أحداث جمعة رد الكرامة 22 مارس بمحيط مكتب إرشاد جماعة الإخوان بالمقطم وصفت بكونها الصفعة الأعنف فى وجه الإخوان المسلمين، بعد مواجهتهم بردة فعل عنيفة، رغم حملات الترهيب وحشود الإخوان فى محاولة لجعل التظاهر قرب المقر .. خطا أحمر! و فيما جاء رد الجماعة يوم السبت 23 مارس بمؤتمرهم الصحفى الملىء بالتهديد والوعيد لوسائل الإعلام وحصار مدينة الإنتاج الإعلامى، والتلويح بمحاصرة مقرات الأحزاب ومحاسبة «بلطجية جبهة الإنقاذ»، وذلك قبل أن يتم التصعيد من خلال كلمة الرئيس مرسى (الأحد 24 مارس) التى لوح فيها بقطع الأصابع الخفية التى تمثل المؤامرة والثورة المضادة ضد الوطن من النظام السابق، من أعداء الثورة وأعداء الوطن. وهدد باستخدام القانون حال إدانة أى سياسى فى تحقيقات الأحداث، وهو ما بدأت اولى خطواته والتى كانت للمفاجأة ضد أسماء لا يمكن سوى وصفها بكونها أسماء شخصيات من أكثر الثوريين إخلاصا، ومن أكثر الثوريين عداء للنظام السابق، بل كان بعضهم ممن دعموا مرسى فى ظل النظام السابق.. ولنر القائمة: 1- نوارة نجم.. زغرودة الانتصار نوارة الانتصار أحمد فؤاد نجم، تلك الكاتبة والمدونة التى لا يمكن توصيفها إلا بأنها «واحدة من أفضل أعمال الشاعر أحمد فؤاد نجم»، تشربت الثورة ضد كل الانظمة المستبدة منذ نعومة أظافرها على أيدى والدها الشاعر الثورى العظيم الفاجومى، ووالدتها الصحفية المشاغبة فى شبابها «صافيناز كاظم»، تعودت على الصمود فى مواجهة كل استبداد، بدأت مشاركتها ضد نظام مبارك مع كل نزول لأبيها الشاعر ضمن مشاركته بتظاهرات حركة كفاية، تحديدا الجناح الأدبى بالحركة «أدباء مع التغيير» فى دوران شبرا وسلم نقابة الصحفيين والمحامين وغيرها. ومنذ قبل الثورة، كانت أحد الوجوه القليلة التى كانت تشكل أحد أفراد كتيبة جريدة الدستور التى كانت تشن هجوما يوميا وأسبوعيا منظما ضد نظام مبارك، وكانت مقالة نوارة نجم المنتظمة بعنوانها «اضحك مع الشعب» تشكل جزءا يسيرا من تدويناتها المطولة بلهجتها الشعبية البسيطة المرحة المشاغبة.. على مدونتها الأشهر جبهة التهييس الشعبية، استمرت كتابتها بجريدة الدستور حتى حدثت ازمة استقالة ابراهيم عيسى الشهيرة بعد بيع إدارتها إلى رضا إدوارد والسيد بدوى.. ووقفت بجانب شباب جريدة الدستور فى استمرارهم نضالا ضد النظام مع الصحفى إبراهيم عيسى عبر موقع الجريدة رغم الحصار ومحاولات التضييق واختراقات النظام السابق للموقع أكثر من مرة. جاءت الثورة، والكفاح من خلالها، لتشكل نقطة تقدم وانتصار، مثلها مثل كل الثوار، وكانت تصريحاتها أثناء الثورة عبر القنوات الفضائية (مثل الجزيرة وغيرها) تشكل تلخيصا للسان حال شباب الثورة وقتها والمعتصمين بميدان التحرير، واستمر صوتها معبرا عنهم طوال أيام الثورة الصعبة من جمعة الغضب إلى موقعة الجمل، وصولا إلى جمعة الحشد والرحيل والتى تكللت بالنصر وتنحى مبارك، لتدوى عبر شاشات الجزيرة صيحتها الشهيرة يومها عبر قناة