ناقش مجلس الشورى في الجلسة التي عقدها أمس برئاسة السيد صفوت الشريف رئيس المجلس قضية قيام بعض الصحف الأوربية بنشر رسوم مسيئة للرسول صلى الله وعليه وسلم ، حيث أدان الأعضاء موقف رئيس وزراء الدانمارك الذي رفض الاعتذار بدعوى حرية التعبير والرأي ورفض في بداية الأزمة استقبال السفراء المسلمين ، وناشدوا الشعب المصري ورجال الأعمال بمقاطعة المنتجات الدنمركية حتى لو كان حجم التعامل التجاري قليلا لن يؤثر في اقتصادهم ، كي يستوعبوا أن ما حدث إهانة لمشاعر المسلمين. وحذر الأعضاء من أن تكون هذه الهجمة الشرسة علي المعتقدات والرموز الإسلامية محاولة من جانب قوي متطرفة تريد أن تجذب الدول الإسلامية لردود أفعال لتشتت انتباههم عما يخطط له اليمين المتطرف الذي أخذ مقاليد العالم في البيت الأبيض والبنتاجون ووزارة الخارجية الأمريكية ، ودللوا علي هذا بما نشر اليوم من أن الرئيس جورج بوش حرض رئيس وزراء الدانمارك علي عدم الاعتذار. وتساءل الأعضاء هل ما حدث حرية رأي أم حرب ضد المسلمين ، مؤكدين أنها حربا شرسة ضد الإسلام بدليل أن الغرب يجرم أي حديث عن المحرقة اليهودية خلال الحرب العالمية الثانية حتى أن المفكر الفرنسي رجاء جارودي عندما شكك في وجود مبالغة في هذه القضية قدم للمحكمة وأدين بناء على قانون معاداة السامية. وأدان الأعضاء ازدواجية المعايير الأوربية، وأوضحوا أن هناك شراكة عربية أوربية، فهل هذه الشراكة اقتصادية فقط أم أنها يجب أن تكون شراكة تتضمن احترام الثقافة والديانات. وحذر الأعضاء من أن تكون هذه الحملة محاولة لإزكاء صراع الحضارات الذي بدأه الغرب وأن يكون الهدف هو إحداث الفوضى المنظمة في الدول الإسلامية التي تحدثت عنها وزيرة الخارجية الأمريكية، وأكدوا أن هذه الفوضى مدمرة وتستهدف تحقيق الأهداف الأمريكية في السيطرة علي مقدرات الدول العربية والإسلامية. وأوضح الأعضاء أن هذه الفتنة جاءت في صالح المسلمين وقد تكون نافعة إذ أدت هذه الحملة الشرسة ضد المسلمين والدين الإسلامي إلي توحيد المسلمين والتمسك بدينهم الحنيف ووقوفهم صفا واحدا يدين الإساءات التي صورت بحق رسولهم الكبير. ونبه السيد صفوت الشريف رئيس المجلس الأعضاء إلى التطورات الجديدة التي حدثت في هذا الموضوع وهي اعتذار رئيس الصحيفة بصورة علنية وبلغة عربية حتى لا يكون هناك عدم فهم لمقصده ، وتلا السفير محمد بسيونى أجزاء من اعتذار رئيس التحرير والتي يقول فيها إن هذه الرسومات أساءت لملايين المسلمين ولذلك نحن نقوم بتقديم اعتذار وأسفنا العميق لأن هذا بعيد كل البعد عن مقصد الصحيفة ، أعلن اعتذاري لما حدث وأعلن استنكاري الشديد لأية خطوة تستهدف في النيل من أديان وقوميات وشعوب كل أملي أن أكون قد أزلت سوء التفاهم. من جانبه ، أكد الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية اعتزاز مصر بدينها وحرصها على نشر تعاليمه السمحة وفكره المعتدل واعتزازها بتحمل مسئولية كبرى في الدفاع عن الإسلام وشرعيته على مدي أكثر من ألف عام. وأعرب عن أسفه لما نشر في صحيفة يولانذز بوست الدانمركية وبعض الصحف الغربية الأخرى من رسوم مسيئة إلي نني الإسلام في واقعة من شأنها تشويه صورة الإسلام ونبيه الكريم بما لا يخدم أي قضية ولا يحقق أي هدف بل يزيد من الكراهية والبغضاء والفرقة بين الشعوب. وأوضح شهاب أن مصر كان لها موقف واضح في مواجهة هذه الأزمة وتأكيدها على أن حرية التعبير يجب إلا تنال