طالما تشدَّق السياسيون والمسؤولون بوجوب إشراك الشباب في الحياة السياسية لأنَّهم روحُ ثورة 25 ينايرومفجِّروها ، فهل تمَّ إشراكهم فيها فعلًا؟ أم تمَّ كبتهم والتضييق عليهم؟ وهل بقيَ منهم من حافظ على ثوريته؟ من ظلَّ على منهجه ومبادئه؟ أم أنَّ أحابيل السياسة وتصاريف الزَّمن قد غيرتهم كذلك؟ في هذا التقرير إستعرض موقع ساسة بوست تاريخ عشرة من شباب الثورة الذين تمتعوا بحسٍّ قياديّ أو برزوا وحشدوا للثورة كالتالى:- 1- وائل غُنيم: الثورة من فيس بوك ثمَّ اعتزال السياسة! الشابّ المصري الصغير، النَّاجح في شركة جوجل العالميَّة، يتسلَّم جائزة جون كينيدي السنوية في الشجاعة باعتبارهِ أحد رموز ثورة 25 يناير 2011، الشَّاب لم يكن يتخيَّل أن يُصبح الفتى الأوَّل في مصر خلال أيام الثورة، هو الذي أنشأ صفحة كلنا خالد سعيد مع بعض زملائه (عبدالرحمن منصور ومصطفى النَّجار) وكان صاحب فكرة الدعوة للتظاهرات في عيد الشرطة 25 يناير، لتنطلق الثورة. تمَّ اعتقال وائل غنيم من قبل الدولة المصرية، ظلَّ مُعتقلًا منذ بداية الثورة وحتى خروجه يوم 8 فبراير 2011 قبل سقوط النظام بثلاثة أيام، لم يكن أحد يعرف أين وائل طيلة 12 يومًا. استمرّ وائل بعد الثورة ناشطًا سياسيًا يدعو للتظاهرات وينتظر الناس مواقفه السياسية. في فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي كان وائل معارضًا للنظام، وقد وجه أكثر من رسالة للرئيس مرسي عبر حسابه على تويتر. الجدير بالذكر أن وائل غنيم كان مؤيدًا للرئيس المعزول مرسي أثناء الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة عام 2012، لكنَّه اعترض على سياساته مرارًا، حتَّى أيد مظاهرات 30 يونيو 2013، لكنَّهُ ومنذ الإطاحة بالرئيس من قبل الجيش أعلن أنَّهُ سيعتزل السياسة تمامًا مفضلًا الصَّمت. وحتَّى الآن لا يشارك وائل غنيم أية مشاركات سياسية. لتنتهي هاهنا الحلقة الأولى لمسيرة أحد شباب ثورة 25 يناير السياسية. 2- أحمد ماهر: من تأييد" السيسي "إلى سجون السيسي! أحمد ماهر بخلاف وائل غنيم وغيره، له تاريخه الشخصي من المعارضة والاعتقال لنظام الحكم، أثناء نظام مبارك كان ماهر المؤسس الرئيسي لحركة 6 أبريل الاحتجاجية في أبريل 2008. اعتقل أحمد أثناء نظام مبارك عام 2006 و2008 و2010، بتهم تتعلق كلها بتكدير الصفو العام وإهانة المناصب والتحريض على العنف. ما يتعلق بهذه النقطة أن ماهر قد اعتقل إبان حكم الرئيس السابق محمد مرسي في سجن العقرب على خلفية تظاهره أمام منزل وزير الداخلية المُقال محمَّد إبراهيم. ليس هذا فحسب بل إنَّهُ يقبع في المعتقل حاليًا بعدما سلَّم نفسه للسلطات – التي كان قد أيدها – امتثالًا لأمر قضائي بالقبض عليه لتحديه قانون التظاهر الذي تمَّ سَنُّه بعد 3 يوليو 2013. فإلى بعض وقفات في تاريخ أحمد السياسي. من داخل الزنزانة من المعروف بالطبع أن ماهر كان في الصفوف الأولى لثورة يناير هو وحركة 6 أبريل. وكانت الحركة ممثلةً في ائتلاف شباب الثورة، عارض ماهر – وكذلك الحركة بالطبع – المجلس العسكري وحكمه لمصر، شارك في التظاهرات الثورية، وحين الجولة النهائية للانتخابات وقف في صفّ الرئيس السابق مُحمَّد مرسي، في مواجهة الفريق أحمد شفيق،لكنَّ التعاون بين الحركة وماهر وبين الإخوان لم يكتمل بالطبع. شهور قليلة وعاد ماهر إلى الشارع في معارضة الرئيس المعزول محمد مرسي ليشارك في تظاهرات 30 يونيو 2013، أيَّد السُلطة الجديدة، ولكنهُ سرعانَ ما تراجع عن تأييده معلنًا أنَّهُ ضد هذه السلطة وأنَّ منهج حركته ضدَّ الدمّ والعنف وهو ما حدث من قبل السلطة الجديدة. ماهر الآن مُعتقل منذُ سنة وخمسة أشهر – نوفمبر 2013 – ويكتب مقالات من داخل السجن. 