بعد فترة قصيرة من تولي الرئيس الصيني "شي جين بينغ" مقاليد الحكم في عام 2012، شنت السلطات الصينية، حملة واسعة ضد الفساد، وتحت غطاء إعلامي كبير ألقت القبض وحققت مع آلاف المسئولين من الموظفين العاملين في المستويات الدنيا إلى كبار المسئولين، وسجن عدد كبير منهم بتهمة الرشوة، وسوء استخدام السلطة وكان أبرزهم وزير الأمن العام الصيني السابق "تشو يونغ كانغ". الصين عاقبت كبار مسئوليها بالسجن، فور ظهور حياة البذخ عليهم، ولقبولهم الهدايا الثمينة والولائم الفخمة!! ولك أن تقارن بين الفساد "الصيني" والفساد "المصري".. وكيف تعاملت السلطات معهما في كلا البلدين.
لم تكتف الصين بهذا الانضباط الصارم في مكافحة الفساد، لأي مسئول مهما كانت منزلته ونفوذه السياسي أو الاجتماعي أو الأمني.. بل ابتكرت طريقة لطيفة لتحذير الآخرين من عواقب مماثلة، وأعلنت يوم 23/5/2015، الهيئة المركزية للانضباط والتفتيش، وهي هيئة مكافحة الفساد الوطنية في الصين، عن زيارة إجبارية ل70 مسئولاً محليًا وزوجاتهم بمدينة "شيان" شرقي البلاد لزيارة السجون لتحذيرهم من إغراءات الفساد.. وقالت الهيئة إن هذه الخطوة هى بمثابة "تحذير تثقيفي، يسمح لهم بالاطلاع على الحياة خلف القضبان".
ونقلت وسائل الإعلام بحسب "بي بي سي" صورًا أظهرت مسئولين وزوجاتهم أثناء زيارتهم السجن، حيث أتيحت لهم فرصة للتحدث لمسئولين آخرين سابقين وبعضهم زملاء لهم أدينوا باتهامات مثل سوء استخدام السلطة.
وخرج المسئولون أيضًا في جولة لأحد المعارض بها صور وروايات مكتوبة لمسئولين قابعين في السجن.. وأرسلت هذه المجموعة أيضًا إلى قاعة عرض استمعوا فيها إلى شهادات قدمها سجناء مدانون بالفساد.
المشكلة أنه من الصعوبة نقل التجربة الصينية إلى مصر، لأن السجون خلت بعد 30 يونيو، من الفاسدين من كبار رجال الدولة.. ولم يعد بها ما يستحق "الفرجة" والتثقيف والتذكير بمصير مشابه حال تورط أحد في الفساد.
في السجون الآن قادة ثورة يناير.. ويخشى أن تنتوي السلطات المصرية، الاهتداء بهدي الصين.. فتنقل الشباب والسياسيين، بالحافلات إجباريًا إلى السجون ويمرون على الزنازين التي يقبع بداخلها شباب الثورة، ليتعرفوا على مصيرهم، حال فكروا في المطالبة بحقوقهم المدنية والسياسية، أو احتجوا على سوء استخدام السلطة، أو على فساد المسئولين أو على وحشية الشرطة.
أعرف أن الصين في عداوة مع الديمقراطية.. ولكنها على أقل تقدير، تكافح الفساد ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً.. أما في مصر، فإن مكافحة الفساد "جريمة" تستحق التهديد والوعيد كما حدث مع المستشار هشام جنينة.. وقد يكون "الفساد" مطية لاعتلاء كرسي الوزارة.. وقد يرقى المتهم بالفساد ليكون على رأس منظومة مكافحة الفساد.. يعني حياة مظلمة، ليس لها من دون الله كاشفة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.