قالت مجلة "المونتيور" الأمريكية، إن هناك ثورة إلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي فجرها قرار اللجنة المعنية ب"التحفظ وإدارة أموال جماعة الإخوان المسلمين" في 8 مايو الجاري بالتحفظ على أموال نجم الكرة المصرية الشهير محمد أبوتريكة، بتهمة الانتماء إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، ما جعل قطاعات شعبية عريضة بما فيها من يؤيد "ثورة 30يونيو" يتضامن ويتعاطف مع اللاعب. وأضافت "أبوتريكة يحظى بشعبية جارفة في قلوب المصريين والعرب، ليس فقط لموهبته الكروية الفذة، بل لأخلاقه الحميدة ومواقفه الإنسانية الرائعة، فلن ينسى له العرب موقفه الرائع في يناير 2008 من الحصار المفروض على غزة من جانب إسرائيل، الذي أثار ألمًا شديدًا في نفس أبوتريكة، وجعله يبحث عن أي وسيلة ليساعد بها ليجد في الفندق الذي كانت تقيم فيه في بعثة المنتخب المصري بغانا خلال بطولة إفريقيا محل لطباعة الصور على القمصان، فقرر طباعة قميص يحمل تضامنا مع غزة". وتابعت "رغم أن هذا الفعل قد يعرض أبوتريكة لعقوبات من الاتحاد الأفريقي نظرًا لاستخدامه شعارات سياسية في الرياضة، إلا أنه قرر فعل ذلك لجذب أنظار العالم لما يحدث في غزة خاصة وأن البطولة يتم تغطيتها من جميع وكالات الأنباء". وأضافت "أبوتريكة رفض مصافحة رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي، الذي حكم مصر بعد ثورة 25 يناير، وذلك أثناء استقباله لاعبي الأهلي بمطار "ألماظة" العسكري في 1فبراير2012، عندما حدثت مذبحة ستاد بورسعيد والتي راح ضحيتها 72 من جمهور الأهلي في أكبر كارثة رياضية في تاريخ مصر، حيث رأى أن تلك كانت مؤامرة للانتقام من التراس أهلاوي الذي كان رافضًا لحكم المجلس العسكري". ورأت المجلة أن "هذا المشهد غير المسبوق من التعاطف مع اللاعب على مستويات عدة خارجية وداخلية ومن الاهتمام الإعلامي علي المستويين العالمي والمحلي أعاد التعاطف مع حالات أخرى تسببت في ثورات مثل البوعزيزي في تونس في 17/12/2010، الذي أضرم النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد، احتجاجًا على مصادرة السلطات البلدية لعربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه، فضلاً عن خالد سعيد ورغم اختلاف القضايا لكن العامل المشترك بينهما هو تعاطف الناس معهما لشعورهم بأنهما تعرضوا للظلم، ويتطابق التعاطف والحشد عينهما مع قضية أبوتريكة". وأشارت إلى أن "جريمة أبوتريكة الرئيسية، وفقًا لبيان اللجنة المعنية بالتحفظ على أموال جماعة الإخوان في 8 مايو 2015، مشاركته في رأس مال شركة "أصحاب تورز للسياحة" مع القيادي الإخواني عبد الكريم فوزي، وأن مدير الشركة أنس محمد عمر القاضي، هو من العناصر الإخوانية الإجرامية ومسجون حاليًا على ذمة القضية رقم 14275 لعام 2014 - إداري الدخيلة، ومتهم في الجناية رقم 171 لعام 2013 - جنايات باب شرق، وبأعمال عدائية ضد الدولة، وتبين أنه سرب أموال الشركة لتمويل بعض العمليات الإرهابية". ونقلت "المونيتور" عن ياسر القاضي الأمين العام ل "اتحاد نواب مصر"، الذي يضم 170نائبًا من قوى سياسية مختلفة، قوله: "من خلال اتصالات الاتحاد بالكابتن محمد أبوتريكة عرف عن شرائه الشركة من شخص تبين في ما بعد أنه ينتمي إلى الإخوان، فهذه شركة تضامن تم تأسيسها في 27/12/2012، واشتراها أبوتريكة ونقل السجل التجاري إلى اسمه في 4/11/2014، وتفيد التحريات الأمنية أن الأعمال الإرهابية التي مولتها الشركة، وعلى سبيل المثال أحداث العنف في باب شرق بالإسكندرية، تمت في 16/8/2013 أي قبل شراء أبوتريكة". وطالب القاضي ساخرًا بإضافة خانة في بطاقة الرقم القومي المصرية تخص الإيديولوجيات حتى يتمكن المواطنون من معرفة توجهات الأشخاص الفكرية لدى قيامهم بعمليات شراء أو بيع أو الدخول في مشاريع زواج ولا يتعرضون بعد ذلك لمشاكل قد تؤدي إلى ضياع أموالهم، لافتا إلى أن اتحاد نواب مصر رفض ما يحدث مع أبوتريكة، وأصدر بيانًا جاء فيه أن خطر الاستبداد على المجتمع ليس أقل من خطر الإرهاب، وأن تعامل الدولة مع أبنائها بطريقة انتقامية سيتسبب بعواقب وخيمة على الوطن". وأشار القاضي إلى أن تحفظ الدولة على أموال الأشخاص بقرار إداري دون الرجوع إلى محكمة جنائية مختصة يعيد إلى الأذهان الحديث عن عدم احترام جماعة الإخوان للقانون والدستور الذي نعيد تكراره خلال هذه الفترة، وقال: " الغضب الشعبي العارم يعود إلى أن ملايين الأسر المصرية البسيطة التي لا علاقة لها بالسياسة، ترى في أبوتريكة القدوة الحسنة، وتتمنى أن يصبح أبناؤها مثله". وأضاف "لقد شعرت تلك الأسر أن أحد أبنائها تعرض للظلم فضلاً عن مشجعي الرياضة في مصر عموما وروابط الألتراس بشكل خاص الذي لطالما أدخل أبوتريكة البهجة والسرور إليها"، ولفت إلى أن ما تقوم به الدولة الآن يقدم أكبر دعم لوجيستي إلى جماعة الإخوان المسلمين عن طريق إكسابها المزيد من المتعاطفين داخليا وخارجيًا". من جانبها، قالت الدكتورة ليلي سويف، الأستاذة الجامعية والناشطة السياسية التي يطلق عليها "أم المناضلين" بسبب وجود ثلاثة من أبنائها داخل السجون على خلفية قضايا سياسية "يتعامل الناس مع قضية أبوتريكة للمرة الأولى منذ فترة طويلة، بعيدًا عن الاستقطاب الحاد الموجود حاليا، فالناس من تيارات سياسية مختلفة لا يتعاملون مع أبوتريكة على أنه من الإخوان إنما على أنه رمز للإنسانية بمواقفه المتعددة، وآخرها إنفاقه أمواله على أسر مساجين أوقفوا على خلفية قضايا سياسية، ولا مصدر دخل لها". وأشارت سويف إلى أن "ما يحدث يدل على أن القائمين الآن على السلطة في مصر والقريبين منهم منفصلون عن القيم العامة في المجتمع، واستخدام الإعلام الموالي للسلطة في توجيه الشتائم لأبوتريكة ومعايرته بأصوله الفقيرة في بلد 40 % من مواطنيه تحت خط الفقر، جعل المواطنين يرون الدولة تعاقب شخصا يشعرون بأنه منهم، خاصة وأن الشعب لم يقتنع بمبررات لجنة التحفظ على أموال الإخوان في قضية أبوتريكة لأنها كلها اتهامات مرسلة من دون أدلة".