3- علاء عبد الفتَّاح"سجبن كل العصور": الميراث اليساري من المعتقل إلى المعتقل هذا هُوَ لقب علاء عبد الفتاح، الذى ينتمى من أسرة يسارية، المحامي الحقوقي أحمد سيف الإسلام، والدكتورة ليلى سويف، المعروفان بنشاطاتهما السياسية هُما والداه، علاء يساري كما الأسرة. ومثل أحمد ماهر كان لعلاء تاريخ آخر من النضال قبل الثورة ضد النظام الأسبق، نظام مبارك. في 2006 كانت البداية من قبل علاء وبعض المدونين المصريين الآخرين عندما قاموا بتدشين وقفة احتجاجية تطالب باستقلال القضاء. هذا الاعتقال أوجدَ صدىً كبيرًا في الداخل والخارج، أنشات مدونة بالإنجليزية عنوانها “الحرية لعلاء” Free Alaa للمطالبة بإطلاق سراحه. ما أوجد زخمًا كبيرًا حول شخص علاء. خلال ثورة 25 يناير كانَ علاء قد اكتسب زخمًا كبيرًا، تزايدت تحركات علاء خلال الفترة الانتقالية بعد الثورة، كان اعتقاله الثاني في أكتوبر 2011 بتُهمة التَّحريض والاشتراك على التعدِّي على عناصر ومعدَّات الجيش، وأثناء سجنه رُزق بابنه الأول، الذي أسماه خالد. خلال التحقيقات معه رفضَ الرَّدّ على الأسئلة التي وجهتها له النيابة العسكرية من منطلق رفضُه للمحاكمات العسكرية فتمّ تحويله إلى نيابة أمن الدولة العليا، كسابقيه كان علاء عبد الفتاح مؤيدًا للرئيس المعزول محمد مرسي أثناء الجولة الأخيرة من انتخابات 2012 لكنَّهُ سرعان ما عارضهُ كذلك. انضمَّ علاء لمظاهرات 30 يونيو، وبعد تحرك الجيش في 3 يوليو كان مؤيدًا لفضّ اعتصامي رابعة والنهضة باعتبارهما اعتصامين مُسلَّحين، لكنَّهُ سرعان أيضًا ما انقلب على السلطة الجديدة وعارضها بعد سنها لقانون تنظيم التظاهر. (عارض الرئيسين عدلي منصور والسيسي معًا). كما شارك في وقفة أمام مجلس الشورى لرفض قانون التظاهر فتمَّ القبض عليه وحُكم عليه ب 15 عامًا في جلسة لم يحضرها. ثمَّ تمَّ إخلاء سبيله مؤقتًا في سبتمبر 2014. بالنهاية؛ بعد تخفيف الحُكم، علاء معتقل الآن يواجه حكمًا بالسَّجن خمس سنوات. 4- وائل عبَّاس: ضد جميع الأنظمة! من مدوّني عام 2006، اشتهرَ بعد أن أذاع شريطًا مسجلًا يظهر فيه الشرطة المصرية وهي تنتهك مواطنين وتقوم بتعذيبهم ليكن سببًا في إثبات الأدلة على ضباط الشرطة حينها. اشتهرت مدونته الوعي المصري بعد ذلك حتى وصلت زياراتها أكثر من مليون زائر شهريًا. بدأ عباس نزول المظاهرات كذلك في عهد نظام مبارك، لكنَّ ظهوره أصبح خافتًا ما بعد الثورة، ربما اكتفى بتدوينات هُنا وهناك، وبعض النزول للمظاهرات، لكنَّ الملاحظ أن ظهوره خفت. لكنَّ تدويناته لم تختفِ. وبالطبع كان عباس معارضًا لحكم المجلس العسكري، معارضًا للفريق شفيق، كذلك مؤيدًا لوصول مرسي للحكم – في مواجهة شفيق لكنه كان معارضًا لمرسي كذلك، ورغم ذلك كان معارضًا لعزله. وبهذا يعتبر وائل قد اتخذ موقفًا مخالفًا لبقيَّة "رفاقه السابقين" إن صحَّ الوصف أمثال علاء عبد الفتاح مثلًا. ويعد وائل عباس هو الوحيد من جيل المدونين الذي نال عددًا كبيرًا من الجوائز من خارج مصر (حوالي 