تمكن العلماء من خلال الحفريات التي أجروها في منطقة الأناضول الشرقية، من الكشف عن المجازر التي ارتكبتها العصابات الأرمنية في المنطقة، أواخر القرن التاسع عشر، ومطلع القرن العشرين. وتمكن مركز دراسات العلاقات التركية الأرمنية، التابع لجامعة أتاتورك، من خلال الأبحاث التي أجراها بهذا الشأن، من العثور على 185 مقبرة جماعية، تعود للمدنيين الذين تعرضوا للقتل على يد العصابات الأرمنية. وأظهرت الأبحاث العلمية والفحوصات التي أجراها العلماء والمتخصصون، على الرفات التي تم العثور عليها في المقبرة الجماعية الخامسة عشر، أن الرفات يعود لمسلمين أتراك، حيث قام مركز دراسات العلاقات التركية الأرمينية بأول حفريات، عام 1986، في مدينة "زيفة" بولاية وان شرقي الأناضول، وقرية "ألاجا"، بولاية أرضروم شمال شرق تركيا، ومنذ ذلك الحين استمرت الحفريات، في عدد من الولايات بينها أرضروم، وبتليس، وغيراسون، وأرضاهان، وقارص، واغدير، وتم من خلالها العثور على رفات 5 آلاف مسلم تركي. إلى ذلك قال البروفيسور "كورتشو أوغلو"، إن المدنيين العزل من المسلمين الأتراك الذين ظلوا خلف الجبهة، تعرضوا لمجازر اقترفتها العصابات الأرمنية، وأنهم كشفوا عن تلك المجازر من خلال الحفريات التي قاموا بها، وفقاً ل " الأناضول " وأوضح كورتشو أوغلو، أن أولى الحفريات جرت في قرية زيفة بولاية وان، وعثر فيها على رفات 370 شهيداً، وفي قرية ألاجا بولاية أرضروم، والتي عثر فيها على رفات 278 شهيداً، مبيناً أن حفريات أخرى جرت في ولايات الشرق، وجنوب الشرق، منها ديار بكر، وبتليس، وأرضاهان، وموش، وأرضروم، ووان، وتم إكتشاف المزيد من المقابر الجماعية فيها. ولفت كورتشو أوغلو أن 15 مقبرة تم اكتشافها بواسطة الأساليب العلمية، وأنه تم التحقق بالفحوصات أن الرفات تعود لمسلمين أتراك كانوا يعيشون في القرى والبلدات ذاتها، وأنهم قتلوا على أيدي العصابات الأرمنية، مبيناً أنهم كانوا من المدنيين العزل، من المسنين والأطفال، كما أشار أنهم (المركز) اكتشفوا مكاناً جديداً في قرية "بوريكلي"، بولاية أرضروم، قتل فيه عدد من النساء والرجال. وتطالب أرمينيا واللوبيات الأرمنية في أنحاء العالم بشكل عام، تركيا بالاعتراف بأن ما جرى خلال عملية التهجير على أنه "إبادة عرقية"، وبالتالي دفع تعويضات. وبحسب اتفاقية 1948، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص منع جريمة الإبادة العرقية والمعاقبة عليها، فإن مصطلح الإبادة العرقية، يعني التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية.
وتؤكد تركيا عدم إمكانية اطلاق صفة الإبادة العرقية على أحداث 1915، بل تصفها ب"المأساة" لكلا الطرفين، وتدعو إلى تناول الملف بعيدًا عن الصراعات السياسية، وحل القضية عبر منظور "الذاكرة العادلة" الذي يعني باختصار التخلي عن النظرة أحادية الجانب إلى التاريخ، وتفهم كل طرف ما عاشه الطرف الآخر، والاحترام المتبادل لذاكرة الماضي لدى كل طرف. كما تقترح تركيا القيام بأبحاث حول أحداث 1915 في أرشيفات الدول الأخرى، إضافة إلى الأرشيفات التركية والأرمنية، وإنشاء لجنة تاريخية مشتركة تضم مؤرخين أتراك وأرمن، وخبراء دوليين. وكان رئيس الوزراء التركي "أحمد داود أوغلو"، زار أرمينيا عام في كانون ديسمبر 2013 بصفته وزيرًا للخارجية في تلك الفترة، وأكد في تصريح صحفي، عقب الزيارة، ضرورة حل القضية عبر تبني موقف عادل وإنساني، بعيدًا عن المقاربات أحادية الجانب، والتقييمات الظرفية، منوهًا أنه لا يمكن صياغة التاريخ إلا عبر ذاكرة عادلة. بدوره أعرب الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، عن تعازيه لكافة مواطني الدولة العثمانية الذي فقدوا حياتهم إبان الحرب العالمية الأولى، وعلى رأسهم الأرمن، ووجه دعوة من أجل السلام والتصالح، في رسالة بتاريخ 23 ابريل 2014، عندما كان رئيسًا للوزراء.