كان لافتَا شماتة القوى الموالية ل"السيسي"، في الرئيس التركي "أردوغان" بزعم أنه "انتهى"!!.. وهي أمنية طفولية لا تقرر حقيقة.. لأن حزبه لم يُهزم في الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم أمس الأول 7/6/2015.. وإنما ظل الحزب رقم "واحد".. والبقية جاءت بعده. صحيح أن فوزه ب41%، لم تمكنه من تشكيل الحكومة منفردًا، وأمامه أكثر من خيار: حكومة أقلية "هشة" أو حكومة توافق.. أو الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة. الشامتون من مؤيدي السيسي، اعتبروه "فشلاً"؛ لأنه لم يحقق نتيجة 99,999%.. أو لم يستوردها من النظام "الديمقراطي" المصري.. فهو الرقم الذي ابتدع في مصر، وانتقل إلى عواصم الديكتاتوريات العربية بالتبعية. أردوغان الذي جعل اقتصاد بلاده من بين أفضل 20 دولة في العالم، لم يحصل إلا على 41% فقط من الأصوات.. وهي المفارقة التي لم تشغل بال "الشامتين" من أنصار الرئيس المصري، ولم يستدعوا تجربة "تشرشل" الذي انتصر في الحرب العالمية الثانية ولكنه خسر منصبه "رئيس وزراء بريطانيا" بعد هزيمته في انتخابات 1945. لم يفهم "السلطويون" المصريون بأنها الديمقراطية في أكثر طبعاتها صدقية ونقاءً. أردوغان كان في السلطة، وتحت يديه كل أدوات الدولة الباطشة، ومع ذلك لم يزوّر الانتخابات لصالح حزبه.. بل إن في عهده وهو الرئيس الإسلامي حدثت تحولات ضخمة في التركيبة السياسية التركية.. حيث يدخل الأكراد الأتراك لأول مرة في تاريخهم البرلمان التركي.. ليضع أردوغان الأقلية الكردية، أمام خيار السلم لا العنف.. بعد أن باتت لهم أدوات سياسية متنفذة أهم وأخطر مؤسسة تشريعية في البلاد. فوز الأكراد بأكثر من 80 مقعدًا، وتراجع العدالة والتنمية من 49% في آخر انتخابات إلى 41% يوم أمس الأول.. يؤكد أن أردوغان كان يعمل لصالح بلده وليس لصالح حزبه السياسي. المفكر السعودي جمال خاشقجي، قال في تغريدة له يوم أمس 8/6/2015، إن نتائج الانتخابات التركية، لها دلالة مهمة مفادها: أن الأتراك يريدون أردوغان رئيسًا وليس سلطانًا. مقولة اختزلت التحول في المزاج التركي العام، إزاء أردوغان: يريدونه زعيمًا ولكن ليس بشيك على بياض أو بتفويض أن يفعل ما يشاء فلا يسأل عمل يفعل.. فالرسالة وصلته بأن لطموحه حدودًا، وأن الشعب لا يزال بيده كل أوراق اللعبة وليس الزعماء السياسيين، حتى لو كانوا "تاريخيين" في وزن وحجم صانع تركيا الحديثة أردوغان. رد فعل الطبقة المخملية المستفيدة من الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر، إزاء نتائج الانتخابات التركية، كشف بجلاء أنها طبقة تنحاز إلى مصالحها الشخصية، وليس إلى المصلحة الوطنية: فبرغم الخلافات الحادة بين النظامين في إسطنبول وفي القاهرة، إلا أن حزب العدالة والتنمية هو أقرب الأحزاب رحمًا إلى المصالح العربية والإسلامية، وكان من المنطق، أن يقابل تراجعه النسبي في مصر، بقدر من القلق إن لم يكن من الحزن.. لأنه قلق أو حزن نبيل.. لا يرتبط بتأييد أو بمعارضة السيسي.. وإنما يرتبط بما هو أكبر منه ومن كل الذين تعاقبوا على الحكم.. يرتبط بمصالح وأمن مصر القومي. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.