11 جائزة) ولهُ حضور واسع خارج مصر. ورغم معارضته للسيسي من خلال حسابيه على فيس بوك وتويتر لم يتورَّط فيما يضعهُ على طائلة القانون مثل ماهر وعلاء عبد الفتاح مثلًا. 5- مُعتزّ بالله عبد الفتَّاح: الدولة المصريَّة فوق كل شيء ببساطة؛ إذا أردتَ أن ترى شخصًا يعارض نفس الشَّخص ثمَّ يؤيدهُ لاحقًا، فهو الدكتور معتزّ بالله عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة. الدكتور معتَزّ كان مع الثورة بالطَّبع، وفي فترة حكم المجلس العسكري لم يتخذ الدكتور معتزّ موقفًا حدِّيًا من السلطة أو من الثورة، بطبيعة الحال كانت فترة تحتمل الأخذ والرد والاختلاف. لكنَّ معتزّ اتخذَ موقفًا مؤيدًا للرئيس المعزول محمد مرسي كغيره من جيل/مجتمع الثورة. لكنَّ الموقف المُختلف للدكتور معتزّ أنَّهُ كان ضدَّ جبهة الإنقاذ المعارضة للرئيس مُرسي، ثمَّ انقلبَ مؤيدًا لسلطة ما بعد 3 يوليو بعد ذلك! كان عبد الفتاح قد طالب بانتخابات رئاسية مبكرة من الرئيس مرسي، ولكنَّهُ بعدَ الإطاحةِ به أيَّدَ السلطة فورًا، وبدأ يضعُ لها حلولًا. يجب أن نذكر بالطبع أنَّهُ كان ضدّ فضّ اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة، وقال مرارًا أنه ضد “الدمّ” ولكنه يجب أن يفكر في مستقبل “مصر” وألا يجعل فصيلًا أو مجموعًا معينًا من الناس يُوقف حال الوطن. الدكتور مُعتزّ من مؤيدي النظام الحالي والرئيس عبد الفتاح السيسي، من تصريحاته الأخيرة أنه كان يمتدح الإمارات لأنها وقفت إلى جانب مصر بعد “ثورة 30 يونيو”! يمكن تلخيص قراءة الدكتور مُعتز للواقع السياسي بتأييده الدائم للدولة، مع اختلاف الأشكال والأشخاص التي تحكم، فالرجل يقول أنه يخدم الدولة وحدها. 6- الدكتور عمرو حمزاوي: الدِّيمقراطية أولًا على خلاف الدكتور مُعتزّ كان الدُّكتور عمرو حمزاوي أكثر صراحةً؛ فموقفه من فضّ اعتصامي رابعة والنهضة كان واضحًا، ولم يتعامل مع نظام ما بعد 3 يوليو. عُرف عن عمرو موقفه المتأثر كثيرًا بدراساته الأكاديمية، الأمر الآخر عُرف عنه تأييده وندائه بالديمقراطية الدائم، حيث تعتبر القيمة المُطلقة لعمرو من خلال أحاديثه وكتاباته. اشترك حمزاوي في جبهة الإنقاذ وكان معارضًا للرئيس الأسبق محمد مرسي، لكنَّ معارضته كانت مختلفة حيث كان يتمنى أن تحدث انتخابات رئاسية مبكرة، لا أن يتدخل الجيش. بالنهاية اتخذ عمرو موقفًا من النظام الحالي وابتعد عن الأجواء العامَّة تمامًا. لا يعتبر عمرو موقف اعتزاله كان جبانًا، وإنما اعتبر أن موقفه لإعادة بناء رؤيته للواقع المصري، ولإعادة ترتيب أوراقه خاصةً بعد وفاة والدته . يكتبُ عمرو مقالات الآن ويعتزل كل عمل سياسي. 7- أسماء محفوظ: الوجه الأنثوي للثورة ربما كانت أسماء هي الوجه "النَّاعم" للثورة. ظهرت أسماء في فيديو قبيل ثورة يناير بعدَّة أيام تدعو فيه المصريين للنزول، كسابقيها وُجِّهَت لها اتهامات بالعمالة لدول أجنبية وتمويل أجنبي، لكنها كانت تنفي باستمرار كلّ هذا. أسماء كانت أحد مؤسسي حركة 6 أبريل قبل الثورة بسنوات (2008) ولكنها فكَّت ارتباطها بها بعد الثورة بفترة قصيرة بسبب خلافات بين قيادات الحركة. أسماء توضح موقفها من النظام الحالي: قُدِّمت أسماء كوجه أنثوي للثورة خلال برامج الإعلام، وقد نالت أسماء بعض الجوائز المتعلقة بالحريات والمرأة وباعتبارها ممثلةً للثورة المصرية (كمثال: