مخاوف من تكرار سيناريو «جمعة الغضب».. دعوات بعلاج ضباط الوزارة نفسيًا.. وخبير أمني: ليست حوادث فردية "اقتل المعارض قبل أن تضطر إلى مواجهة انتشاره، قبل أن تضطر إلى قمع مظاهراته، قبل أن تضطر إلى تحمل فواتير تعذيبه داخل الأقسام والمعتقلات".. رسالة باتت محفورة في أذهان رجال وزارة الداخلية في تصفية المعارضين السياسيين، أعادت للأذهان عمليات التصفية الجسدية المتبادلة بين الداخلية والجماعة الإسلامية في التسعينيات. وقال قيادي سابق بالجماعة الإسلامية، إنه على الرغم من كون ضحايا الجماعة في التسعينيات أبرياء ومظلومين، إلا أنهم كانوا مسلحين وفي قتال مع الشرطة، على خلاف المعارضين الحاليين. وحذر القيادي السابق، الذي فضَّل عدم ذكر اسمه من خطورة تصفية المعارضين حاليًا، قائلاً: السلاح له السلاح والفكر له فكر والثورة لها ثورة". وأضاف: "الأجهزة الأمنية ليست غبية هي تعرف جيدًا ماذا تفعل، هي تحاول بقدر الإمكان التخلص من كل مَن يعارضها الرأي، سواء بتصفية جسدية أو بطريقة القتل الجماعي، بعد أن تكون قد حصلت على ما تريد من معلومات". كما أن سيناريو خالد سعيد، الشاب السكندري، أيقونة الثورة المصرية، بات مكررًا ليس في الإسكندرية وحدها بل امتد امتداد النيل من الجنوب إلى الشمال، في وقت لم تتعلم فيه الوزارة الدرس من سيناريو انهيارها في 28 يناير 2011 في وقت بات الشعب لديه ثأر مع رجالها. فبعد أن كانت تصفية المعتقلين داخل السجون وخلال المظاهرات، ظهرت آلة قتل موازية تتمثل في تصفية المعارضين، داخل منازلهم أو في الكمائن الأمنية أو خلال مرورهم في الشارع، فقط كل ما يحتاجه الأمر طلقات ميري، أو قنبلة يدوية عليها ختم النسر، وورقة ممهورة من الطب الشرعي تفيد بانتحار الضحية وبراءة الجلاد. "المصريون" رصدت أبرز عمليات التصفية لمعارضين أرادهم النظام قتلى دون تقديمهم لمحاكمة على جرائم لم يرتكبوها أو لبلاغات كيدية، وربما لإشباع النزعة الانتقامية من ثوار قادوا مسيرات الحرية في ثورة يناير البيضاء.
قنبلة يدوية تودي بحياة 5 في بني سويف خمسة من معارضي النظام ببني سويف لقوا مصرعهم على يد قوات الأمن، في ساعة متأخرة من مساء الجمعة قبل الماضي، حيث هاجمتهم القوات، أثناء تواجدهم بمزرعة شرق النيل ببني سويف. وحاصرت قوات الأمن المزرعة لدى وصولها، وأطلقت النيران وقنبلة يدوية، ما أدى إلى مصرع كل من: "حنفي عبد العظيم عبد اللطيف، يقيم في قرية شريف باشا 45 سنة بكالوريوس علوم، وحسام بدر حسين مرزوق، من مدينة بنى سويف مهندس مدني 26 سنة، وحسن محمد حمدى حسن عشيري، 25 سنة، ومحسن محمد حجازي، وجثة مجهولة إلى الآن". وأدان التحالف الوطني دعم الشرعية ورفض الانقلاب ما حدث وحمَّل مدير وضباط مديرية أمن بني سويف مسؤولية تلك الأرواح. واختلفت الرواية التي ذكرها التحالف الوطني، نقلاً عن شهود عيان، لما ذكره الأمن عن وقوع انفجار بالقرب من نقطة تفتيش أمنية في محافظة بني سويف، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، مضيفًا أن التحريات الأولية تشير إلى أن الانفجار تسبب في قتل 5 أشخاص، إضافة إلى سقوط عدد من المصابين لم يتبين عددهم.
