دعوة للتعايش السلمي أطلقها مهرجان "جوودي أواردس" (الشجاعة باللغة السواحلية) الثقافي، الذي احتضنته، مؤخرا، مدينة بوتمبو الواقعة شرقي الكونغو الديمقراطية.. ففي هذا البلد الذي يضم 250 من القبائل المشكلة للأمة الكونغولية المتعارف عنها تعدد الصراعات القبلية بين بعضها البعض، جاءت هذه التظاهرة الثقافية لتدعو إلى تجاوز النزاعات الإثنية، وخلق مناخ ملائم للتعايش من أجل المصلحة العليا للبلاد. غودفروا ماتيمبيا نائب رئيس بلدية بوتمبو ورئيس لجنة تنظيم المهرجان قال خلال كلمة ألقاها في افتتاح الدورة الأولى لمهرجان "جوودي أواردس": "لقد تمكنا عبر هذا الحدث الثقافي من تجميع كافة العناصر المكونة للكونغو الديمقراطية، وهذا يبرهن على أنّ إثنيات الكونغو، ورغم من بعض الأحكام المسبقة التي تربطها بالعقلية القبلية، إلاّ أنّها تتشارك المصير ذاته"، مضيفا أنّ "جميع الشعوب تتمتّع بحقّ التعبير والتفكير بشأن أسباب الصراعات الإثنية في مناطق الكونغو الديمقراطية، ومن ثمّة تقديم الحلول عبر الرقص والغناء والأمثال الشعبية وجميع التعبيرات الفنية والثقافية، كل حسب لغته". المهرجان شهد مشاركة ممثّلين عن جميع القبائل الكبرى المنتشرة على كامل تراب البلاد، وهي قبائل ناندي والهوتو ونيانغا و بابير ومبوتي بيغمي (شمال كيفو)، إضافة إلى شي وليغا (جنوب كيفو) و آلور (الإقليم الشرقي) ولوبا (كاساي و باندوندو) وبانغالا (خط الاستواء و كنشاسا) وكيمبانجي كونغو (الكونغو السفلى) وكاتانغي (كاتانغا). المشاركون إتفقوا جميعهم على ضرورة إرساء السلام في كامل أرجاء الكونغو الديمقراطية وفي الدول المجاورة "لينعم الشعب الكونغولي بالثروات التي تزخر بها أراضيه". ولتحقيق السلام المنشود، اعتبر البعض منهم أنّ الوصول إلى سلم دائم هو شان ينبغي أن ينطلق من القاعدة قبل أن يكون محور اهتمام السلطات الوطنية والإقليمية والمجموعة الدولية". وعرفت الكونغو الديمقراطية التي تضم 77 مليون ساكن مفرقين على 250 قبيلة، يعرف عنها فخرها بالانتماء إلى الأمة الكونغولية، الكثير من النزاعات الإثنية، خلفت المئات من الضحايا، لا سيّما خلال الصراع الذي جمع بين قبيلتي الهيما و ليندو (2002-2003)، أو صراعات أخرى بين النيانغا و هوندي وبين التوتسي والهوتو في لوبيرو والصراع الذي جمع بين شعب البانتو و البيجمي في كاتانغا. جرمان فان كاتسيوا ممثل طلبة بوتمبو، قال في حديث للأناضول، إنّ التصور الخاطئ الذي يجول بذهن البعض عن مفهوم الإثنية قد أفضى إلى اندلاع عدد من الصراعات في العالم، على غرار المجزرة الرواندية والمجزرة التي حدثت في السودان وأزمة ما بعد الانتخابات الكينية عام 2007 مع جملة التداعيات السلبية التي أعاقت نماء المنطقة"، داعيا ممثلي المجموعات العرقية المشاركة في هذا المهرجان الثقافي وبقية الأطراف الوطنية، إلى التعامل بإيجابية مع التنوّع الثقافي في الكونغو الديمقراطية. المهرجان انتظم بمشاركة السلطات المحلية والمجموعة الدولية الممثلة عبر بعثة الأممالمتحدة في الكونغو الديمقراطية (مونوسكو)، كما شهد، في ختامه، توقيع المشاركين لإلتزام تعايش و سلام وانسجام اجتماعي. وإضافة لذلك، تعهّد المشاركون بالقضاء على أي شكل من أشكال التمييز المتعلق بالأصول القبلية، وبإنشاء إطار حوار وتشاور بمرافقة الحكومة، إلى جانب بتسوية الخلافات التي قد تنشب من حبن إلى آخر.