الجزيرة مباشر وهى تهتف عبر التليفون: «مفيش ظلم تانى.. مفيش سجن تانى.. مفيش ذل تانى».. لتشكل مشهدا لنهاية سعيدة وسط زغاريد فرحتها ودموع لحظة النصر غروب شمس يوم 11 فبراير 2011.. لكنها لم تكن النهاية.. وما جاء بعدها لم يكن سعيدا فقد مرت خلال المرحلة الانتقالية – مثل جميع الثوار المخلصين - بالانتقال من دعم المجلس العسكرى - قبل الانتقال إلى معارضته وهتاف يسقط حكم العسكر، وتصاعد الأمر والصدام فى ماسبيرو خصوصا، ليصل إلى مرحلة التضييق الإعلامى (عبر إيقاف برنامجها على قناة االتحرير «جبهة التهييس الشعبية») وتتصاعد الى الاستدعاءات والتحقيقات – مرة أخرى – بسببت تدوينات أو تغريدات عبر الإنترنت حتى وصل الجميع إلى لحظة انتخابات الرئاسة وجولة الإعادة بين مرسى وشفيق.. ورغم أن اختيارها كان فى الجولة الأولى للمرشح حمدين صباحى، إلا أنها كانت من المؤيدين للاصطفاف وراء مرسى، لأن خيار المقاطعة، كان بالنسبة اليها (بحسب ما كانت تكتب فى تغريداتها وقتها) لن يؤدى إلا لاختيار شفيق تلقائيا، بل وصلت حتى إلى حد رفض حكم حل مجلس الشعب وقتها رغم كون أغلبيته إخوانية، والاعتصام ضد قرار حله، فقط لخوفها من أن يكون ذلك مقدمة لهزيمة الثورة عبر هزيمة الإخوان. الآن يتم استدعاؤها من نائب عام الإخوان: تحت تشويه أنها تحرض على حرق وعنف وتدعم عودة الفلول، وأنها من الثورة المضادة! وانها ضد الثورة!! فضلا عن شتائم مؤيدى الإخوان لها عبر الانترنت بأقذر الألفاظ والإنترنت شاهد! إلا أنها لا تبالى بكل ذلك، ساخرة منهم وموصفة نفسها بكلمة « ساحرة المقطم « ردا على سبهم بكلمة «سحرة فرعون».. و« الماسون الأعظم!» على حد قولها.. 2 علاء عبد الفتاح.. «الأب الروحى للمدونين» قبل الثورة لم يكن مدونا تقليديا يكتب أفكاره فى أى اتجاه، بل كان – بلا مبالغة - الآب الروحى للمدونين عبر إنشاء مدونته التى كانت لها السبق فى أن تكون بمثابة (جوجل) المدونات المصرية لحظة بلحظة، عبر خبرته كمدون ومبرمج مصرى وبالاشتراك مع زوجته المدونة منال بهى الدين حسن، اعتقل اكثر من مرة كانت أولاها فى يوليو 2006 ( وقفة اعتصام استقلال القضاء ) و التى استمرت لمدة 45 يوما.. خرج بعدها دون تراجع أو استسلام، فهو ابن لعائلة ثورية، فالأب هو المحامى الحقوقى «أحمد سيف الإسلام «مدير مركز» هشام مبارك للقانون» أول مركز حقوقى للانسان فى مصر، والأم هى الأستاذة الجامعية «ليلى سويف»، وزوجته هى ابنة بهى الدين حسن رئيس مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان. لهذا لم يكن غريبا أن يكون علاء عبدالفتاح واحدا من المحرضين الاساسيين بل دعاة الثورة المصرية والمشاركين بها منذ يومها الأول، ولم يكن غريبا أيضا ان يكون أحد من أسسوا مجموعة «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين» والتى أسسها بالاشتراك مع شقيقته منى سيف، لتوثيق ورفض ودعم ضحايا انتهاكات المحاكمات العسكرية، ولهذا لم يكن غريبا أيضا