رصاصتان في صدر وبطن "العسكري" قالت أسرة محمد العسكري، أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، في مدينة العبور، إن الشرطة قامت باعتقاله، بعد اختطافه من أمام كارفور العبور في كمين للداخلية، وتصفيته فيما بعد، نافية ما قالته وزارة الداخلية بأنه تمت تصفيته خلال مواجهات مع قوات الأمن بمنطقة الحي الثالث بمدينة العبور. وقال حسن محمد العسكري، نجل الضحية، إن والده جرى اختطافه من أمام كارفور العبور في كمين الشرطة، وأخذوه بعدها إلى مقر أمن الدولة بقسم العبور، وقاموا بتعذيبه، ثم قاموا بتصفيته برصاصتين في الصدر والبطن. وأكد نجل العسكري، ل"المصريون" أن والده كان مرصودًا من قبل الأمن، بسبب انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين، بدعوى تحريض الناس على الشغب والتظاهر وتوزيع شعارات رابعة، مستطردًا: "نحن نفخر بانتمائنا لجماعة الإخوان المسلمين". ولفت نجل العسكري إلى أن الأسرة ستقوم بعمل إجراءات شكلية بمقاضاة وزارة الداخلية، مضيفًا: "لا ننتظر عدلاً من القضاء الحالي، كل ما سنفعله فقط من إجراءات قانونية وجنائية هدفه حفظ حقوقنا حين يسقط النظام". وأضاف أن والده كان معتقلاً منذ عام على خلفية قضية ملفقة، كغيره من معارضي النظام، ثم حصل على البراءة وتم إخلاء سبيله في ذلك الوقت. واتهم حسن وزارة الداخلية بتصفية والده دون اتهام موجه إليه، مستنكرًا الاتهامات التي ساقتها الشرطة لوالده بأنه مسئول العمليات النوعية لجماعة الإخوان المسلمين ضد الداخلية. وتابع: "هذه عادة التبرير لأي تصفية تقوم بها داخلية الانقلاب، أين البندقية التي قالوا إنه هاجمهم بها، ولماذا الطلقة على بعد نصف متر، كما جاء في تقرير الطب الشرعي لحالة الوفاة - على حد قوله". وأكمل حسن أن والده لم يكن على خلاف مع أحد من الشرطة أو الجيش أو المواطنين، وأنه معروف بالخير بين كل أهل مدينة الخانكة. وقال مصدر قريب الصلة بالضحية، رافضًا الكشف عن هويته، إن محمد العسكري، 51 عامًا، تم اعتقاله الساعة العاشرة مساء الأربعاء في كمين شرطة أمام كارفور العبور، وتم تعذيبه بالضرب والكهرباء داخل قسم شرطة العبور حتى الموت. ومضى المصدر بالقول: "تم نقل العسكري إلى مكان اسمه نادي القوات المسلحة بالعبور وهو تحت الإنشاء، ثم أطلقت الشرطة عليه الرصاص ليعلنوا بعد ذلك أنه تم قتله بصفته مسئول العمليات النوعية في جماعة الإخوان إثر تبادل لإطلاق النار بينه وبين الشرطة". والعسكري، مقيم بمدينة العبور، الحي الثالث، مدير مالي بشركة "مالتي مايزر مصر" لصناعة كراسي السيارات، ولديه أربعة أبناء. وقالت وزارة الداخلية إنها قامت بتصفية "العسكري" بصفته عضو لجنة العمليات النوعية التابعة لتنظيم الإخوان بمحافظة القليوبية، ومسئول لجنة العمليات النوعية بمنطقة الخانكة، كما أنه متورط في العديد من الحوادث الإرهابية خلال الفترة الماضية، حسب بيان للوزارة.
باسل.. رصاصة في الجمجمة تكفي في يوم الخميس 2 إبريل نظم بعض الشباب تظاهرة معارضة للسلطات خرجت من مسجد الفتح بمنطقة المعادي بالقاهرة، وشارك في التظاهرة العديد من الشباب وعندما وصلوا إلى ميدان سوارس، قامت قوات من الشرطة والجيش بإطلاق الرصاص الحي والخرطوش فورًا على المتظاهرين دون أي تحذير، مما اضطر الشباب للاختباء فتحركت المدرعات نحوهم وأطلقت القوات الرصاص عليهم مباشرة، مما أدى إلى إصابة أحد المتظاهرين هو باسل سيد البالغ من العمر 18 عامًا، حيث أصيب بطلق ناري في رأسه مباشرة، مما أدى إلى إصابته بتهتك في الجمجمة ونقله أصدقائه إلى مستشفى الفتح الإسلامي وكان ينبض عند دخوله المستشفى ولكن فارق الحياة بعد دقائق قليلة لعدم وجود المعدات الكافية لإسعافه بالمستشفى. لم يتوقف الأمر على إطلاق الرصاص على المتظاهرين مباشرة ولا على قتل باسل سيد برصاصة حية في رأسه فعندما خرج أصدقاء باسل من المستشفى وجدوا قوات الأمن تحاصر المستشفى لمنع خروج جثته منها وقامت القوات بالتحفظ على الجثة حتى الآن.