من الأديان وأن التمادي في نشر هذه الرسوم ينزلق لمنطقة خطيرة وأن حرية التعبير يجب ألا تكون ذريعة للنيل من المقدسات والمعتقدات والأديان. وأكد أن الحكومة تحركت واتخذت العديد من الإجراءات لوقف هذه الممارسات ومطالبة الجهات المعنية بالاعتذار الفوري عنها ، ونفي بشدة ما أشيع عن أن مصر سكتت علي الرد علي المساس بالعقيدة ، موضحا أن مصر كانت أول من تحرك رافضه الإساءة للرسول الكريم يعد يومين فقط من نشر الصحيفة لهذه الرسوم. وعدد الوزير جهود مصر للرد على تلك الرسوم ، مشيرا إلى أن وزير الخارجية طلب في 30 سبتمبر من سفيرتنا في كوبنهاجن عقد اجتماع عاجل لوزراء الدول الإسلامية هناك ووجهوا خطابا يوم 12 من أكتوبر لرئيس وزراء الدانمارك يستنكرون من هذه الحملة وحثوه علي محاسبة المسئولين وطلبوا مقابلته بصورة عاجلة وبعد عشرة أيام استعدت وزارة الخارجية سفير الدانمارك في القاهرة وأبلغته أن مصر ترفض هذا الأسلوب. وأضاف أن الوزارة طلبت من سفارتنا في كوبنهاجن أبلاغ المسئولين هناك بأن مصر لن تؤيد مرشحهم لعضوية لجنة التمييز العنصري ، وأنها ستطلب من الدول الإسلامية عدم تأييد أي مرشح دنمركي لمنصب دولي كما قام وزير الخارجية بإخطار الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي للتعامل مع هذا الموضوع وكذلك تم إرسال رسائل لكل من كوفي عنان أمين عام الأممالمتحدة وخافيير سولانا الممثل السامي للسياسية الخارجية والأمن التعاون في أوربا والرئيس الحالي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ، وتم شرح المواثيق الدولية التي تحرم الإساءة للأديان. وأوضح شهاب أن الحكومة استعدت سفير الدانمارك مرة أخري وأبلغته استياء مصر من الحملة ضد الإسلام وتساءلت عن سبب موقف الحكومة الدنمركية السلبي وهل كانت ستتخذ نفس الإجراء إذا يتعلق الأمر بما يسمي معاداة السامية. وفي 12 نوفمبر الماضي التقي وزير الخارجية مع وزير خارجية الدانمارك علي هامش اجتماع منتدى المستقبل بالبحرية وطلب منه موقف واضحا من حكومته تدين مثل هذه التصرفات التزاما من الدانمارك بتعهداتها الدولية. وتقدمت مصر أيضا بمذكرة لإضافة فقرة في البيان الختامي الصادر عن القمة الإسلامية في مكة يستنكر ازدراء الأديان والتشهير بأي دين أو ثقافة في ضوء عدم إمكانية الاستجابة لطلب مصر تخصيص بند مستقل حول هذا الموضوع بسبب ازدحام جدول أعمال القمة . وقام شيخ الأزهر باستقبال ممثل الجمعية الإسلامية في الدانمارك وأصدر بيانا شديد اللهجة تضمن احتجاجا للأمم المتحدة احتجاجا للأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وأرسلت الوزارة هذا البيان إلى بعثة الأممالمتحدة في نيويورك لطلب إصداره كوثيقة من وثائق المنظمة الدولية. وأضاف الدكتور شهاب أن سفيرتنا في كوبنهاجن وعلى هامش اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء الدنمركي بسفراء أكثر من سبعين دولة منذ ثلاثة أيام لمناقشة تداعيات الأزمة أكدت في كلمتها أن رد فعل رئيس الوزراء علي الأزمة غير كاف وأنه يجب أن يعمل المزيد من أجل تهدئة مشاعر الغضب في العالم الإسلامي . وأكد وزير الدولة تأييد الحكومة لما صدر عن نواب مجلس الشعب والشورى في هذا الأمر موضحا أن مصر عند مواجهة الأزمات تقف علي قلب رجل واحد وفكر واحد لا فرق بين حكومة ومعارضة فكلنا مصريون لا نقبل الإساءة إلى الإسلام وندافع عنه في كل مكان وزمان مهما كانت التضحيات.