نائب مأمور مركز شرطة فارسكور بدمياط على أحد المحامين بالضرب ب "الجزمة" وإصابته ب "9غرز" بالرأس، بعد مشادة كلامية بينهما، على خلفية الصلح بين متخاصمين داخل مركز الشرطة، الأمر الذي أدى إلى إعلان نقابة المحامين الإضراب العام احتجاجًا على هذه الممارسات ضد أعضائها. وقدم الرئيس عبدالفتاح السيسي، اعتذارًا للمحامين على إثر هذه الواقعة، مناشدًا ضباط الشرطة حسن معاملة المواطنين باعتبارهم مصريين وجاء ذلك في خضم أزمات متكررة بين المحامين والداخلية خلال الفترة الماضية بعد واقعة مقتل المحامي إمام عفيفي ويبلغ من العمر، 63 عامًا، والذي توفى في 22أبريل الماضي في مستشفى المطرية، متأثرًا بإصابته نتيجة التعذيب الذي تعرض له في قسم المطرية ولم يتم محاسبة أي من المتورطين في التعذيب حتى الآن. وكانت النيابة سبق وأصدرت قرارًا بحبس المحامى إمام عفيفي بتهمة المشاركة في مظاهرة، وتم نقله إلى مستشفى المطرية متأثرًا بإصابته، وأصيب بنزيف في المخ نتيجة التعذيب. وفى واقعة سابقة لقي المحامي كريم حمدي مصرعه داخل قسم شرطة المطرية، في فبراير الماضي بعد 24 ساعة من قيام الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة بإلقاء القبض عليه، واتهامه بالمشاركة في مظاهرات الإخوان، وتم نقل جثمانه إلى مستشفى المطرية ومن ثم إلى المشرحة. وأخطرت الأجهزة الأمنية أسرة المحامى بواقعة وفاته داخل حجز قسم شرطة المطرية، الأمر الذي دفع أسرته للتوجه إلى المشرحة للتعرف على الجثمان، الذي بدا على وجهه وكفيه آثار تعرضه للضرب والتعذيب، وذلك حسبما أكدت أسرته. وأثار قرار تأييد إخلاء سبيل ضابط الأمن الوطني في قضية مقتل كريم حمدي إثر تعذيبه في قسم المطرية، غضبًا واسعًا بين المحامين، وعلى الفور تظاهر العشرات أمام دار القضاء العالي اعتراضًا على مقتل زميلهم، فيما دخل 11 ألف محامٍ بالمنيا في إضراب لمدة يوم للتعبير عن رفض ممارسات الشرطة ضد المحامين مهددين بالتصعيد حال استمرار هذه الانتهاكات. وأدان تقرير الطب الشرعي الخاص بوفاة المحامى كريم حمدي، الضابطين بقسم المطرية، وأكد أنهما تسببا في قتل "حمدي"، حيث جاء ملخص التقرير: أنه تبين من توقيع الكشف الطبي الظاهري وإجراء الصفة التشريحية لجثة المتوفى كريم حمدي محمد أن الإصابات المشاهدة بعموم جسد المجني عليه حيوية حديثة ذات طبيعة رضية حدثت من المصادمة بجسم أو أجسام صلبة، والواقعة بمجملها جائزة الحدوث وفق التصوير الوارد بمذكرة النيابة بتاريخ معاصر لتاريخ الواقعة مثل التعدي عليه بالضرب أثناء التحقيق معه، كما جاء بأقوال الشاهد. واستمرارًا لحالات الاعتداء على بعض المحامين من قبل ضباط الشرطة، كشف صابر حجاج، عضو لجنة الحريات بنقابة المحامين، أن المحامي أحمد رشاد، رئيس محكمة حدائق القبة الأسبق، تم الاعتداء عليه داخل قسم شرطة أول مدينة نصر، عندما جلس المحامي على الكرسي في القسم وهو ما أدى لغضب الضابط، وعندما قال "رشاد" إنه مستشار سابق، قام الضابط بسبه وضربه. وأوضح حجاج، أن المحامي اصطحبته النجدة إلى القسم على أثر بلاغ مقدم منه ومن جيرانه نتيجة خلاف بينهما، مشيرًا إلى أنه تقدم ببلاغ للجنة الحريات بنقابة المحامين بسبب الاعتداء عليه داخل قسم شرطة أول مدينة نصر. وأشار حجاج إلى أن المستشار محمد شرف فهمي بجنايات القاهرة قد أحال 6محامين خلال الفترة الماضية، إلى التأديب لمجرد أنهم مارسوا مهمتهم، منوها بأن محاميًا منهم تمت إحالته للتأديب لمجرد أنه لم يحضر بعض الجلسات كانت أزمة اشتعلت في نهاية إبريل الماضي، بين نقابة محاميي الجيزة والقاضي حسام رشيدي، رئيس دائرة جنح مستأنف إمبابة وأوسيم وكرداسة، بمحكمة شمال الجيزة، الذي وضع محام في القفص خلال إحدى الجلسات ووجه إهانة للمحامين. وانتهت الأزمة بالتصالح بين المحامين والقاضي الذي صعد المنصة وقدم اعتذارًا غير مباشر بتقدير دور المحامين ومهمتهم في إظهار العدالة والدور الأساسي في دعم منظومة القضاء في مصر. وتأتي واقعة اعتداء نائب مأمور قسم شرطة فارسكور بدمياط لتمثل حدًا خطيرًا في لغة الحوار والتعامل بين المحامين أو " القضاء الواقف" وبين جهاز الشرطة لتكون رسالة واضحة أن هناك أزمة تتمثل في رفض عدد من ضباط الشرطة التعامل مع رجال "القضاء الواقف" المدافعين عن الشعب وهو مايعكس بدوره أزمة الحريات والرأي والتعبير بل واحترام القانون والدستور الذي كفل المعاملة الحسنة للسجين قبل المواطن العادي. وكانت نقابة المحامين أعلنت أنها ستصدر تقريرًا شاملًا يوثق لانتهاكات ضباط الشرطة ومؤسسات الدولة للمحامين تحت عنوان "الكتاب الأسود" لتضع به أزمات ماضية قد تتسبب فى تصعيد كبير خلال الفترة المقبلة في مواجهة جهاز الشرطة. وكشف منتصر الزيات، رئيس لجنة الحريات بنقابة المحامين سابقًا، أنه قدم تقريرًا لوزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، لوقف ممارسات العنف والانتهاكات واتخاذ عقوبات من قبل الوزارة ضد أي ضابط يثبت تورطه في تعذيب محام أو أي مواطن مصري.