جائزة ساخاروف التي يمنحها الاتحاد الأوروبي نالتها في 2011). أيَّدت أسماء مظاهرات 30 يونيو 2013 ونزلت فيها، ولكنها كغيرها طالبت فقط بانتخابات رئاسية مبكرة وكانت ترفض تدخل الجيش. وبعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي من قبل الجيش تراجعت أسماء وهاجمت النظام بسبب العنف المُفرط في استخدام القوة أثناء فضّ اعتصامات الإخوان المسلمين. أثناء حكم المجلس العسكري اتهمت أسماء بتهمة الإساءة للمجلس العسكري، ولكن أخلي سبيلها وتنازل المجلس العسكري عن بلاغه، وحين خرجت كتبت على حسابها على تويتر "يسقط يسقط حكم العسكر". أسماء متزوجة الآن ولها طفلة، ويبدو أنَّها فضَّلت الصَّمت. 8- خالد تليمة: اليسار في أحضان الدولة! كان تليمة معارضًا للرئيس مرسي منذ البداية، ولكنه كان أيضًا معارضًا لترشح الفريق أحمد شفيق من البداية. تليمة بدأ نشاطه السياسي عام 2001 في اتحاد الشباب التقدمي "الجناح الشبابي لحزب التجمع" وتدرج فيه حتى أصبح أمين التنظيم المركزي ثمَّ أمينًا عامًا. كان تليمة من ضمن شباب ائتلاف الثورة، وترشح للبرلمان لكنه لم يفز. يشغل الآن منصب عضو مجلس أمناء والمكتب التنفيذي للتيار الشعبي وعضو جبهة 30 يونيو. تليمة "اليساري" الذي واجه رئيس حزبه "رفعت السعيد" مرارًا، لم يكن عنده مانع من تأييد فضّ اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، ليس هذا فحسب، بل إنه كان يشغل منصب نائب وزير الشباب في نظام ما بعد 3 يوليو، إلى أن ترك المنصب لأنَّ:السلطة الموجودة لا ترغب في وجود أي حد عنده رؤية مختلفة.. أو عنده رؤية من الأساس!”، على حد قوله، مضيفا "أحزن عندما أرى المهندس محلب في منصب رئيس وزراء مصر". 9- نوَّارة نجم: أيدت أيضًا رحيل مرسي ربما ليس من الدائم أن تجد فتاةً تمسك الحجارة وتدخل الاشتباكات، على الأقلّ فتاة مشهورة، لكنها كانت نوارة بالفعل من تفعل هذا. دخلت نوَّارة سجن القناطر أسبوعين بعدما دعت إلى تظاهرة ضد مشاركة إسرائيل في المعرض الصناعي في "جامعة عين شمس" عام1995. وعندما جاءت ثورة يناير برياحها كانت نوَّارة قد وطدت قدمها عبر مدونتها: جبهة التهييس الشعبي. كانت معارضة لحكم المجلس العسكري، وأثناء فترة حكم محمد مرسي عارضته وأيدت بشدَّة المظاهرات ضده في 30يونيو، لكنَّها عادت – كأغلب النشطاء – ونددت بحكم عبد الفتاح السيسي. ليست هناك نشاطات لنوارة حاليًا سوى الكتابة. 10- إسلام لطفي: من الميدان إلى الإعلام خرج من منبع الإخوان وتربيتهم، لكن يبدو أنهُ كان يمتلكُ نظرًا أوسع وأشمل، فما إن نجحت الثورة في إسقاط نظام مبارك حتى اندمج في ائتلاف شباب الثورة وبدأ في تدشين حزب التيار المصري هو ومجموعة شباب من ضمن دائرته. جماعة الإخوان كان ردُّها على إسلام عنيفًا بالطبع واعتبرت أنه خارج الجماعة، إسلام بالأصل مُحامٍ وحقوقي ومدافع عن حقوق الإنسان. استطاع أن يخلق له تفاعلًا وزخمًا، وبالفعل حاز على احترام شباب الثورة وعلى القيادات الكبيرة واستطاع أن يحجز له مقعدًا قياديًا. إسلام يتحدَّث عن علاقته بالإخوان: بالطَّبع لم يتورَّط إسلام في تأييد السلطة الجديدة في مصر، ولا في تظاهرات 30يونيو ولا 3يوليو، باعتبار انتمائه السابق للجماعة. واستطاع أن يبقى على موقفه من رفض الانقضاض على الرئيس المنتخب. إسلام الآن هو المدير التنفيذي لشبكة التلفزيون العربي!