أن يستهدفه المجلس العسكرى فى أحداث ماسبيرو بالاستدعاء للنيابة العسكرية والتحقيق والذى كان موقفه تاريخيا وقتها بالمثول أمام النيابة ولكن مع رفض الاستجابة لطلبات المحقق بالإجابة على أى أسئلة لكونه لا يعترف بمحاكمة عسكرية أو تحقيق عسكرى لمدنى، وهو الأمر الذى دفع ثمنه غاليا، إذ كانت فترة حبسه هذه المرة متزامنة مع ميلاد ابنه، خالد، (على اسم الشهيد خالد سعيد) أيقونة الثورة المصرية. و لم يكن غريبا أيضا أن يكون موقفه بالهجوم الشرس على مؤيدى شفيق وهو الهجوم الذى تسبب فى اتهامه بالتحريض على حرق مقرات الفريق شفيق أثناء الصراع الانتخابى ( أيضا )، ولم يكن غريبا أيضا أن يكون – منطقيا - مع انتخاب مرسى بدلا من شفيق قائلا « طبعا مش عايزة كلام فى إعادة بين مرسى وشفيق صوتى لمرسى، لكنى قلقان إن فعلا فيه قطاعات واسعة لن تنتخب إسلامى حتى لو البديل شفيق»!! 3- د.حازم عبد العظيم.. «ثورى مخلوع بفرمان العسكر» لا يمكننا القول بأنه كان أحد الوجوه المعروفة قبل الثورة – بالنسبة لعموم المتابعين – لكنه كان أحد المشاركين بإستمرار فى اجتماعات حملة شباب البرادعى، وكذلك فى اجتماعات الجمعية الوطنية للتغيير، رغم كونه احد الموظفين بوزارة الاتصالات لنبوغه فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ظهر إعلاميا أول مرة مع خبر ترشيحه ثم تعيينه وزيرا للاتصالات، فى الحكومة الثانية لعصام شرف ( يوليو 2011 ) وكانت اولى وعوده دعم الانتخابات البرلمانية والرئاسية بحيث يمكن أن تتم الاقتراع وفق النظام الإلكترونى، إضافة إلى تطوير نظم قواعد البيانات بما يسمح أيضا للمصريين فى الخارج بالتصويت، ولم يستمر فى منصبه أكثر من يومين إثر تسريب تحقيق – ثبت مبالغته إعلاميا فيما بعد – نشر بصحيفة يومية شهيرة، تحدث فيه عن شراكته مع إسرائيل وهو الأمر الذى أنكره بشكل واضح ومثبت وبين مبالغة الموضوع فيه - لكن المجلس العسكرى بدا من الواضح أنه لا يريد وجها معارضا بهذا الشكل فى منصب مثل هذا، وتمت إقالته لاحقا ليستمر معارضا ضد العسكر كما كان قبلها عبر حسابه على تويتر الذى غير وصفه بشكل ساخر ليصبح «وزير مخلوع بفرمان عسكرى»، وموقفه ضد انتخاب شفيق « امتداد حكم العسكر بالتبعية». ويستمر بعدها معارضا للإخوان حتى الآن.. وحتى وقتنا هذا موصفا نفسه الآن ب«صائد الخلايا النائمة». 4- حمدى الفخرانى.. «يا مبارك عينك حمرا» فى نظام مبارك، كان هناك عدد قليل يعمل بكفاح ونضال ضد سيطرة الفساد ورجال أعمال حاشية مبارك، وكان عملهم بشكل مستمر ودائم مهما كانت المضايقات والتنكيلات، فكان الناشط أبو العز الحريرى يركز نضاله لفضح أحمد عز «محتكر الحديد»، وكان الناشط المهندس محمد سعد خطاب لفضح وزير الإسكان إبراهيم سليمان، وكذلك المهندس يحيى عبد الهادى الذى وقف ضد هادى فهمى فى قضية بيع عمر أفندى الشهير، بينما كان المهندس المحلاوى، حمدى الفخرانى، يركز على فضح رجل الأعمال الشهير وقتها «هشام طلعت