"شعراوي".. تصفية ب7 رصاصات أمام أطفاله استيقظ المواطن السيد محمد حمدي الشعراوي، المقيم بناهيا، والبالغ من العمر 42 عامًا، ويعمل حارس محولات كهرباء، على اقتحام قوات الأمن لمنزله يوم 9 مارس 2015 في تمام الساعة 8 صباحًا حيث كان نائمًا هو وعائلته المكونة من زوجته و4 أطفال. أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي بشكل عشوائي في جميع أرجاء المنزل دون سابق إنذار وصوبت طلقاتها تجاه السيد الذي أصيب ب 7 رصاصات -واحدة أصابت قدمه اليسرى و3 في بطنه و3 في رأسه - على إثرها فارق الحياة في الحال. روى أهله أن قوات الأمن قامت بلفه بملاءة السرير الذي كان ينام عليه وأخذوه إلى منطقة القرية الذكية بمدينة كرداسة بالجيزة وبعدها إلى مستشفى بولاق حيث قاموا بإلقائه على سرير بالمستشفى. ويضيف ذووه أنهم شرعوا في البحث عنه إلى أن وجدوه في تمام الساعة 2 ظهرًا بمستشفى بولاق وتم إجبارهم من إدارة المستشفى على إمضاء تصاريح خروج الجثة والتي تفيد أنه مات منتحرًا.
تصفية مهندس بدعوى انتمائه للإخوان وجهت أسرة المهندس أحمد جبر والذي قامت قوات الأمن بقتله، في شقته أمام زوجته وطفلتيه نداءً إنسانيًا لمعرفة مصير جثمان ابنهم وكذا مصير زوجته وطفليه الذين اختطفتهم قوات الأمن. وقالت والدة الطبيبة آلاء محمد علي، زوجة المهندس القتيل، إن بعض جيران ابنتها التي أنهت امتياز طب الإسكندرية أبلغوهم أن قوات الأمن اقتحمت شقتها وأطلقت الرصاص على زوجها وأردته قتيلاً ثم قاموا بسرقة أمواله ومصوغات ذهبية خاصة بابنتها وحطموا أثاث المنزل، كما احتجزت الداخلية جثمانه ولا يعرف مكان ابنتها وطفليها. وأضافت "الأم" أنهم بحثوا في معظم المقرات الأمنية لمعرفة أية معلومات عن أسرة المهندس بلا فائدة، حتى قامت بتوجيه بلاغ إلى النائب العام لمعرفة مصير القتيل وأسرته. وأكدت أن ابنتها وزوجها ليسا من الإخوان ولا يشاركان في التظاهرات، مضيفة: "منذ نحو شهرين أبلغ بعض السكان المجاورين للمنزل وزوجها أنهما من الإخوان ومن وقتها تمت عدة مداهمات لاعتقال المهندس أحمد جبر ما اضطره لترك عمله في شركة انربك للبترول بالإسكندرية وعمل كمبيض محارة ليقتات هو وابنته التي أنهت لتوها دراسة الطب وولداه خالد سنة ونصف ورفيدة شهران. وأضافت والدة زوجة الضحية أن ابنيها علي محمد علي، الطالب في الفرقة الرابعة بكلية الهندسة وأحمد، الطالب بالفرقة الثانية بكلية الهندسة تم خطفهما من قبل قوات الأمن في وقت سابق وإيداعهما في سجن برج العرب. وأطلقت قوات الأمن الرصاص على المهندس أحمد جبر أمام أولاده في منزله بمنطقة سيدي بشر شرق الإسكندرية أثناء محاولة إلقاء القبض عليه ثم تحفظت على جثته واعتقلت زوجته الطبيبة آلاء محمد علي وطفليه.