مصطفى» وخصوصا بعد قضية مدينتى، والتى استولى فيها على مئات الالاف من الفدادين بأسعار زهيدة فى صفقة فساد واضحة كان وراءها اعلاميا وقانونيا وقضائيا وقتها حتى قامت الثورة التى كان من المشاركين فيها وثوار محافظة الغربية، وقف أيضًا المحامى حمدى الفخرانى ضد قضية فساد منجم السكرى وفضحها فى عهد المجلس العسكرى، وهذه القضايا وغيرها هى التى جعلته يلقب بمحارب الفساد، وفى سبيل الوصول لفضح القضايا ومواجهة الفساد بشكل اكبر، خاض انتخابات برلمان ما بعد الثورة ( 2011 ) لينتخب نائبا برلمانيا كان من أشرس ما يكون رافضا أى قيود عليه ومستمرا بنضال وثبات وصمود لكشف الفساد رغم محاولة الكتاتنى تقييد حريته وحرية زملائه من النواب «المعارضين من خارج كتلة اليمين المتطرف» وهو ما جعل الفخرانى يعتصم بمجلس الشعب وقتها ( فبراير 2012 )، واستمر فى معارضته للإخوان وفضح تخاذلها فى عدم كشف الفساد وتحالفها معه « مثال: قضية منجم السكرى التى طعنت فيه حكومة الإخوان على حكم القضاء بايقاف تصدير ذهب منجم السكرى للخارج» وهو حكم كان كفيلا بإعادة موارد ضخمة للبلاد وعائد اقتصادى، لكن حكومة الإخوان طعنت ضده. والآن تطعن حمدى الفخرانى بتهمة التحريض ضدها بشكل لا يتفوق عليه أعتى النظم الديكتاتورية. 5- أحمد دومة.. 6- كريم الشاعر ..7- أحمد عيد «الشباب الطاهر» هم من شباب الثورة، الجيل الذى خاض تجربة التغيير المرة ضد مبارك والتوريث، فأحمد دومة «الناشط قبل الثورة ومؤسس حركة شباب من أجل العدالة والحرية»، وكذلك كريم الشاعر «عضو شباب حركة كفاية» وأحمد عيد «عضو حزب الجبهة الديمقراطى» كانوا من الشباب الذين شاركوا فى السنوات من 2004 إلى 2010 فى التظاهرات والحراك السياسى التصاعدى ضد مبارك، وكذلك كانوا من الشباب الذين شاركوا فى الدعوة لبيان مطالب التغيير ودعم الدكتور محمد البرادعى ( أكتوبر 2010 )، ثم كانوا من الشباب الذين دعوا لتظاهرات ثورة 25 يناير، قبل أن تتمخض الثورة عن تشكيل مجموعة عرفت من شباب الثورة كانوا من أبرز رموزها وخصوصا أحمد عيد الذى كان عضوا مؤسسا للائتلاف الأشهر.. ائتلاف شباب الثورة ( وهو الآن قيادى بحزب الدستور )، فيما استمر كريم الشاعر على وجوده بحركة كفاية مناضلا ضد العسكر ومن بعدهم الإخوان، كان كذلك أحمد دومة مستمرا ضد العسكر وبوضوح ثم ضد الإخوان وبوضوح، رافضا- حسب قوله– ان يكون أحد الذين يعصرون على أنفسهم الليمون وداعيا للمقاطعة وقت جولة الاعادة بين مرسى وشفيق ( يونيو 2012 ) وهو ما يبدو أنه كان على حق. اختلفت السبل، واتفقت الغايات، وتوحدت المصائر، وتوازت الطرق، وقد نختلف أو نتفق على تقييم كل شخصية منهم بحقها أو بنقاط إيجابية أو سلبية، لكن المؤكد أن السبعة كانوا من أنبل وأشجع شباب مصر ورجالها، وأن ما يجمعهم ثورتهم ضد أى استبداد سواء كان بالبيادة العسكرية أو بحاشية الحرامية، أو كانوا يتدثرون بعباءة دينية. وتظل مصر ولادة بأبنائها، مهما زادت المحن.