حاولا منعه من ممارسة الرذيلة فقتلهما بسلاحه الميري شهدت قرية سرياقوس التابعة لمركز الخانكة حادثًا كارثيًا، حيث قام أمين شرطة بقسم الخصوص بإطلاق النار من سلاحه الميري على المزارعين: حماد مهنى الشامى وابن عمه أحمد سيد الشامى، مما أدى إلى مقتلهما في الحال. وقال شهود عيان إنه في أثناء عمل القتيلين بحقلهما الواقع بأطراف القرية فوجئا بالجاني يصطحب معه سيدة ويحاول ممارسة أعمال منافية للآداب داخل الحقل فقاما بالتنبيه عليه وحاولا منعه من ذلك فقام بإطلاق النار عليهما في القلب والبطن. تجمهر الأهالي وأصابوا الجاني بإصابات بالغة قبل تسليمه للشرطة وقامت الشرطة بنقله إلى المستشفى والتحفظ على سلاحه وعلى السيدة التى كانت بصحبته.
انهيار الداخلية العميد محمود السيد قطري، الخبير الأمني، حذَّر من خطورة تصفية الداخلية للمعارضين، ما سيؤدي إلى انهيارها وإحداث شروخ بها كما حدث في ثورة 25 يناير وبتحديد يوم جمعة الغضب، مؤكدًا أنها ليست حوادث فردية بل عمليات ممنهجة برعاية الوزارة. وقال "قطري" ل"المصريون" إن العقيدة الأمنية للداخلية منحرفة، بسبب قواعد أرساها حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق وآخرون حولت سياسة الوزارة من حماية المواطنين إلى حماية الأنظمة. وأشار إلى أن الداخلية في حالة انهيار ويصيبها شروخ، وعندما سقطت في الثورة لم يلتفت إليه أحد بداية من المجلس العسكري مرورًا بالرئيس مرسي والرئيس السيسي. وأضاف قطري أن القيادة السياسية منذ الثورة تركت الوزارة تنازع جراحها وهي كسيحة بنفسها دون مؤازرة من أحد، على عكس ما حدث مع الجيش المصري في أعقاب نكسة 1967. وتابع قطري أنه عقب الثورات تحدث تغييرات سياسية جذرية مرهقة، فمن الناحية الأمنية ترتفع معدلات الجرائم داخل المجتمع من الجميع بمن فيهم الأمن. وأكد قطري أن الفكر الأساسي الذي تقوم عليه الوزارة هو العدائية للمواطنين، بدليل الأكمنة الأمنية المنتشرة والمعدة للإمساك بالمخالفين وليس لتأمين المواطنين. ولفت قطري إلى أن الوزارة بها مشاكل خطيرة لدى أفرادها تصل إلى أمراض نفسية مثل الغرور، بالإضافة إلى أن سياسات الوزارة لم تقدم بديلاً للضباط عن القتل. وضرب قطري مثلا بما يحدث خلال الكشف عن جريمة قتل، قائلاً: "لو لدي جريمة قتل، أبسط وسيلة لدى الضباط الآن للكشف عنها هي تعذيب المتهم أو تصفيته دون تحقيق أو دليل، على الرغم من وجود عدة بدائل أخرى مثل تطبيق نظام المرشدين والبحوث الجنائية".
دولة قمعية من الدرجة الأولى الحقوقية سلمى أشرف، مسئولة الملف الحقوقي في منظمة هيومان رايتس مونيتور، قالت إن السلطات الحالية تتعمد انتهاك الحقوق وقتل المصريين بشتى الوسائل إن لم يكن بالرصاص في المظاهرات يكون بالتعذيب في السجون أو الإهمال الطبي الذي يودي للموت أو تجاهل المضربين عن الطعام أو قتل المصريين داخل بيوتهم أو أثناء زيارتهم لأقاربهم في السجون أو بإصدار أحكام إعدام ظالمة ولا توجد محاسبة لأي من أفراد السلطة الحالية الذين يقتلون بدون حساب. وأضافت سلمى أشرف ل"المصريون"، أن المواطن المصري يعيش أسوأ مراحل حياته في تلك الفترة فلا حقوق له ولا احترام ولا قيمة له داخل وطنه أو خارجه ويمكن قياس ذلك برؤية ردود الفعل الدولية فإن هان المواطن داخل وطنه هان خارجها مع الأسف. وأشارت الناشطة الحقوقية إلى أن الفترة الحالية تتجاهل مصر جميع التزاماتها الدولية ومعاهداتها ضاربة بها عرض الحائط في سبيل الانتقام من المعارضة وتثبيت الرعب في قلوب المواطنين كي تسكت أصواتهم عن أي حقوق لهم. السلطات الحالية جعلت من مصر الآن دولة قمعية وديكتاتورية من الدرجة الأولى.